الأداءُ البَشريُّ المُشتَركُ
ما هي معاييرُ وضوابطُ الأداءِ المشتركِ معَ الآخرِ .. ؟ هُناكَ - بفهمي- مِعياران رئيسان للسيرِ الحضاريِّ الراشدِ معَ الآخرِ: مِعيارٌ عقديٌّ دينيُّ ومِعيارٌ عِلميٌّ دنيويٌّ.. ما يتعلقُ بالمعيارِ العَقديِّ الدينيِّ.. فقد حسمَ الإسلامُ أمرَ الجدلِ بشأنِه فقالَ جلَّ شأنُه: " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِين "وأمَّا ما يتعلقُ بالمعيارِ العلميِّ الدنيويِّ.. فقد وضَّحَه اللهُ تعالى بنصوصٍ قُرآنيِّةٍ عَديدةٍ منْها قُولُه تعالى : " هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا " وقُولُه سُبحانَه :"مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُون". ومنْ جهةٍ أخرى فهُناكَ نوعان من العبادةِ في الإسْلامِ:(عِبادةٌ روحيِّةٌ ، وعِبادةٌ عِمرانيِّةٌ) فالعبادةُ الروحيِّةُ تُمثِّلُ خُصوصيَّةَ عِبَادةِ الإنْسَانِ لربِّه وفِقَ دينهِ ومُعتقدهِ.. وهذا مِمَّا هو موضعُ اختلافٍ وافتراقٍ بينَ أتباعِ الأديانِ .. والإسلامُ حسمَ الجدلَ بهذا الشأن بقولِه تعالى:" لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" وبقوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) أما العِبادةُ العِمرانيِّةٌ فهي: الانصياعُ لإرادةِ اللهِ سُبحانَه بالنهوضِ بأمانةِ الاستخلاف في الأرضِ وعِمارتِها وفق ما يُحققُ: معاييرَ كرامةِ الإنسانِ وسلامةِ البيئةِ وعدمِ إفسادِها.. وهذه العبادةُ هي الميدانُ المشتركُ معَ الآخرِ في الحياةِ الدُنيا لِقولِه تعالى:" لِكُلٍ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون" وهذا يُؤكِدُ أنَّ معيارَ الأداءِ الراشدِ معَ الآخرِ هو التنافسُ والتسابُقُ في عَملِ الخيرِ.. منْ أجلِ إقامةِ الحياةِ الكريمةِ للإنسانِ في هذه الدُنيا.. أمَّا الآخرة فأمرُها إلى اللهِ جلَّ شأنُه.
وسوم: العدد 797