يبدو أن بعض قادة حزب العدالة والتنمية متواطئون في لعب أدوار مشبوهة في مسرحية سياسية هزلية أوشكت على النهاية
يبدو أنه قد ترسخت لدى الشعب المغربي قناعة مفادها أن قيادة حزب العدالة والتنمية المحسوب على الإسلام ممثلة في وزرائها متورطة في محاولة بث اليأس فيه من الثقة مستقبلا في الرهان على الإسلام كحل لمشاكله ، وأنهم تقومون بأدوار مكشوفة في مسرحية هزلية سياسية ، و أن أقنعتهم قد سقطت من خلال إما مواقفهم أو سلوكاتهم المنافية لمبادىء حزب محسوب على الإسلام حسب ما يدعونه .
و لعل آخر قناع سقط هو قناع الوزير الذي صوّر في أحد شوارع العاصمة الفرنسية وهو يمسك يبد امرأة سافرة . وقد أثار سلوكه هذا غير المقبول أخلاقيا باعتبار منصبه ،وباعتبار ما كان يظهره من تدين أو يتظاهر به ضجة كبرى في أوساط الشعب المغربي لأنه مناف للسلوك الإسلامي المفروض في رجل كان يظن به الورع وقد اشتعل رأسه شيبا ،والشيب منذر بقرب الرحيل عن الدنيا .
ولقد ظن الناس أول الأمر أن الصورة مفبركة كما صار ذلك شائعا في وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن البيت الداخلي للحزب أكد صحتها من خلال الجدل الدائر فيه بين مناضليه والذين استنكر بعضهم سلوك وزيرهم، كما أكد ذلك هو بنفسه رد اعلى منتقديه بالدفاع عن سلوكه المنافي لما يدعيه من تدين لأن الخلوة مع امرأة أجنبية لا يقرها الإسلام .
ولقد كان بإمكان الوزير أن يأتي البيت من بابه لوكان يريد ربط علاقة شرعية مع تلك المرأة ،فيتقدم إلى محكمة الأسرة بطلب الزواج منها معددا لأنه متزوج ، ولن تزيد المحكمة عن سؤاله سؤالا واحدا فقط وهو سبب التعديد، ولن تسأله عن وضعيته المادية كما تفعل مع عموم الراغبين في التعديد لأنه وزير . ولو تصرف بهذا الشكل لما لامه أحد ، ولما صار حديث كل لسان ، ولما اضطر للدفاع عن سلوك غير مقبول شرعا ، و لا ينفع الدفاع عنه بل يعتبر إصرارا عليه .
والملاحظ أن بعض القياديين في هذا الحزب سواء كانوا وزراء أو دعاة من الذين أثيرت حولهم الضجة بخصوص سلوكاتهم الأخلاقية المريبة ، تنكبوا الطريق الصحيح والمشروع والبعيد عن الشبهة إما بالتعديد أو بإعادة الزواج ، فصاروا بذلك حديث الألسنة ، ولم يقدروا الضرر الذي لحق بحزبهم الذي يدعي المرجعية الإسلامية ، بل لم يقدروا الإساءة إلى الشعب الذي وضع فيه الثقة بسبب تلك المرجعية المزعومة ، بل بسبب الثقة في الإسلام لأنه شعب متدين محافظ له قناعة راسخة بأن الإسلام هو الحل لكل مشاكله كما كان الشأن منذ قرون ، وهو أيضا الشعب الذي إذا خدع بالله انخدع لمن يخدعه.
وبعد تكرار سلوكات ومواقف بعض قياديي حزب العدالة والتنمية المنافية لما يدعونه من تدين، بدأت الشكوك تحوم حول دور هؤلاء في التواطؤ مع جهات تروم تكريس فكرة فقدان الشعب الثقة مستقبلا بكل من يدعي المرجعية الإسلامية من الذين يمارسون السياسة ، وذلك بإقناعه بأن السياسة شأن غير المتدينين، فإذا ما مارسها المتدينون تبين فشلهم بل سقطت الأقنعة عن نفاقهم ،ودوّت فضائحهم الخلقية.
ومن المعلوم أن الغرب وأنظمة عربية تأتمر بأمره لا يدخرون جهدا في محاربة ما يسمونه الإسلام السياسي والذي يقصدون به تجربة الأحزاب المحسوبة على الإسلام في الحكم . ولقد باتت تجربة حزب العدالة والتنمية التركي مقلقة للغرب الذي لا يريد المزيد من النماذج "الأردوغانية "في الوطن العربي ، وهي تجربة أثبتت أن للإسلام دورا في الحياة العامة خلافا لما يعتقده الغرب ويروجه.
ومن المنتظر ألا يثق الشعب المغربي مرة أخرى في حزب العدالة والتنمية بما قدمت أيدي بعض قيادييه الذين زكمت رائحة فضائحهم الأخلاقية الأنوف ، وهو ما يريده الغرب و بعض الأنظمة العربية الخاضعة له ،لأن ثورات الربيع العربي أفرزت فكرة رهان الشعوب العربية على الأحزاب التي رفعت شعار التوجه الإسلامي .
ولا يوجد ما يستبعد تواطؤ بعض قادة هذا الحزب في لعب دور مشبوه في مسرحية سياسية هزلية فرضتها ظروف الربيع العربي ، وكانت بمثابة انحناء لعاصفة ريثما تهدأ ، فتعود الأمور إلى ما كانت عليه من قبل . ولقد بدأت هذه القناعة تتأكد يوما بعد يوم لدى الرأي العام المغربي خصوصا مع وجود ما يؤكد ذلك من سوء التدبير وتفاقم المشاكل بسبب ذلك .
ويبدو بعض زعماء هذا الحزب وكأنهم يتعجلون الخروج من تجربة قيادة البلاد الفاشلة بكل المعايير لتسليم الأمر لغيرهم حسب مشاهد المسرحية السياسية الهزلية المحبوكة بشكل مكشوف وقد أنهوا أدوارهم فيها.
وعما قريب سيعاين الشعب المغربي رفع الستار عن آخر فصل من فصول هذه المسرحية التي لعب فيها زعماء حزب المصباح أدنس دور ، وهذا لا يعني أن من سيواصل الفصول الموالية أو المسرحية الهزلية الجديدة المقبلة سيكون أفضل منهم أو أطهر وأنقى ، لأن" أولاد عبد الواحد كلهم واحد "كما يقول المثل العامي المغربي .
وسوم: العدد 792