همسات القمر 83
* في زحام الحياة وضجيجها ، أفتقد نفسي وأشتاق لها
أبحث عنها في زقاقها وحواريها.. في بائس أكواخها وشاهق مبانيها.. في قلوب أهلها الحائرة ونفوسها الثائرة.. في نظرة حزن لمسكين ألقته شريدا في دروبها.. في دمعة لطفل صفعه أهل الحياة بلؤمهم وجبروتهم.. في جسور تكاد تتكسر تحت وقع خطا عابريها..في فوضى ركامها وحبيس حسامها.. في أشرعتها التي توشك على الرحيل.. في كل طريق ودرب وسبيل...
أجدها بعد عناء ولأواء.. بعيدا تنفرد بذاتها ، تناجي قمرا، تنادي طيرا، تهامس شجرا، تبوح في أذن البحر سرا..
أدرك عمق معاناتها..
أحتضنها وأعود بها إلى حياة ما هي بالحياة..
يحدوني أمل بإشراقة صبح تترنم به الشفاه
* تداعبنا شمس صباح متقدة بالعزيمة والأمل
منا من يضيء في قلبه نورها ليشرق في الحياة حبا وعطاء
ومنا من يوقد نارها ليشعل الحريق ويمحو من الدنيا كل بهجة بريق
*تتوزع مشاعري في دروب شتى..
ألاحقها هنا وهناك..
أحاول ترتيبها على رف قلبي ومهد روحي .. بالترهيب تارة.. وبالترغيب أخرى
تمعن في شقاوتها لأبدو كمن يلاحق سرابا ولا يظفر بغير الوهم
أتوقف قليلا.. التقط أنفاس عزيمتي ..أبث الحياة في همتي .. ومثل حاو يجعل أفعاه تتراقص على عزفه الشجي.. أجعلها تقبل نحوي ملتفة حولي متراقصة حول نبضات قلبي..منقادة لترانيمي الدافئة التي صهرت في بوتقة المعاناة.. حتى فاضت عابقة بعطر الحياة..
كطفل مذنب أمسكت أطراف ثوبي مطأطأة رأس خجلها في انحناءة اعتذار..تسللت إلى دفء قلبي لتنعم بأحلام نومها العذبة..
براءة لذيذة ارتسمت على محيّاها أنستني ذنبها واستهتارها.. ابتسمت لها ..ربتّ عليها بحنو..منحتها قبلة عفو وسلام
*في كل لحظة تمرد
وفي كل غفوة نسيان
وفي كل فكرة عبرة
وفي كل نفس بركان
وما بين المتناقضات..
يسمّرنا مكان.. ويدور بنا زمان
لنغدو على شفاه الحياة...
كان يا ماكان..
*يرفعون شعارات حبها
يترنمون بعشقها
يكتبونها أشعارا، ينشدونها تراتيل فخر وتباتيل وجد
يرسمونها لوحات ناطقة تختال بحسنها وتزدهي بجمالها
وماذا بعد؟؟
أيترك المحب محبوبته لعدوه؟
أيهون عليه قيدها الذي حفر خنادق قاسية في لحمها الغض الطري؟
أيرضى البعد عنها والاكتفاء بحروف بلهاء لا تسمن ولا تغني من جوع؟
أي حب كاذب هذا؟ وأي عشق مراوغ ؟
كم تتمنى أن تسند همومها على أكتاف رجالها.. ما تكاد تميل عليهم، إلا وينهار جدار حسبته صلدا قويا؟؟
كم تنتظرهم على طرقات الأماني ودروب الأحلام التي تستفيق منها على صفع واقع مرير ؟
تعدّ ثواني ودقائق وساعات اللقاء.. فإذا بساعاتهم معطلة منذ عشرات العقود، ولا وقت لديهم لها!
أما من يصون الهوى ؟؟
أما من يروم الموت ويكون لها الفدا ؟
أما من يحمي أرضها وعرضها بدمه ؟
أما من يضيء ليلها بشموع قلبه؟
أما من يقلع أشواكا دامية قلبتها على جمر حرقة وأنين ألم وعذاب؟
حتى متى ؟؟؟
*أهمس..
يرتد صدى همسي غريبا شاذا وكأنه لشخص لا أعرفه..
ماذا اعتراه، ما الذي بعثر صوته في مجاهل الضياع ؟
وسوم: العدد 676