اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
ولنا كلمة في
مسؤولة عالم المرأة في syriakurds.com
كم أنت مسكينة أيتها المرأة ومظلومة ومضطهدة، على يد كثير من أبناء دينك وقومك! وكم يتاجر بك وبقضيتك الذئاب البشرية التي لا تقلّ خطراً عن ذئاب الغابة!
يمارس الأرعن والمعتوه والأحمق وصاحب النفس المنحطة طغيانه وجبروته عليك باسم الدين والمحافظة على العرض والشرف، والدين والشرف من أفعالهم بريئان! ويتجاوز على كرامتك وحقوقك الظالم (سواء كان أباً أم أخاً أم زوجاً أم ابناً أم عماً ...) باسم المحافظة على الأعراف وقيم المجتمع وسمعة العائلة! والأخطر أن يُلبِس هؤلاء أفعالهم المجرمة لبوس الدين، والدين لا شأن بهم وبأفعالهم تلك، لا من قريب ولا من بعيد. بل إنهم بتصرفاتهم المشينة تلك قد أوجدوا ديناً آخر لا علاقة له بالإسلام، الذي أنصف المرأة وجعل لها كرامة وحقوقاً واعتباراً في الشخصية والتصرف، بعيداً عن سلطة الرجل وتحكّمه، وكأن هؤلاء الظلمة المتجاوزين لحدودهم الشرعية تجاه المرأة أعلم من الله تعالى وأحكم!! خابوا وخسئوا.
لقد أراد ـ وما يزال ـ أصحاب النفوس غير السوية، والفهم السقيم للدين والأعراف المتعارضة مع روح الدين، أن يجعلوك مجرد متاع ـ ليس إلا ـ في البيت، حرصاً منهم عليك وعلى شرفك بزعمهم الباطل، وكأنهم الوحيدون الذين يعرفون الشرف والحريصون عليه، وضربوا عليك من الستور والموانع والحواجز إلى درجة حبس الهواء النقي عنك، فكانوا بفعلتهم تلك أعطوا في كثير من الأحيان المسوّغ والمبرّر لأولئك الذين ازدهرت على أيديهم تجارة الرقيق الأبيض واللذة وبيع الهوى، أولئك أما الأشرار، ذوو الفطرة المعوجّة والفساد المتأصّل في نفوسهم، أعداء المرأة الحقيقيون، فقد هدفوا بدورهم إلى أن يجعلوا من الأنثى سلعة رخيصة مرمية في قارعة الطريق، لينالوا منك حاجاتهم الدنيئة بأبخس الأثمان، بعد أن يسلبوا منها أعزّ ما عندها، ثم يسْلِموها إلى الأمراض الفتاكة والفقر والمصير المروّع والمجهول!.
فأساء هؤلاء وأولئك إليك، كل بطريقته، وإن اختلف الدافع، فوقعتِ ضحية إفراط وتفريط، بين دعاة تشدد مدان و"تحرر من كل قيد" مرفوض!
وجعل كثير من الفريقين العنف والقهر والإذلال وسيلة لتحقيق أهدافهم ، الأمر الذي دفع بعض الناس، ممن يحملون بين جوانحهم معاني إنسانية وغيرة على المرأة، لأن يخصصوا يوماً في السنة، باسم "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة "، استشعاراً منهم بخطورة هذه الظاهرة السلبية المدانة، ولكن هل تحقق ما أراد هؤلاء؟
إن العنف في مجتمعاتنا الشرقية بعامة، والكردية بخاصة، ما زال يمارَس ضد المرأة، بدرجات مختلفة، بين بيئة وأخرى، سواء عند اختيار شريك حياتها، أم عند تنازع الزوجين داخل الأسرة، أو بين الأولاد(ذكوراً وإناثاً)، إذ غالباً ما يقف الأهل إلى جانب الذكر ضد الأنثى. كما يمارَس العنف أو التهديد باستخدامه ضد الأنثى ـ بأشكال مختلفة أيضاً ـ عندما يتوفى أحدُ والديها ويحين أوان تقسيم الميراث بين الورثة، إذ غالباً ما يتمّ حرمانُ الأنثى من نصيبها، بالرغم من أن الله تعالى قد حدّد لها نصيباً مفروضاً من هذا الميراث في أهدى كتاب وأقومه منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً، ولم ينزل من عنده سبحانه كتاب آخر يلغي أحكام القرآن، فعلى أي شيء يستند هؤلاء الظلمة؟ وأي دين يتّبعون؟
والعنف يمارَس بأبشع صوره ضد الأنثى في مجتمعاتنا، لاسيّما في سورية الأسد، عندما يكون زوجها مطلوباً، بناء على تقارير فروع الأمن السورية، وليس استناداً إلى أحكام قضائية صادرة عن محاكم أو قضاة مدنيين، في هذه الحالة تمارس الأجهزة الأمنية أبشع صور العنف والتعذيب والإرهاب ضد المرأة، تصل في أحيان كثيرة إلى أن تفقد المرأة حواسّها أو تصبح معوّقة أو تصاب بالجنون أو بأمراض مزمنة لا شفاء منها، وقد تموت تحت التعذيب، أو يصدر بحقها حكم الإعدام! وعودة إلى سجلات حقوق الإنسان السوري في ظل حكم العائلة الأسدية تنبئ بصدق ما نقول. إن العنف الذي تمارسه السلطات الحاكمة ضد المرأة يشكل أخطر أنواع العنف، وبخاصة في ظل قانون الطوارئ وتعطيل الدستور والقوانين والمحاكم المدنية ـ كما هي الحال في سورية ودول أخرى عديدة!
وهناك عنف آخر مرتبط بأعراف وعادات اجتماعية جاهلية لا علاقة للدين به أو بها، وهو العنف الذي يمارَس ضد الأنثى عندما يشاع عنها سلوك منحرف ما، لم يثبت بالطريقة التي حدّدها الشرعُ الشريف، في هذه الحالة تكون عقوبة المرأة القتل و"غسل العار" بزعمهم، أما الشابُّ المتهم معها فهو موضع فخر وإعجاب من قِبَل ذويه ـ في كثير من الأحيان!! أي ظلم هذا بحق المسكينة، التي غالباً ما يُثبِت الطبُّ الشرعيُّ براءتها وعذريّتها، ولكن بعد أن تفقِد حق الحياة! وأيّ تمييز مرفوض يمارَسُ عليها من جانب أهل لا أهلية شرعية لهم ولا دين ولا ضمير ولا إنسانية!؟
إننا نرى أن العنف الممارَس ضد المرأة لا يتوقف ما لم يَعُدِ الناسُ إلى حقيقة دينهم، وما لم يتخلّ الناسُ عن عاداتهم الجاهلية غيرِ المنسجِمةِ مع الدين الحقّ، وما لم يؤمنوا بأن اللهَ تعالى قد أنصف المرأة وكرّمها وذكرها بجانب الرجل في آيات تتلى إلى يوم القيامة "والمؤمنون والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعضٍ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..."،سورة التوبة/ الآية 71. و" فاستجابَ لهم ربُّهم أنّي لا أُضِيع عملَ عامِلٍ منكم من ذَكَرٍ أو أنثى، بعضُكم مِن بعض..." سورة آل عمران/ الآية 195. أما تخصيص يوم في السنة باسم القضاء على العنف ضد المرأة فلا يجدي نفعاً ولا يغني المرأة في شيء.
ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ.