على مبدأ: اشترِ حريتك

على مبدأ:

اشترِ حريتك.. الأمن يقايض السجن بالمال

أفاد شهود عيان لمراسل نداء سوريا في دمشق، أنّ إحدى الجهات الأمنية في العاصمة استدعت المئات من الشبان السوريين الذين أُعفوا من الخدمة العسكرية لقاء بدل اغتراب، لاسيما أولئك الذين استفادوا من قانون البدل بذريعة ولادتهم في المملكة العربية السعودية وإقامتهم فيها حتى سن الخامسة عشرة.

وبحسب الشهود فإنّ الجهة الأمنية تولّت مهمّة التحقيق في قضية فساد استشرت في المؤسسة العسكرية جرّاء قضية البدل، حيث تبيّن أنّ الآلاف من المُبدَلين قاموا بتزوير شهادة الميلاد ليتمّ اعتبارهم مقيمين خارج البلد منذ ولادتهم ولمدة خمس عشرة سنة، وبالتواطؤ مع موظفين في إدارة التجنيد العام المخوّلة بالبتّ في هذه القضية.

وفي تجاوز للقضاء أقدمت الجهة الأمنية على استدعاء المبدَلين للتحقيق في القضية، حيث تمّ تتبع مسار طفولة هؤلاء وبممارسة الضغوط عليهم اعترف معظمهم بالتزوير، أمّا من لم يعترف فتمّ احتجازه في فرع الأمن إلى حين اعترافه.

وذكر الشهود لمراسلنا أنّ المبلغ الذي دفعه كل منهم كبدل اغتراب قد تبخّر في ما وصفوه بكفّارة عن تزويرهم، إذ بعد اعترافهم بالتزوير قدّم لهم الأمن عرضاً مغرياً يتضمّن الصفح عنهم وعدم مقاضاتهم بالتزوير مقابل التنازل عن قيمة البدل الذي دفعوه لصالح المؤسسة العسكرية فضلاً عن أداء الخدمة العسكرية...

وبهذا يكون الأمن قد تجاوز مؤسسة القضاء مجدداً، متدخلاً في شأن ليس من اختصاصه كما هي العادة، والأطرف أنه يسنّ تشريعات استثنائية على مبدأ (اشترِ حريتك!) كما هو الحال في الحادثة المذكورة.

هذا وكان الفساد في المؤسسة العسكرية قد أدى مؤخراً إلى إلغاء بدل الخدمات الثابتة بعد اكتشاف آلاف من حالات التزوير في هذا الملف، وليس من المستبعد أن يلجأ رأس النظام إلى هذا السلوك في القضية الأخيرة لصرف الانتباه عن فساد جهازه الإداري في ظل مسيرة "التحديث والتطوير" المزعومة التي أطلقها إبّان تسلمه مقاليد الحكم قبل عشرة سنوات.