على هامش المرسوم التنظيميّ رقم10 لسنة 2018

في خضم الأحداث التي كانت تشهدها الغوطة، كأحدث حلقات مسلسل التهجير، و الفصل بين المناطق السورية؛ استجابة لرغبة الأطراف المتحرِّكة في الملف السوريّ، في إتمام خطة التغيير السكاني، كي تلتفت لاستثمار انخراطها فيه: سياسيًا و اقتصاديًا.

 قام النظام بإصدار المرسوم التنظيميّ، الذي حمل الرقم (10) لعام 2018، في يوم الاثنين: 2/ 4، الذي يسمح بإحداث مناطق تنظيمية ضمن المخطط التنظيمي، في حال رغبة الجهات المسؤولة في إعادة النظر في المخططات التنظيمية، في محافظات القطر.

ويتضمن المرسوم الذي يعد تعديلًا للمرسوم التشريعي 66 لعام 2012، السماح لوزير الإدارة المحلية باقتراح إنشاء منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي، على أن تقوم هذه المنطقة بأعمال الشركة المساهمة، التي يحق للغير شراء أسهمها، ومهمتها إعادة تنظيم جميع المناطق الداخلة في المخطط التنظيمي وفق المتطلبات التي تحتاجها.

كما يتمّ فيها حصر الملكيات الخاصة، و تسجيلها من جديد في السجل العقاري، على أن يكون هذا التسجيل نهائيًا في نهاية فترة الطعن، المقدرة بـ 30 يومًا، من تاريخ حصر أملاك المنطقة الإدارية.

و حول تداعيات هذا المرسوم و مخاطره و محاذيره، يذكر عددٌ من الحقوقيين أنّه وسيلة للسيطرة على أملاك النازحين و اللاجئين من مناطقهم؛ فتوقيت إصدار هذا المرسوم بحدّ ذاته، أمرٌ ينبغي التوقّف عنده، فهو قد جاء تتويجًا لجملة من حملات التهجير القسرية، التي شهدتها عدة مناطق سورية، ذهبت إلى مناطق نفوذ النظام و حلفائه.

هذا فضلاً على أنّ الأجواء غير مهيئة له؛ فأنّى لملايين اللاجئين و المهجرين قسريًّا أن يقوموا بإثبات ملكياتهم، للمناطق التي سيشملها التنظيم، فكثيرٌ منهم لا يتسنّى له اصطحاب هذه المستمسكات الأصولية، لهم أو لوكلائهم، كونهم مطلوبين أمنيًّا، أو للسوق إلى خدمة الاختياط، التي تطال السوريين حتى سنّ 52.

لذلك ليس أمام الجهات المسؤولة إلاّ أن توقف تطبيقه الآن، ريثما تصبح البيئة أكثر هدوءًا و آمنًا، و لاسيما بعد تأمين عودة اللاجئين و النازحين إلى بيوتهم و مناطقهم، و تمكينهم من ممارسة حقوقهم.

ثمّ إنّ المهلة القانونية التي حددها هذا المرسوم للمراجعة، كما في نظيره ذي الرقم (66)، بمدة أقصاها ( 30 ) يومًا، و جعلها مدة سقوط المطالبة بأصل الحق، و الاكتفاء بمطالبة المتضرر بالتعويض فقط، تعرض أصحاب الحقوق لضياع حقوقهم العقارية في هذه الظروف المضطربة التي تشهدها سورية.

إنّه على الرغم من الصحة القانونية لمضمون هذا المرسوم؛ إلا أنه خاطئ في الظروف و المرحلة التي صدر فيها، و هي تتسم بسيطرة قوى أجنبية على المناطق المعلن تنظيمها، و هي تهدف إلى امتلاك الاستحواذ عليها ترهيبًا، و ترغيبًا لأهلها؛ و هو الأمر الذي يطعن فيه و يجعله موضع طعنّ و استغراب.

إنّ هذا السعي الحثيث لوضع اليد على تحويشة العمر، التي خلص إليها كثيرٌ من السوريين، أمرٌ لم ينجُ منه حتى من هو في مناطق سيطرة الفصائل، بدعوى التشبيح و العمالة للنظام، و الحاجة إليها للمتضررين من جرائم النظام.

إنّه هو حقٌّ متعسَّف في استعماله، و لا يجوز للأطراف المتحركة في المشهد السوريّ، أن تقوم به تحت أيّة ذريعة أو حجة؛ و هو ما ولَّد أزمة ثقة معها، و جعل شرائح كثيرة من السوريين، تنفض يدها من النظام و الفصائل على حدّ سواء.

وسوم: العدد 767