في الذكرى السنوية الأولى لرحيل د. كمال رشيد

في الذكرى السنوية الأولى لرحيله

كمال رشيد

أحن إلى زمن كنت فيه

د. كمال رشيد رحمه الله

د. بلال كمال رشيد

[email protected]

هي ذي تمضي سَنَة.... يا ليتها كانت سِنَة من نوم فأصحو منها وألقاك..!!

هي ذي تمضي... ولم يزدك الغياب إلا حضوراً.. ولم يعطك الموت إلا حياة أبهى فأراك رمزاً.. وأزداد بك مجداً وعزاً !

سنة اقرأها رواية تروي شقاء قلوب... تواري دمع عيون.. فصولها تفصل القول في بطل كان و غاب.. أقرأها شخوصاً ... زمنا...ًمكاناً...حدثاً...عقدةً... رواية تخالف كل الروايات..

أجد المكان وفياً.. والشخوص أوفياء.. أجد بصماتك في المكان والشخوص

أجد الزمن خائناً إذ لا يجمعني بك.. وكان في الماضي لا يجمعني إلا بك .. كان لا يبدأ يومي ولا ينتهي إلا حين أراك.. ما عاد الزمن وفياً.. بل بقي ماضياً .. وانتهى  حين انتهيت .. ماعاد الزمن يسايرني أو يسامرني .. أعيش مع (كان) وحدها .. أراني شيخاً هرماً .. أعيش على ذكريات الماضي .. إذ كنت فارسها وحاضنها .. أعيش الشباب هماً وغماً وشيبا..ً أجد الزمن مرتداً إلى ماضيك ... يعيدني إليك ذكرى .. لأراك طيفاً وضيفاً .. عابراً عَبْرةً واعتبار !!

ها نحن إخوة .. لم نرتكب إثماً ولا جرما .. لم نجد أباً نأتيه عشاء باكين .. وبكينا أبا وأما .. بكينا أنفسنا .. حتى رأينا الشمس والقمر والكواكب تبكي ما كنا باكين .. نودع ما كان .. معنا وفينا ومنا .. نستقبل زمن البكاء .. زمن الرثاء ..ما يبدد الأحلام والآمال .. ما يجعل الأفراح بعدكم حزنا!!   

أجد الحدث أحداثاً  تشكل عقداً تتناسل .. ولا أملك لها حلا .. إذ كنتَ لكل مشكلةً حلا!

أجد المكان وفياً .. محافظاً على بصماتك فيه .. أجد المكان : بيتاً..  مدرسة .. مسجداً .. منبرَ  علم وفكر ٍ.. ميدان عملٍ .. وحيثما كنت كان بك المكان زاهياً .. وفيا.. يبكيك اليوم مثلما نبكيك .. حتى كنت أنت المكان الذي تبكيه النفوس ظلا !! وأضحى المكان بعدكم طللا!!!

أجد الشخوص أوفياء .. يبحثون عنك فينا .. ونحن نبحث عنك فيهم .. نتلاقى ولا نلقاك إلا رمزاً وطيفاً .. ومعنى ً نناديك لتكون معنا : نسمةً وبسمة ً فكيف لا تكون لنا ولهم أباً وخلا ؟!!

سنة عشتها .. وأنت تقدمني إلى الناس قارئاً .. وأقدمك إليهم شاعراً .. وتقدمني خواطر ومشاعر .. تقدمني راثيا..ً وأقدمك مرثياً.. تقدمني حاضراً.. وأقدمك غائباً ..

أقدمك وفياً ولا أراني في بحر جودك .. ووفائك.. إلا عاقاً .. أرتديك قناعاً؛ لأقنع أحبابك بأنك حي باق .. وأن أعمالك لا ولن تنسى!!

أحنّ إلى زمن كنت فيه .. إلى شخصك.. وسمتك ..وبسمتك.. إلى قولك ومقالك .. إلى شِعرك وشعورك .. إلى صمتك وصوتك .. إلى عينيك .. إلى تقبيل يديك.. أحن إلى مرافقتك .. إلى ندائك .. إلى نصيحتك .. أحن إلى ما يريني إياك كبيراً.. كما كنت .. لأراني صغيرا .. كبرت بعدكم كثيرا .. كثيرا.. أحن إليك: أبا وصديقاً .. أحن إلى كرم عينيك وشفتيك .. أحن إلى روحك ؛ لتبعث فيّ الحياة من جديد !!

هي ذي سنة تمضي ولم يزدك الغياب إلا حضورا ، وأضحيت رمزاً به نزداد مجداً وعزا .