ولتحية المسجد (شعر).
محمد الحلوي
العدد 241
في شهر محرم عام 1405هـ ــــ أكتوبر 1984م تُوجت المشاريع العمرانية والثقافية بمارتيل في تطوان بتدشين : (المسجد الأعظم ) الذي كانت نفوس المؤمنين متطلعة إليه، وفي حفل أقيم بهذه المناسبة الدينية ألقيت هذه القصيدة : تحية للمسجد الذي (أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه).للشاعر الأستاذ محمد الحلوي جزاه الله خيرا .
قـم باسـم ربـِّك بانيـا ومشيـــدا = وارفع على تقواه هـذا المسجــدا
واسمع نــداء الله فـوق منـــارةٍ = لحنـا سماويـا وطيـرا منشــدا
ينسـاب في أعمـاق كـل موحــد = فيضـا ونـورا للحيـاة مجــددا
لا صوت أكبـر منـه أو أعلـى ولا =تفنى جلالتـُه على طـول المـدى
خيـر البقـاع مساجـدٌ معمــورةٌ = تلقـى بهـا الأرواح أفضل منتدى
تسمو بها نحو الفضيلـة والتقــى = وتنيلهـا العيش الهنيَّ الأرغــدا
يهوى سكينتهـا المنيـبُ وينجلـي= عن نفسه وقد استجار بها الصدى
ينسى بهـا دنيـاه وهـو مكبــِّرٌ =ويـرى حقيقـة نفسه متجـــردا !
جافت جنوب الصالحين مضاجعـا = وقضـوا ليالهـم قيامـا سجدا
وسعوا إليهـا في الظـلام يحثهم = شوق بهم ملأ المرابعَ والمــدى
يتلـون آيَ اللـهِ في محـرابها = والفجر يـوشك نـوره أن يولـدا
حتى إذا ارتفـع النـداء وكبـروا =وتوجهـوا للـه ربـا مفـــردا
أبصرت أروع ما يـرى في لحظة =ووقفت إجلالا تحـيِّي المشهــدا
ورأيتهـم صفَّـا وقلبـا واحــدا =ولسانَ حـب للســلامِ مــردِّدا
في المسجـد: الإسلامُ ربـَّى جيلـَه =وبـه احتمى ممن تمـرَّد واعتدى
ومساجـد الإسلام خيـر مــدارس =قد أشرقت منها مصابيـح الهـدى
ومن المساجـد شع نـورُ محمَّــدٍ =وبنـى فكـان بنـاؤُه المُتَعَبــَّدَا
أعْظِـمْ بناءً في قبـاء وبوركـتْ =يدُه التـي حملـت ثراه السُّؤددَا
والبيت يعرف مَن هـوالبانـي الـذي =أعلـى به الحجـرَ الكريم الأسودا
كـم رايـةٍ عُقِـدَتْ بهـا لكتيبـة = ومجاهـد منها غـــــــــزا وتجنــَّدَا
ومطلـقٌ دنيـاه لم يـَــــرَ أنســه = إلا بهـا فأحبَّهــا وتزهـــدا
حُيِّيتَ مسجدناوبورك من رعــى = حرماتِـــــه ودعـا بـه وتهجــدا
رفعتْ قواعـدُه سواعـدُ لن تـزل =تُحيـي قديمـًا لو تَشيدُ مجــددا
كم يحزن الشيطانُ أن تُبْنـى بيـوتٌ . = .للعبـادة لا تَسُــرُّ هـوى العِدا !
كم تائـه ضلَّ الطريق ولم يجــد = في دربـه نورا وصوتـا مـرشدا !
سمعَ الأذانَ فأيقظــتْ إحساسـَه =كلماتـُه فأعـادهـا وتشهَّـــدَا !
وغذاء روحِـك ليس في سوق ولا = ملهى رخيصٍ لا يـردُ معربــدا
والفقر أخطر ما يكـون إذا فشـا =في الروح وافتقدت غيورا منجـدا
وإذا تخلى المصلحون وأفسحـوا = للشر عشش بينَهـم واستــأسدا !
وأنهار مـا بنت البناةُ بمعـولٍ =ما كان لولا الغافلون ليوجـدا
رجعى إلى أخلاقنا، رجعى إلى = دين الفضيلة والمروءة والنَّــدى
لا خير في رجل تراه مصليـا =وعلى المساجد في الدجى متـرددا
إن لم يـكُ الإسلامُ خالط قلبَه =وصفا ضميرا واستقام على الهـدى
ما ضـاع مـالٌ أنفقتْهُ أمـــــــــةٌ =في مسجد أو مصنع يغني اليــدا
يا من يتوق إلى الجنان وحورها = شيِّدْ بمالـك معمـلا أو معبــدا
وفِّــــــرْ رصيدك في خزائن مصرف = أرقامُـه في رحمةٍ لن تنفَـدا
واغنمْ حياتَك قبـل موتٍ داهـم = واعمل من الحسنات ما تلقى غـدا
من لي بيوم لا أرى فيـه فقيرا . = .أو يتيما ضائعـا متشــردا !
ما للمساجد في الحياة رسالة = إن لم تعلمْنا التكافلَ والفــــدا !
إنا لفـي زمن نحـس بأننـا = غرباء فيه نتيـه في سبل الـردى
في زورق عصفتْ به هوج الرياحِ . = .فما استقر به المسير ولا اهتدى
يجـري به الربـان في دوامـة = رعناء يذهب جهده فيهـا سـدى
ويسير أعمى والمشاعل حولــه = ما قاد مركبه المهيض ولا اقتدى !
وجراحنا أعيا الطبيبَ علاجُهـا = ما زال في أعماقها وخز المـدى
ونجاتُنا عـَوْدٌ إلى الدين الـذي = سدنا بـه يـومَ اتَّبعنا أحمـدا
ولمصعبِ بنِ عُميرِ منَّا عهدُنا = وبــه نحبُّ مدى الحياةِ محمَّـدا