من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة

عبد الله الطنطاوي 

من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة

تأليف : المستشار عبدالله العقيل

عرض: عبد الله الطنطاوي 

صدرت الطبعة الثالثة من هذا الكتاب الموسوعي المهم ، للداعية الكبير ، المستشار الشيخ عبدالله سليمان العقيل ، عن : دار التوزيع والنشر الإسلامية ، في القاهرة ، وهي طبعة مزيدة ومنقحة فعلاً، وليس كما يكتب كثير من الكاتبين عن الطبعات الجديدة لكتبهم من أنها مزيدة ومنقحة، وتفتحها وتقارنها بالطبعات السابقة ، وإذا هي هي ، لم يزد عليها المؤلف سوى هاتين الكلمتين (مزيدة ومنقحة).

وقد أضاف إليها المؤلف فهرساً للأعلام ، فجاءت في 788 صفحة من القطع الكبير.

تحدث الكاتب عن واحد وسبعين عالماً وداعية وشاعراً وأديباً ووجيهاً، ممن التقاهم، وعرفهم، وعرف عنهم الكثير، وهم من عدد من الأقطار العربية والإسلامية ؛ من مصر ـ أمّ الدنيا ـ ومن سورية ، والسعودية ، وباكستان ، والهند ، وأندونيسيا ، والكويت ، وفلسطين ، والمغرب ، والجزائر ، واليمن ، وتونس ، وليبيا ، والعراق ، وأفغانستان ، فالكاتب لم يختصّ بقطر دون قطر ، هذا لأنه داعية، والداعية ذو آفاق وسيعة ، سديدة ، عالمية ، تتجاوز التقسيمات الاستعمارية لبلاد الإسلام والمسلمين ، فهو لا يعرف هذه السدود والحدود المصطعنة، ولا يعترف بالغادرين سليلي الغُدُر : سايكس وبيكو ... ولهذا كانت صلاته تتجاوز البلد الذي ولد فيه، والبلدين اللذين عمل فيهما وأقام ، تتجاوز العراق والكويت والسعودية ، إلى الهند ، وباكستان، وأندونيسيا، وبلاد المغرب العربي، وسواها من الأقطار التي يقيم فيها المسلمون ويعمرونها ...

سبق لي أن كتبت عن هذه الموسوعة، وزعمت أنها زاد للدعاة ، وزاد للباحثين في الرجال، وفي شؤون الدعوة ، وزاد للعاملين في الحقل العام ... تعلّمهم كيف ينبغي أن يكون الدعاة، وعياً، وإخلاصاً، وحركة، ونشاطاً ، ودأباً ، بحيث يكون الواحد منهم بمئة من أولئك الذي يجعلون من الوظيفة مطية للتكسب بلا عمل ، بلا أي بذل ، بلا عطاء ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الناس كالإبل المئة ، لاتكاد تجد فيها راحلة " .

كلما التقيت المستشار الداعية ، ازددت يقيناً بأن هذا الإسلام العظيم ، إذا تغلغل في قلب المسلم وعقله ، وإذا سكن نفسه الطاهرة، عمره بالإخلاص، ودفعه إلى العمل، في قرون الخيرية. كان كأبي أيوب الأنصاري، رضي الله عنه، أو في العصور المتأخرة، وقد عرفت عدداً من (الخالدين) – اسم أبي أيوب : خالد بن يزيد ، وخالد بن الوليد – في عصرنا الذي نعيش ، منهم الشيخ العقيل ، فهو معقل إخوانه، لم يغيّر، ولم يتبدل ، وبقي وسيبقى ـ إن شاء الله تعالى ـ على العهد الذي قطعه على نفسه منذ وعى الإسلام وتعلّق ذروة سنامه، وما أبدع ماختم به موسوعته هذه ...  بهذا الهتاف الخالد على الزمان : الله أكبر ولله الحمد .

بقي في الحلق غصّة، تضطر إلى (بقّ البحصة) – كما نقول في أمثالنا الشعبية – وهذه البحصة ... إهمال بعض الموظفين لأعمالهم، استهتاراً، وعدم شعور بالمسؤولية، بل وقلة ذوق، ولو حُكِّمتُ بهؤلاء المستهترين المهملين المتقاعسين الذين لاتهمهم اللقمة التي يطعمونها ويطعمون منها أهليهم، أمن الحلال كانت أم من الحرام... لو حُكِّمتُ فيهم، لأذقتهم وبال أفعالهم توبيخاً وتقريعاً ، لا دعوةً إلى إصلاح أنفسهم ، فهؤلاء الذين عرفت العشرات منهم، ومنهم أصحاب لحى ، ويحرصون على صلاة الجماعة ، ومنهم مديرون ، ومحاسبون ، ومنشدون ، وكتّاب، ولكنهم لا يحرصون على الكسب الحلال ، همُّهم أن يقبضوا المال، وأن يتنعمّوا فيه ، ولا يبالون بدين أو ضمير، ولا يحسبون أي حساب للآخرة التي تذكرها ألسنتهم ، وتنكرها قلوبهم وأفعالهم ... لا يبالون أن تنمو أجسامهم وأجسام من يعولون من السُّحْت ... وهم يقرؤون ويسمعون قول الرسول القائد صلى الله عليه وسلم : " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " .

بعض هؤلاء أساؤوا إلى هذه الطبعة، فكانت طبعة مضروبة، ضرب الله من ضربها بإهماله ، في الوقت الذي كان ينتظرها من قرأ عنها من الشباب التوّاقين إلى معرفة الرجال في زمن عزّ فيه الرجال :

حدّثوني عن الرجال حديثاً        أو صفوهم، فقد نسيت الرجالا

هذا مع أنني أردّد دائماً قول إمامي الشافعي رضي الله عنه وأرضاه :

من نال مني أو علقتُ بذمّتهْ
كيلا أعوّق مؤمناً يوم iiالجزا

سـامـحتُه  لله راجيَ iiمِنّتهْ
ء ولا أسوء محمداً في iiأمّتهْ

ولكن الحزن يطغى على النفس أحياناً ، وهو يرى المستهترين والمهملين وميِّتي الضمائر ، فيغشى القَلمَ واللسانَ ماغشي النفس من الأسى ، فيبوحان بما آلمه فيها ...

فيا أصحاب دور النشر... يا أيها الناس ..

احرصوا أن تتقنوا أعمالكم ، فالله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه ... ولا معذرة ..