كورونا والغيبيات
مممّا يلفت الإنتباه أنّه منذ انتشار فيروس كورونا القاتل، ظهرت تصرّفات وتحليلات غيبيّة ترحّب بهذا الوباء، فبعض المسلمين اعتبروه تمهيدا لقدوم المهديّ؛ ليحارب الظّلم والطّغيان ولينشر الإسلام والسّلام تمهيدا لقيام السّاعة. وبعض اليهود المتديّنين"الحريديم"، وأنصارهم من المسيحيّين المحافظين اعتبروه تمهيدا لقدوم المسيح أو "المشيح" لينشر اليهوديّة ويقيم مملكة يهودا تمهيدا لقيام السّاعة، والإنتقال إلى الجنّة المخصّصة لليهود دون غيرهم! وكلا الطرفين لا يؤمنان بالعلوم، لذا فإنّ انتشار الوباء بشكل جماعيّ في بني براك قرب تل أبيب، اضطر الحكومة الإسرائيليّة إلى فرض منع التّجوّل عليها للحدّ من انتشار الوباء القاتل.
وهنا لا يمكن القفز عن رأي ودور المراجع الدّينيّة المتنوّرة والتي حذّرت من خطورة الوباء، ودعت إلى التّقيّد بتعليمات الجهات الصّحّيّة المسؤولة، لمحاصرة الوباء والقضاء عليه. لكن يبدو أنّ للخرافة تأثير أكبر من الفهم الصّحيح للدّين. فللإشاعة والخرافة عند العامّة تأثير يبعدهم عن العقلانيّة والإيمان الصّحيح.
ومن المحزن أن يفسّر البعض ممّن يعتبرون أنفسهم متنوّرين أنّ الوباء القاتل مجرّد أكذوبة كبرى تستهدف إغلاق المساجد الإسلاميّة! دون أن ينتبهوا إلى أنّ الكنائس والكنس مغلقة أيضا، مثلها مثل أيّ مراكز ومؤسّات يجتمع فيها أناس كثيرون. تماما مثلما هو محزن أمر أؤلئك الذين لا يميزون بين العلوم الشّرعية والعلوم الدّنيوية.
ومن اللافت أنّ دولا علمانيّة ومتقدّمة علميّا كالسويد لم تتّخذ إجراءات الحظر والحجر كغيرها من الدّول، علما أنّها أغلقت حدودها ومعابرها كالمطارات والموانئ. فكيف يمكن تفسير ذلك؟
لكن يجب الإنتباه أنّ غالبيّة الدّول العربيّة والإسلامية لا تزال مستمرّة في القعود وإعفاء نفسها من البحث العلمي، وبالتّالي فهي تنتظر آخرين ليجدوا اللقاح المضاد للكورونا.
وسوم: العدد 871