ليلى الأحدب

ليلى الأحدب

مخاصمة الفكر و الواقع

بقلم:علاء الدين ال رشي

((ما أكثر المنظرين وما أقل الفاعلين) د.المحامي نجيب النعيمي
المشهد الثقافي والفكري العربي فقير بالمبدعين وأفقر مافيه إبداع النساء العربيات وذلك لظروف متشابكة لعل من أهمها نظرة العربي الذي تحكمه رواسب بيئية قاهرة وأكداس غير مقنعة من التصورات الساذجة والمختزلة تجاه المرآة والتي حالتدون انطلاقة راشدة وذكية للنساء
, كما أن المرآة اغتيلت ملكاتها ووأدت إنسانيتها باستخدام النص الديني الذي رهنته المؤسسة السياسية في فترات كبيرة لخطاب الجغرافيا (العادات المحلية)....... والتاريخ( بالمعنى البدوي المحكوم بالذهنية الذكورية ) وقد شجعت ووظفت بل واستفادت السلطات السياسية من هذا كله في تجهيل المرآة أكثر وأكثر فمرآة جاهلة لاتحسن تربية أبناء يطالبون بحقوق المواطنة كاملة خير عون لاستقرار العفن السياسي وبقاء الحال دون تغيير كما أنه عندما   يتم التعامل مع المرآة على أنها مجرد جسد لاتقرا الاعلى السرير تتحول بالتالي إلى آلة  للإنجاب والخدمات المنزلية ويكون الرجل قد استبدت به غرائزه فصار ثورا جموحا ويطرأ التغيير على   ملامح المجتمع الإنساني الذي سيتحول بدوره إلى حديقة حيوانية تحكمها السيطرة للأقوى وشريعة الغريزة ولذلك لا تزال المرآة تترنح بين ضربات وضربات فمن  الإغلاق المطبق   إلى الإطلاق المحرق البشع اليوم الذي يغرق في تمزيق فتياتنا في ظل إعلام فاضح ينتقي لنا غنج شاكيرا وشذوذ رويي وائارة هيفاء وهبي وانحلال نانسي عجرم..... ويسطح أحلام فتياتنا من خلال علاقاتي الاجتماعية واختلاطي بالواقع أيقنت حجم الانكسار الذي لحق بالفتاة والمرآة العربية......ومن هنا بات وجود مبدعة فاعلة مثل ليلى الأحدب في واقع عربي مكفهر كرؤية العنقاء ذلك الطائر الأسطوري ليلى الأحدب تقرب إلى حواسنا جمال المرآة الحقيقي ليس بالمساحيق المحلوبة ولا بتصنعات واثارات وإنما من خلال تجربتها الرائعة فعلى الرغم من كونها حلبية في جذورها وأصولها العائلية وحلب معروفة بتدينها المحافظ الذي لا يعبئ بالتجديد كثيرا   وعلى الرغم من تعرضها لصدمات حياتية قلما تحتملها امرأة فقد قبلت النزال وحمل المسؤولية أمام الله ونفسها الناس ورعت طفليها اللذين ورثتهما من تجربة زوجية لم تستمر.....وتحدت الغربة ووقعت اسمها في صفحة الحياةأما مربية وطبيبة نبيلة ومصلحة اجتماعية ينحر طغياننا النفسي وتثاؤبنا العقلي  وفارسة في ميدان الكلمة ومجتهدة مجددة ومصلحة اجتماعية و صاحبة قلم يزدري الواقع المغلوط ولا يعرف الهدوء إلا على ركام العادات الدخيلة والأفكار الفاسدة    (انظر إن شئت كتابها حوار الثقافات )   ليلى  تعيد إلى الذاكرة صورا حميمة للقلب فهي تعطي نموذجا رائعا للمرآة
المسلمة التي تستطيع عقد قران بين معاصرتها وإسلامها تنظر إلى الواقع وتحلله تقراه وتجتهد وفق إمكانياتها وحسب استطاعتها في تقديم رأيها قد تختلف معها وقد تشكك في صحة ما تدعيه من اجتهادات وهي تحفظ لك هذا الحق   ولكنك ستحترمها حقا لإخلاصها ولتجردها من أجل الإنسان والحقيقة وهي في الوقت نفسه لا ترغمك على تبني آرائها وقد اختلفت معها في موقفها من الشهيدة ريم الرياشي واتصلت بها وأخبرتها عن نقدي لها ولكنني مع هذا أثق تماما أنها ليست انبطاحية أو خوارة أو صاحبة هوى  ومع هذا وحسب رأيي ورأي الكثيرين ممن تتبعوا تلك المقال أن الصواب قد جانبها.... وبفي الود قائما بيني وبينها على الرغم من اختلافي معها في أكثر من قضية أو رأي . وأستاذتنا ليلى   تفكر ولكنها تخاصم التفكير التقليدي الذي يريدنا أن نتقدم خطوات نحو الوراء أو يريد منا أن نشتغل بحروب موهومة قد تجد حدة في أسلوبها وقد تنتقدها ولكنها حرقة الصادق وأسى العاقل وتتمحص في الواقع وتضع قدميها على صخرة الوفاق الفكري مع الآخرين وإحياء مبدأ العلاقات المشتركة  والقوا سم والقضايا الكبيرة ولكنها لا تحتكم إلى معادلاتالواقع الأسيرة إلى محاكمات غير مدروسة والسيدة الكريمة   لا تنتمي إلى مدرسة أيدلوجية معينة أو تنظيم ما ومن خلال أسئلة الناس لي واستفساراتهم عنها _لعلاقتي بها من خلال مركز الراية الذي تدير النشر فيه _ وجدتهم قد احتاروا فيها فأحدهم يعزوها إلى الصف الصوفي وبعضهم يظنها أنها جريئة إلى درجة الإباحية والخروج من الحياء وبعضهم يتحدثعنها باستخفاف وبعضهم يتهمها بالضعف الشرعي وآخرون يزعمون أنها تنتمي إلى فكر الأستاذ جودت سعيد وهناك من يدعي أنها من تلاميذ د.البوطي ومع أنني أرفض فكرالتصنيف الذي لا تطيق التملص منه عقليتنا العربية وهي العقلية التي تتنافى مع المنهج القرآني الحكيم (ولا يجرمنكم   شنآن قوم على الأتعدلوااعدلوا هو أقرب للتقوى ) فالحكم على خطأ أو صواب الشخص من خلال سلوكه وفكره وليس من خلال عزوه إلى مرجعية ما أو الاستخبار عن مدرسته كل ما فعلته السيدة الفاضلة أنها رسمت حلولا واقعية ومنطقية لكثير من المشاكل الحرجة ولم تلتزم الصمت بل هاجمت وبشدة كل ما يريد إهانة عقلنا أو هويتنا أو مشروعنا وقربت إلى الحيران أو الحيرانة أدوية من صيدلية الإسلام كل حسب مرضه وحاجته, والمأزق الذي وقعت فيه السيدة الدكتورة يذكرني بأيام الدراسة الشرعية في بلدتي دمشق حيث لا أنس الشيخ وهو ينظر الي محدقا وهو يصرخ بأعلى صوته (احترنا فيك يا علاء أنت من أي جماعة هل أنت صوفي أم سلفي أم فكري أم شحروري (نسبة إلى محمد شحرور) وهي دائما محنة أهل الاعتدال كما يسميها أخونا الدكتور محمد الهاشمي حيث يدفع المثقف ثمنا كبيرالاستقلاليته تلقت معارفها الإسلامية الأولى على يد مربيات صادقات ينتمين إلى المدرسة (القبيسية ) وهو اتجاه إسلامي نسوى معروف ونشيط في سورية ولكنها سعت إلى القراءة الفردية ونمى عندها الجانب الفلسفي والنفسي والتربوي وسارعت أثناء دراستها الطب في دمشق إلى حضور حلقات العلم في المساجد ولازمت الاستماع إلى محاضرات الدكتور البوطي واستفادت من روحانيته الجانب الذي اشتهر فيه الشيخ   سعيد وعملت على تطوير مداركها وشغفها من خلال مطالعتها الخاصة الكثيرة والمتنوعةأعتقد أن ندرة من نسائنا في البلاد العربية   من اللواتي يقاربنها برجاحة عقلها وحكمتها في حل المشاكل الواردة إليها من خلال (إسلام أون لاين ) أو من المجموعة التي أسستها هي (الراحمون الراشدون ) تعيش اليوم بالأمل المصحوب بالعمل تدافع عن مشروعنا الوسطي وهي تطبق السمع والمخالفة وهو المنهج القرآني الذي يرفض استرخاء العقل والقبول بالآبائية الفكرية وتتخير من المدارس والرؤى الفكرية ما يدعم توجهاتها تدعم مقالاتها باستبطان واضح لعقلانية الشيخ محمد الغزالي واستفادة جلية من المواقع الإلكترونية التي تديم ليلى النظر والترحال في هذا العالم العنكبوتي الكبير كما أنها تطور من أسلوبها بشكل سريع وهي تدعم نفسها وقد تعاونا معا على استصدارمجموعة من الكتب الخيرة والنبيلة والرفيعة المستوى منها أسئلة محرجة وأجوبة صريحة بأجزائه الثلاثة وحوار الثقافات وأسهمت في السلسلة التربوية الرائدة (مالا نعلمه لأولادنا ) وكتبت ألف باء الحب والجنس وهو يعد ثقبا في المحظور المزيف من وعينا تأسرك هذه السيدة بنشاطها وهمتها الواضحة في خدمة الانسان والحقيقة والمجتمع والراهن والمستقبل وهي تنضم الى ذلك الموكب الأصيل  الموصول بعائشة بنت الصديق والذي يمر ببنت الشاطئ وحميدة قطب وسهيلة زين  والعابدين ونوال السباعي وسميرة     الزايد وهبة رؤوف عزت والخير باق في أمةمحمد الى يوم القيامة