ياربِّ أنقذْ دولةَ السودانِ=من شرِّ أهلِ عبادةِ الأوثانِ
وهل الكراسي والعمالةِ والهوى=ثالوثُ نارِ الحقدٍ والطغيان
إلا الدليلُ على سفاهةِ مَن جنوا=وعلى اعتمادِ وساوسِ الشيطانِ
ياربَّ أمتنا عليها قد بغى=أهلُ الضَّلالِ وزمرةُ الخسرانِ
ياربِّ أُغلقتِ النوافذُ كلُّها=واشتدَّ بالتقتيلِ كفُّ الجاني
يارب أدرك قطرَنا سودانَنا=وعمومَ مافي الأرضِ من عربانِ
والمسلمين وقد تفاقم كربُهم=ياربنا في سائر البلدانِ
***= ***
منِّي إليكم يابني السودانِ=أغلى نشيدِ محبتي و بياني
يجري إلى حُلوِ الربوعِ ، فلم يزل=عذْبَ التَّدفُّقِ ، هلَّ بالتحنانِ
ويمرُّ رغمَ البعدِ مشبوب الرؤى=في البيدِ والأغوارِ والعمرانِ
ويطوفُ في الحاراتِ يبصرُ إخوةً=ذاقوا مرارَ البؤسِ والحرمانِ
والقلبُ من وقْدِ الشجونِ تثيرُه=شكوى الإخاءِ ، ولوعةُ اللهفانِ
في كلِّ معتركٍ رأيتُ وجوهَكم=تستقبلُ الفتحَ الشهيَّ الهاني
ويلمُّكم فَرَجُ الرحيمِ بخلقِه=رغمَ الجفافِ على ربيعٍ ثانِ
وتمرُّ في الأجفانِ رؤيا طفلةٍ=حملت إلى الدنيا شذى الريحانِ
وترى به الآمالَ ترقصُ في الضُّحى=ياروعةَ الآمالِ في الأجفانِ
ضاعَ في السودانِ دينُ محمَّدٍ=إني أراهُ بظلمةِ الأشجانِ
وأحسُّ بالنصرِ القريبِ يضمُّهم=صفًّا قويًّا راسخَ البنيانِ
فاللهُ يُكرمُ في الحياةِ عبادَه=إنْ أخلصوهُ الصِّدقَ في الإيمانِ
ما أقربَ الرحماتِ مِمَّنْ يتَّقي=ربَّ السماءِ بأحلكِ الأزمانِ
يدعو له الطيرُ المحلِّقُ في الفضا=ويضجُّ صوتُ البحرِ للحيتانِ
يا إخوةً ذاقوا المرارةَ محنةً=تدوي بأضلُعِ جيلِنا الحيرانِ
لايأسَ فالدَّيَّانُ يُحكمُ أمرَه=حتى إذا احتلكتْ على السكانِ
يُؤتي التُّقاةَ من الغياهبِ نوره=ويفيضُ عذْبُ الماءِ في الصَّوانِ
تهمي السعادةُ بلسما لمن ارتضى=شرعَ الإلهِ المشرقِ التبيانِ
فإذا يدُ الفقراءِ يملؤُها الغِنى=وإذا الرخاءُ يعمُّ في الأعنانِ
فافتحْ على نورِ الفلاحِ بفجرِنا=بابَ الإنابةِ ، واتئدْ بأذانِ
تلقَ الصَّبا تحيي نباتَكَ أخضرا=وتشقشقُ الشادي على الأغصانِ
***= ***
يا إخوتي صبرًا فعهدٌ دائمٌ=أن لا تلينَ شكيمةُ الشجعانِ
الرجالَ وإن طووا أضلاعَهم=جوعًا رأوا في العزِّ خيرَ مكانِ
هم يصمدون ولا تلينُ قناتُهم=لمؤامرات الحقدِ والشنآنِ
عاشوا وللألقِ المبينِ بروحِهم=وهجٌ يردُّ مثالبَ الطغيانِ
المؤمنُ الوثَّابُ في ساحِ الفدا=لمَّا يكنْ بالغافلِ الوسنانِ
يحيا وإنْ طالَ الأذى ويصوغُه=شدوًا نديًّا محكمَ الإتقانِ
عشتم وعاشَ النُّورُ في أحداقِكم=ما أوهنتْ محنٌ بني السودانِ
يتدفقُ التوحيدُ بين عروقِكم=كتدفُّقِ النيلِ العظيمِ الهاني
ماضرَّ وجهَ إبائِكم بغيٌ عدا=وتآمرُ الأوباشِ والكهانِ
تغفو بهدبِ عيونِكم رؤيا الألى=وكأنَّها التاريخُ في الأجفانِ
تقفون والشِّدَّاتُ تعصفُ في الربا=وتفيضُ في الأرجاءِ كالطوفانِ
يتآمرون لهدمِ شامخِ صبرِكم=ويقينِكم قد جلَّ بالرحمنِ
من كلِّ طاغيةٍ ، وكلِّ معربدٍ=وصنيعِ أعداءٍ ، وذئبٍ جانِ
خانوا ضمائرَهم ، وداسوا عفَّةً=طمعا بما في جعبةِ الشيطانِ
والآخرون استأسدوا إذْ مزَّقوا=سترًا يظللُ راحةَ الإنسانِ
ونسوا بأنَّ اللهَ لم يغفلْ ولم=يتركْ عتاةَ الغزوِ في الأزمانِ
فاللهُ بالمرصادِ ، آتٍ بطشُه=في ساعةٍ من عيشِهم وثوانِ
كم ظالمٍ ولَّى وراحَ مجندلا=بالخزي طولَ الدهرِ والخذلانِ
أين الجنودُ ؟ وأين حجَّابٌ له ؟=أين القصورُ ؟ وزخرفُ البنيانِ ؟
أين الليالي ما سترن قبائحًا=تمتدُّ بينَ فسادِهم وغواني
لم يبقَ للفرعونِ إلا ساعةٌ=مهما استطالَ الوغدُ بالكفرانِ
تعسَ الطغاةُ مع الغزاةِ مصيرُهم=وادي لظى في مهجةِ النيرانِ
***= ***
ياأهلَ سودانِ المآثرِ لم يمتْ=مافي مرابعكم من الإيمانِ
صوتٌ صداهُ يطوفُ في أبياتكم=يروي نشيدَ الحبِّ للقرآنِ
في كلِّ بيتٍ للشريعةِ لهفةٌ=فاحتْ كطيبِ الزهرِ في الأفنانِ
ما من فتىً نادى ولا رجل ولا=يوما من امرأةٍ بصدقِ لسانِ
إلا ويرجون الشريعةَ منهجًا=تحمي سعادتَهم من الخسرانِ
ويرون أنَّ المجدَ من روحِ الهدى=يأتيهُمُ من سُنَّةٍ ومثاني
تعسَ الذين يحرِّمون عطاءَها=لشعوبِهم ظلمًا بأيِّ مكانِ
الشعبُ كلُّ الشعبِ لايرضى سوى=نورِ الكتابِ فبئسَ للهجرانِ
فهو العلى وهو النَّدى وهو المنى=بين الورى والفيصل الرباني
والخارجون على الهدى لو أنهم=رجعوا إليه بصادقِ الوجدانِ
لجنوا نعيمًا يرفلون بظلِّه=وبنوا فخارًا عاليَ الأركانِ
هاهم قد افتقدوا مفاتيحَ العلى=واستأنسوا بالزيفِ والبطلانِ
وهووا على جيفِ الذين تنكروا=لطهارةِ الأرواحِ والأبدانِِ
واستسلموا للمعتدين أذلَّةً=متعثرين بلوثةِ الأخدانِ
هل عندهم عزمٌ لينتهضوا بمَنْ=قادوهُمُ للعارِ والإذعانِ !!
أم يملكون حصانةً تحميهُمُ=من بطشِ أهلِ الجوْرِ والطغيانِ !!
أم عندهم خيرٌ تعيشُ شعوبُهم=أبدا عليه بنعمةٍ وأمانِ !!
أم عندهم علمٌ جديدٌ محدثٌ=تغني مناهجُه عن الفرقانِ !!
فاليوم قد فشلت بهم نظمٌ خوتْ=مثلَ الحصيدِ اليابسِ البستانِ
واليومَ نشهدُ كيف جرُّوا أُمةً=للبؤسِ والأوجاعِ والخذلانِ
واليومَ أُنشِدٌكم قصيدي واضحا=مافيه من لفٍّ ولا دورانِ
وأسوقُه للقارئين مبلَّجًا=من غيرِ سوءِ تمازجِ الألوانِ
وهجرتُ طلسمةُ المعاني لم أجدْ=أبدا لها جدوى على الحدثانِ
إذ ليس عندي لوثةٌ لنزارِهم=أو ما لدى أدونيسَ من كفرانِ
كذبوا على القيمِ الرفيعةِ وانتحوا=في الجانبِ المشؤومِ للشيطانِ
وأتيتُ لابقشيبِ سمٍّ قاتلٍ=لقلوبِ هذا الشعبِ أو هذيانِ
إني قدمتُ ونجيعُ قلبي فائرٌ=والدمعُ من عينيَّ في تهنانِ
فلقد رأيتُ من المآسي مارمى=نفسي أسى ، والرأسَ بالدورانِ
ورأيتُ ماحارَ الحليمُ بأمره=والتاعَ من جهشِ النحيبِ جَناني
فأتيتُ بالإسلامِ في شعري وفي=عيشي وفي أملي وفي وجداني
فبه السماءُ تباشرتْ آفاقُها=والأرضُ أحيتها يدُ العدناني
وبه ارتفعنا من دياجيرِ العنا=وبه انتصرنا سالفَ الأزمانِ
مَنْ ذا يعيدُ شهامةً ومروءةً= للنفسِ أقعدها الونى لهوانِ !!
لنرى به جيشًا عليه أُسامةٌ=أو موكبًا أزرى بكلِّ جبانِ
ليعزَّ أمتَنا ، ويدفعَ ضيرَها=في العالَم المتخبطِ الثكلانِ
ويردَّ رايتَها على قِممِ العلا=خفَّاقةً باليُمنِ والإيمانِ
يُجري مياهَ السَّعدِ في غبرائنا=فلعلها تهتزّ بالتحنانِ
يا أمةً وسطًا أعزَّكِ ربُّنا= بالوحيِ تاهَ بنورِه المزدانِ
فلمَ ارتحلتِ عن الحنيفِ شقيَّةً !!=ولمَ ارتضيتِ اليومَ بالخذلانِ !!
***= ***
ياقادةَ السودانِ يفرحُنا الذي=يبني مدارجَنا على الأركانِ
جاءتْ من الرحمنِ إسلاميةً=تدعو إلى العرفانِ والرضوانِ
هذا ( البشيرُ ) وحوله من صحبِه=نفرٌ نرى فيهم يدَ استحسانِ
ولعلهم يرعون ناسَ بلادِهم=ليعودَ كلُّ الخيرِ للسودانِ
ويراقبون اللهَ في أحكامِهم= ويطهرون الحكمَ من أدرانِ
وتقيمُ دولتُهم معاهدةً مع ...=... الدَّيانِ ربِّ العرشِ ذي السلطانِ
فإذا صفتْ فيهم محبَّةُ ربِّهم=فَلْيبشروا بالنَّصرِ والأعوانِ
فاللهُ أكبرُ من مؤامرةِ العدا=واللهُ ذو فضلٍ وذو إحسانِ
والله يفعلُ مايشاءُ ألم تروا=ماقد جرى للفرسِ والرومانِ ؟!
بجهادِ أهلِ اللهِ حُكِّمَ عدلُه=برقابِ أهلِ الكفرِ والبهتانِ
سيروا على نهجِ الكتابِ ، فإنه=خيرٌ لكم يأتي وللأوطانِ
عيشوا لأمتِكم أشاوسَ دعوةٍ=لاتحفلوا بتلاعبِ الثعبانِ
أنتم جناحُ الفتحِ في أفريقةٍ=مجلى النسورِ ودارة العقبانِ
ولنحن نرقبُ وجهَكم في صحوةٍ=للدينِ تستجلي هوى الفرسانِ
والنيلُ واديكم وكم به من نشوةٍ=تهبُ الصدورَ ضراوةَ الشجعانِ
كم موكبٍ للفاتحين بشطِّه=أرسى علاهُ معطَّرَ الأردانِ
ويرى به الإسلامُ موئلَ قوةٍ=لاتستكينُ لغادرٍ خوَّانِ
لايشتهي خنقَ الشعوبِ سوى الذي=جُبلتْ طويتُه على الأضغانِ
عافَ الإباءَ ولجَّ في غلوائه=وأذاقَ مُرَّ الويلِ للسكانِ
فترى الشعوبَ تململتْ وتأوَّهتْ=وتوقَّدَ الإيمانُ في الشريانِ
فلقد كفى ظلما يشتتُ أمنَها=ويعيقُ نهضتَها مع البلدانِ
فتساقطتْ راياتُ مَنْ راموا لها=ليلَ السجونِ و رؤيةَ الأكفانِ
جرَّت عن الصنمِ الكبيرِ رداءَه=فانهدَّ فوقَ عفونةِ الأوثانِ
لم يقتنصْ ذئبٌ خروفًا في الربا=لولا الخبالُ أضرَّ بالرُّعيانِ
***= ***
يا إخوةَ الإيمانِ في سودانِنا=لوذوا ببارئِكم مدى الأزمانِ
واستعصموا بالعروة الوثقى تروا=نورَ اليقينِ يرفُّ في الأجفانِ
ما أعظمَ الأحرارَ في محرابهم=يتضرعون لخالقٍ معوانِ
يتلفتون إلى مواهبِ فضلِه=يرجون نصرتََه بكلِّ أوانِ
لاينصرُ الدَّيَّانُ إلا مؤمنا=وله من الصدقِ الكريمِ يدانِ
فله إذا ضاقَ السَّبيلُ عنايةٌ=تنجيهِ من كُرَبٍ ومن عدوانِ
هذي سبيلُ اللهِ فيها فوزُكم=ما أومأتْ بالزيفِ والبطلانِ
ولقد تجندلَ كلُّ طاغيةٍ على=عارٍ ، فما من قوةٍ للفاني
وطواه ديجورُ المهانةِ دميةً=ملعونةً في عالَمِ النسيانِ
واليومَ نلمحُ ما طوى زمنُ الأسى=من ومضةٍ قدسيةِ البرهانِ
في قائدٍ يأتي بأوسمةِ الرضا=وبدفءِ ما للدِّينِ من تحنانِ
تأوي بلادُ المسلمين لظلِّه=توَّاقةً في صبحِها النشوانِ
ويطلُّ من خلفِ المواجعِ وجهُه=في زهوِه كالبدرِ في الأعنانِ
فمحاجرُ الآمالِ منه تكحلتْ= وازَّيَّنتْ منه العلى بجُمانِ
كانت على الأحداقِ أخيلةً هوت=أو مزنَ صائفةٍ على صوَّانِ
لكنََّها والشعبَ هبَّ مكبِّرًا=في المُدْنِ والطرقاتِ والوديانِ
قد آذنتْ دنياهُ أن ترقى إلى=قيمِ الخلودِ ومنطقِ البرهانِ
لم تولد الأحلامُ يوما جنَّةً=هفهافةً بالحورِ والولدانِ
فالحلمُ في عَينَيْ شقيٍّ سادرٍ=وسرابُ تلك البيدِ موصولانِ
لن يشربَ الماءَ الزلالَ مضيَّعٌ=حتى يُقادَ براحةِ الإيمانِ
فَلْيرتحلْ للمنبعِ الأسمى ولا=يُغضي على سغبٍ بنو الفرسانِ
حسبُ الشعوبِ الغافلاتِ مدارُها=لم يعْدُ دائرةَ الفناءِ الدَّاني
أما شعوبُ المسلمين فإنها=ما بيعَ بيدرُها إلى الشيطانِ
وبدينِها انتفضتْ يزينُ إباءَها=حبُّ الخلودِ بجنَّةِ الرحمنِ
ماضرَّها هَدَمَ العدوُّ جدارَها=فاليومَ ترفعُ شامخَ البنيانِ