نَزعَة التسلّط ، كامنة ، في نفوس البشر، جميعاً ، تَبرز حيناً ، وتختفي حيناً !
في النفس البشرية ، نزعات كثيرة ، بعضها مرتبط بالفطرة ، وبعضها مناقض للفطرة .. بعضها ناشيء عن البيئة والتربية ، وبعضها تقمعه التربية ..!
بعضها يَظهر، في سنّ مبكّرة ، وبعضها يَظهر، في مراحل مختلفة ، من عمر الفرد !
بعضها مؤتلِف ، وبعضها مختلِف !
والحديث ، هنا ، منصبّ ، على نزعة التسلّط ، وما يرتبط بها ، من مظاهر: الاستبداد ، والطغيان ، والتعالي ، والأثرة ، والهيمنة ، والظلم ، وازدراء الآخرين ، والاستهانة بهم ، والعدوان عليهم ؛ على أشخاصهم ، وأموالهم ، وكراماتهم !
قلّما تخلو نفس بشرية، من نزعة التسلّط ، وهي من أهمّ بواعث الظلم ،الذي قال عنه المتنبّي:
متى أتيح لها البروز، برزت .. وهي بحاجة مستمرّة ، إلى القمع ، من قبل صاحبها ، أومن قِبل غيره ، وإلاّ ؛ فالاستبداد ، والتسلّط ، وسواهما ، من آثارها ونتائجها ..!
وواضحٌ ، أن الطغيان ، هو أحد مظاهر نزعة التسلط ، أو أحد نتائجها ! وقد يكون أحد صوَرها ، في بعض الأحوال !
والطغيان : هوتجاوز المرء حدّه ، وحقّه ، في العدوان ، على حدود الآخرين ، وحقوقهم ! وقد وصف الله ، عزّ وجلّ ، أحد أهمّ أسباب الطغيان ، أو بواعثه ؛ بأنه الاستغناء ، فقال سبحانه :
كلاّ إنّ الإنسانَ ليطغي * أنْ رآه استَغنى .
وكلُّ مايستغني به المرء ، من قوّة، إنّما هو هبَة، من الله ، سواء أكان قوّة مال، أم قوّة مُلك، أم قوّة جيش ، أم قوّة عشيرة ، أم قوّة علم ، أم قوة إدراك !
نمرود طغى ، أن آتاه الله الملك .. وكذلك فرعون !
أمّا قارون ، فطغى ، أن آتاه الله المال ، فادّعى أنه أوتيه ، على علم عندَه !
والحكّام ، عامّة ، يسعون إلى التسلّط ، الذي هونزعة كامنة ، في نفوسهم ، ثمّ إلى الطغيان، المؤدّي إلى : التجاوز، والعدوان على حقوق الآخرين !
وروادع التسلّط ، وصوَره ، ومظاهره .. كثيرة متنوّعة ، أهمّها : الدين ، والخلق السامي، والقوى الرادعة المحيطة بالإنسان ، من بشرية ، وقانونية ، وغيرها !
وقد جاء في الأثر: إنّ الله ليَزَع بالسلطان ، مالا يَزَع بالقرآن !
وسوم: العدد 795