سعادتنا اختيارنا
شئنا أم أبينا ، أن الحياة لا تخلو من غاية وهدف ، أيا كان هذا الهدف ، فقد يكون الهدف صغيرا وهذا اختيار ، وقد نختار أهدافا كبيرة وهذا اختيار ، فمنا من يختار حياة الراحة والاستجمام والترف ، فيعيش حياة مولعة بالمتعة ، ومنا من يختار حياة التعب وتسلق الصّعاب ، لا يختارها تعذيبا للنفس إنّما يختارها عن قصد ، سيرا على دروب من ساروا في طريق النجاح .
هذه هي الحياة نجني ثمارها باختيارنا ، نجني محصولها بإرادتنا ، فالواحد منا يصنع سعادته أو تعاسته باختياره ، فلا أحد يجبرنا أن نسير في طريق الضّياع أو التيه ، فلو قررنا أن نسلك طريق السعادة ، فسنسلكها حتما بتوفيق الله وعونه ، فمن يختار السير في طريق الوحل وطمي الطين فسوف يسيرها باختياره ، فلا يلوم أحدا إن اتسخت ثيابه وتبللت، ولا يلوم أحدا إن خالف قواعد السلامة والأمن بقصده ، فتعرض لمكروه أو أصابه ضرر، فما جناته، ثمرة غرسه ، وصناعة يديه .
فما تعلمناه في حياة التربية أن البدايات الصحيحة تقودنا حتما لنهايات صحيحة ، فسلامة البدء تقود لنهايات الصحيحة، فإن صحت البداية كان التوفيق حليف من سار على الدرب ، كما جاء في الأمثال العربية ( من سار على الدرب وصل ) .
يقول الله تعالى في القرءان الكريم ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ سورة النازعات ...
فإن أخذ زمام المبادرة لقيادة أنفسنا لطريق السّعادة أمر ضروري ، فنأخذ المبادرة لاختيار المبدأ الصحيح الذي نسعد به في حياتنا الأولى والآخرة بعد توفيق الله لنا .
وأن نأخذ المبادرة فنختار الرفيق الذي يشاركنا حياتنا ، ونأخذ المبادرة فنختار الصديق والزوج ، فنختار الصديق الوفي والزوج الصالح ، والصاحب المؤتمن ، وقبله نأخذ زمام المبادرة فنختار الطريق الذي يوصلنا لبر الآمان والسعادة الدائمة و ذاك اختيارنا .
فإن اختار المرء طريقا غير طريق الله ، فقد اختار طريق الشقاء والتعاسة والتعب والقلق ، فقد اختار طريقا بعيدا عن الاستقرار والطمأنينة، فالسعادة الحقيقية أن ننحاز بطوعنا للآمان والسكينة والدعة وراحة البال .
يقول المولى عز وجل في ذلك :
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ٰ﴾
[ طه: 124]
وسوم: العدد 1078