حماس... وخيار طارق بن زياد
صلاح حميدة
( العدو من أمامكم ..والبحر من ورائكم)، مقولة تنسب للقائد المسلم طارق بن زياد وهو يخاطب جنوده على شواطىء الأندلس بعد أن أحرق السفن التي نقلتهم، ووقفوا أمام جيش يفوقهم عدداً وعدة.
تقف حركة حماس في قطاع غزة في وضع يماثل تقريباً وضع جيش طارق بن زياد، في قطاع ضيق من الأرض بلا نصير إلا من الله، تقف وحيدة بعد خذلان ومخالفة حكام العرب والمسلمين لها وتحالفهم مع أعدائها.
وضع حماس وجنودها لا يخفى على الصديق والعدو، ولا خيار أمامها سوى القتال، والاستماتة في القتال، ومن متابعتي للتقارير الإخبارية عن قطاع غزة، وللمقابلات مع قادة المقاومة، وآخرها كان اللقاء مع موسى أبو مرزوق على قناة القدس، يلحظ المراقب أن حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية استغلت فترة التهدئة بشكل جيد ليوم مثل هذا اليوم ، ولا بد أن الجيش الإسرائيلي يعلم أنه لن يستطيع أن يتجول في شوارع قطاع غزة بحرية كالتي يلاقيها في مدن الضفة الغربية، فهو يعلم أن جيشاً من المقاتلين ينتظره في كل سنتمتر مربع في القطاع مع كميات هائلة من الأسلحة والمتفجرات، ولذلك فبالرغم من المباركة الدولية والعربية، وقرع طبول الحرب الانتخابية في الدولة العبرية، إلا أنه يتردد في الإقدام على اجتياح القطاع .
يوحي الصمت العالمي والإقليمي والمحلي إلى شبه إجماع على استئصال المقاومة وطليعتها (حركة حماس ) في القطاع، ولذلك كل الرهان الآن على المقاومة الفلسطينية في القطاع وعلى أدائها في قابل الأيام، فصمود المقاومة وفعلها البطولي على الأرض، وإيقاعها خسائر فادحة بقوات الاحتلال المتوغلة في القطاع، إضافة للإدارة الناجحة لعمليات المقاومة والقدرة على توسيعها، وإدارة حملة إعلامية ناجحة، سيكون لها الأثر الكبير في صد العدوان.
ففي قطاع غزة، وصل الناس الى نتيجة أنهم لا يريدون التهدئة بالطريقة السابقة، وأعذروا حركة حماس، لأنها بذلت جهوداً جبارة من أجل رفاهيتهم ودفاعاً عن حقوقهم الثابتة، ولكن أصرت كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية على إفشال تجربتها، ولذلك سيحتضن الشعب المقاومة ولن يخذلها، وسيقف ضد كل من يحاول طعنها في الظهر أثناء المواجهات.
في الضفة الغربية سيعطي صمود المقاومة الدافعية للشعب للثورة على الاحتلال، ولن يترك إخوانه في القطاع لمصيرهم، ولا أعتقد أن كل أجهزة أمن العالم ستستطيع منع الناس من الخروج للشارع للتضامن مع إخوانهم في القطاع، وقد يؤدي استمرار المعركة لوقت أطول الى وقوع أحداث لا تحمد عقباها.
كذلك، ستستثار الجماهير في الداخل الفلسطيني، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام سيل الدماء الهادر على أرض غزة، ولن يستطيع أحد التكهن بما سيحدث هناك، خاصة وأن العنصرية الصهيونية بلغت منهم مبلغها، وتوجت أخيراً بتصريحات ليفني بالدعوة الى تهجيرهم للدولة الفلسطينية المنتظرة.
في الشمال الفلسطيني وعلى حدود لبنان، هل ستنضبط الجبهة هناك ؟ وهل سيبقى الفلسطينيون واللبنانيون متفرجين على ما يجري في القطاع؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة.
في الاردن، ما الذي سيكون عليه الحال شعبياً؟ هل ستفلت الأوضاع، وسيفقد الحكم هناك السيطرة على المد الشعبي، حتى الآن لا تبدو الصورة واضحة.
في مصر، هل سيستطيع النظام المصري استيعاب نتائج العدوان على غزة؟ في ظل دعوات صهيونية لهدم المدن والقرى في القطاع وطرد سكانها، وهل سيستطيع النظام استيعاب انتقال مليون ونصف مليون فلسطيني يتدفقون الى سيناء وينتشر بعدها صداع غزة ليصبح صداع سيناء، ويعضُّ من بعدها يديه ندماً على إطلاق يد الدولة العبرية في القطاع، من أجل نزوة أو نوبة حقد على حركة ما، وتحالف مع طرف ما؟!.
على صعيد الجماهير العربية والإسلامية ودورها عندما تشاهد أشلاء وجماجم الفلسطينيين أمام ناظريها، هل ستكون هناك سيناريوهات تقتحم فيها الجماهير السفارات الأمريكية والبريطانية، وغيرها في العديد من العواصم العربية والإسلامية؟ على غرار ما جرى بحق السفارة الأمريكية في دمشق في عملية ثعلب الصحراء على العراق.
ماذا لو كانت المقاومة الفلسطينية أعدت للجيش والكيان الصهيوني ما لا يتوقع، ونفذت تهديداتها بإستئناف العمليات الاستشهادية؟ وماذا لو أوقعت خسائر فادحة بقواته في القطاع؟
وماذا لو وقع عدد من الجنود أسرى بيد حماس أو غيرها؟ وماذا لو إنتقمت حماس من الإجتياح أو الإغتيالات وقتلت شاليت وأخفته الى الأبد؟
وماذا لو قامت حركة حماس بإخراج مئات الآلاف من الغزيين من النساء والأطفال والرجال ليقفوا أمام الدبابات الاسرائيلية وليرشقوها بالحجارة وإعادة نموذج بيت حانون؟ ماذا سيفعل الاسرائيليون حينها؟.
هذه وغيرها من الأسئلة والتساؤلات الكثيرة، تفرض نفسها على كل متابع للأجواء الحالية التي تحيط بقطاع غزة وبحركة حماس، وكل هذه الأسئلة لا يملك أي أحد الإجابة عليها ممن يتآمرون على المقاومة الفلسطينية، ومهما بلغ الغموض، فإن ثبات المقاومة وإيقاعها خسائر فادحة بالاحتلال هو من سيجيب على هذه التساؤلات في قادم الأيام.