أطماع إسرائيل التوسعية
ما قاله بنيامين نتنياهو في المؤتمر الصّحفيّ مع الرّئيس الأمريكيّ رونالد ترامب يوم 15-22017 بأنّ الضّفة الغربيّة"يهودا والسّامرة" أرضا اسرائيليّة، ومطالبته الرّئيس الأمريكي باعتبار هضبة الجولان السّوريّة أراضي اسرائيليّة، يشعل أكثر من خطّ أحمر في معادلة الشّرق الأوسط المضطرب أصلا. ويعيد إلى الأذهان أنّ اسرائيل استمدّت شرعيّتها من قرار الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة رقم 181 للعام 1949، والمعروف بقرار التّقسيم، والذي ينصّ على إقامة دولتين "اسرائيل وفلسطين"، ومع أنّ اسرائيل تجاوزت الحدود التي رسمها لها ذلك القرار، وقامت على 78% من فلسطين بدل 52%، ثم احتلّت ما تبقّى من فلسطين التّاريخيّة في حرب حزيران 1967، في مخالفة واضحة للشّرعيّة الدّوليّة، ولقرارات مجلس الأمن الدّولي، إلا أنّها لم ولن تكتفي بذلك.
وما مطالبة نتنياهو أمريكا بالاعتراف بسيطرتها على الجولان السّوريّة، وباستيطانها للضّفة الغربيّة، إلا دليل على أطماع اسرائيل التّوسّعيّة، والتي تتجاوز حدود فلسطين التّاريخيّة، وهذا يعيد إلى الأذهان أنّ اسرائيل هي الدّولة الوحيدة في العالم التي لم ترسم ولم تبيّن حدودها! وهذا يعني أنّ النقطة التي يصل إليها الجيش الاسرائيليّ ما هي إلا حدود مؤقّته، في انتظار احتلالات جديدة، خصوصا وأنّ اسرائيل وبدعم أمريكا متفوّقة عسكريّا على دول المنطقة جميعها. ويلاحظ أيضا أنّ اسرائيل وبدعم أمريكيّ تستخف بالأمم المتّحدة وبقرارات مجلس الأمن الدّولي الذي يدين سياسة الاستيطان ويدعو إلى وقفها، وآخرها هو قرار 2332 الصّادر في 24 ديسمبر 2016. وموقف الرّئيس الأمريكيّ المنتخب بهذا الخصوص هو تحدّ للأمم المتّحدة وللنّظام الدّولي بأسره، وقد يقود إلى نسف السّلم العالميّ.
ومواقف نتنياهو المعادية لحلّ الدّولتين ليست جديدة، وهي معروفة حتّى قبل اتّفاقات أوسلو عام 1993 وما تمخّض عنه من قيام السّلطة الفلسطينيّة، ففي كتابه
"ِ Aplase between nathions" الذي صدر في بدايات تسعينات القرن الماضي، وترجم إلى العربيّة تحت عنوان "مكان بين الأمم" طرح نتنياهو "استحالة قيام دولتين بين النّهر والبحر"، وطرح إقامة دولة فلسطينيّة في الأردنّ، وأكّد أن "أرض اسرائيل" تطلّ على الصّحراء العربيّة! ويعني الجزيرة العربيّة، ورأى أنّ السّلام يتحقّق باحتفاظ اسرائيل بالأراضي العربيّة المحتلّة بما فيها هضبة الجولان السّورية، وأنّ هذا السّلام سيكون في مصلحة العرب! لأنّه "إذا اجتمعت الانتلجنسيا العربيّة اليهوديّة مع الأيدي العاملة العربيّة سيزدهر الشّرق الأوسط، وستحلّ اسرائيل مشكلة مصادر المياه في سوريّا" وبهذا فإنّ سلام نتنياهو يقوم على السّيادة الاسرائيليّة على المشرق العربيّ، وسيكون العرب مجرّد "حطابين وسقّائين" حسب التّعبير التّوراتيّ.
وفي كتابه طرح نتنياهو أيضا نظريّة "التّكيّف عند العرب" وفيها يقول بأنّ العرب يرفضون أيّ حلول تطرح عليهم، ثمّ لا يلبثون أن "يتكّيّفوا" معها، وأعطى مثالا على ذلك بأنّ العرب كانوا قبل حرب عام 1967، يطرحون القضاء على اسرائيل، وبعد تلك الحرب صاروا يطالبون بالانسحاب من الأرض التي احتلّت فيها، وإذا ما قامت اسرائيل باحتلال مرتفعات السّلط في الأردنّ فإنّهم سينسون الأراضي التي احتلّت عام 1967، وسيطالبون بالانسحاب من مرتفعات السّلط!
هذه فلسفة نتنياهو للسلام والتي طرحها ولم يكن وقتئذ وزيرا ولا رئيس وزراء، وفي هذه المرحلة فإنّه يطبّقها على أرض الواقع دون أن يرفّ له جفن.
وفي المقابل فإنّ العرب مشغولون باستكمال تدمير سوريا، العراق، ليبيا، اليمن، ويموّلون قوى الارهاب في صحراء سيناء المصريّة، ويزيدون ولاءهم لسادة البيت الأبيض، ويشاركون في تنفيذ المشروع الأمريكي "الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة العربيّة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، ومن غير المستبعد إقامة علاقات مع اسرائيل "المؤمنة"! والتّحالف معها ضدّ ايران"الكافرة"! وهذا ما يريده سيّد البيت الأبيض وربيبه نتنياهو.
فناموا ولا تستيقظوا أيّها العرب فما فاز إلا النّوَّمُ
وسوم: العدد 708