روسيا وسياسة حافة الحرب
أعزائي القراء...
على مدى ثلاث سنوات لم تتردد دول عديدة بالإتصال مع الروس توددا من اجل إرضائها بكل الوسائل المادية والإقتصادية لقاء التخلي عن عميل قاتل لم يعد يجدى نفعا لهم بدعمه بكل الوسائل العسكرية والسياسية. فالسعودية وقطر فعلتا بتقديم مغريات مادية وإقتصادية لا تحلم روسيا بها اطلاقا..ولكنها تكبرت عليها. ثم عرضت عليها تركيا مشاريع مشتركة مازالت حبرا على ورق وهناك دولا اخرى لم تقصر بإسترضائها.. الا ان كل ذلك ذهب ادراج الرياح بسبب العقلية الروسية .
حيث يبدو ان تمنعها يعود لشعورها بالنقص الكبير من انها لم تعد دولة صغيرة تقبل استجداءات الآخرين. بل هي اليوم بنظرها دولة كبرى تأخذ ماتريد من الآخرين بزندها وقوة جيشها ، علما وهي تعلم ان زندها لن يأتي لها اكثر مما عرض عليها.
إذن هذه هي روسيا بوتين ..وهذه هي عقدتها.وهذه هي سياستها اليوم.
هذه العقدة ولدت مجالا للتندر المشوب ببعض الحقائق عند البعض.
فقد ذكر صدى راديو بطرس بيرغ من أن عميل المخابرات الروسية السابق KGB فلاديمير بوتين يحلم بالعودة إلى وضع القوة العالمية حيث بدأ بخلق التحالف المناهض للولايات المتحدة في وقت مبكر لكنه لم ينجح. ثم قرر إعادة الاتحاد السوفيتى فى شكل الاتحاد الأوراسى، وتوسيع الدولة لتشمل الجزء الذى سمي ب "محور الشر" وأيضًا تعثرت خطواته .
ثم بدأ بوتين فى روسيا من الداخل يستعيد ايام الإتحاد السوفياتى، وترتيب القمع ضد اليسار، والمسلمين السنة ومازال يعمل على ذلك بهمة ونشاط زائدين.
الا ان هناك تقريرا يشير الى نية بوتين دخول اراضي روسيا البيضاء أثناء عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بسوتشى فى شباط الماضي كخطوة اولى للتوسع وجس نبض الدول الغربية، كما بدأ بوتين بالتمهيد بالغزو الثانى لجورجيا، الا ان كل ذلك لم يحصل ولكن هذه التقارير كان لها دلاله على النهم (الهتلري) الذي بدأه هتلر قبل الحرب العالمية الثانية وسط مواقف ضعيفة تجاهه من الغرب كانت الموجه لبوتين ليحذو حذوها رغم علمه من خسارة هتلر للحرب. الا انه يعتقد بنفسه ان ذكاءه يتفوق على ذكاء هتلر وعلى قوة هتلر. وهذا التفكير هو نقطة ضعف الديكتاتور الروسي وليست نقطة قوة لصالحه.
ومنذ اليوم الأول لاستلام بوتين لمقاليد حكم بلاده لم تهدأ التكهنات التوسعية البوتينية
ففى 23 كانون الثاني الماضي تسربت معلومات فى الولايات المتحدة من أن روسيا تخطط لغزو لاتفيا فى شباط من نفس العام،
وفي يوم 27 كانون الثاني أمر فلاديمير بوتين بمضاعفة قوة البحرية الروسية حتى عام 2020.
نستطيع ان نقول ان الجنون البوتيني وصل لذروته مؤخرا بتمدده على شواطئ البحر المتوسط متخذا من كل الشاطئ السوري مرتعا له ولسفنه الحربية.وكما انه حصل على دفقة من القوة بشعوره بالإستحواذ على مصر السيسي ايضا ..كما انه يؤمل بتوقيع روسيا ومصر معاهدة عسكرية للتحالف بين البلدين بحيث سيصبح بإمكان الرئيس بوتين من تحذير أعداء مصر بشدة ان هم تدخلوا في شؤون مصر ، وبالتالي سيصبح بإمكانه بالتصريح من أن أى هجوم على مصر يُعتَبَر هجومًا على روسيا.
وفى 25 آب أخر بوتين الهجوم العسكرى على أوكرانيا، رَدًّا على التهديد الإيرانى بالانسحاب من منظمة معاهدة الأمن الجماعى في حال هاجمت روسيا أوكرانيا .فيبطل بوتين خطته ويستعيض عنها بخطط بديلة.
هل يمكن القول ان الروس وصلوا الى الخطة البديلة بإستقدام جيوشهم الى الساحل السوري اولا. ؟ واقتسام خيراته مع الكيان الإسرائيلي؟.
إذا كان كذلك فما هي التطورات المحتملة لهذا التموضع الخطير؟
وهل بإستطاعة روسيا الصمود في سوريا وسلاحها الوحيد والمجرب لديها هو إبادة بلاد الشيشان دون ردات فعل من العالم آنذاك؟
ولكن بالمقابل...
هل سوريا هي الشيشان.؟
وسوريا محاطة بمجموعة دول لا تمت لروسيا ولا لسياستها بالود.؟
الوضع في سوريا غير الشيشان..
هذا مؤكد.
والكتلة المحاربة من الثوار اضعاف مضاعفة لمثيلتها من مقاتلي الشيشان حيث يقدر بعض المحللين انه في حال تطور الاوضاع في سوريا فقد يصل عدد المقاتلين الى مليون مقاتل.
الوضع في سوريا قريب جدا من الوضع بفيتنام في سبعينات القرن الماضي حيث كانت الصين ظهير فيتنام الشمالية تسليحا ودعما لوجستيا.
الولايات المتحدة وحلفاؤها شجعوا خطوة الغزو الروسية عبر عدة تلميحات كان اولها تصريحاتهم من انهم سينسحبون من الشرق الاوسط ليعيدوا ترتيب اوراقهم في الشرق الاقصى والصين.
فهل مثل هذه التصريحات كانت مثابة الفخ لتشجيع الروس على طريقة " ادخلوها بسلام آمنين.." ؟
أعزائي القراء...
من المؤكد ان الأسد اصبح بمثابة ورقة مهترئة يتقاذفها الريح من كل الإتجاهات ..ولكن يبقى له دور التوقيع على الأوراق الروسية المطلوبة منه.
ومن المؤكد ان الأمريكان سيحافظون على اللغة الهادئة مع الروس.
فالروس لهم دور محبذ دوليا في الوقت الحاضر لضبط الامور في حال انتهاء الأسد ونظامه.ولكن أي وضع جديد بعد إنتهاء الاسد ستتغير كل المعادلات على الارض.
فالثوار قد يهادنون ولكنهم بالنهاية لن يقبلوا فرض نظام جديد لسوريا امريكيا او روسيا.
والثوار يتشاورون ..مع دول مثل تركيا والسعودية وقطر وحتى باكستان الدولة الاخرى في دائرة الخطر.فهم مصدر سلاحهم ودعمهم
والثوار سيتسلحون باضعاف سلاح اليوم عددا وعدة.
الوضع الذي خلقه الروس سيتطور سريعا الى الأسوأ ان ركب الروس رؤوسهم.
فهل سيعيد الروس التفكير مرة اخرى بخطوتهم المتهورة ويقبلوا بالعروض السعودية القطرية التركية الاقتصادية !..ام انهم سيركبوا رؤوسهم ويغرقوا في جبال الساحل السوري وصحراء تدمر وغوطة دمشق ووعورة درعا واقنية حلب...؟؟
الإجابة عند الروس من جهة .
وثوار سوريا وحلفائهم من جهة اخرى.
مع تحياتي..
وسوم: 634