الشعب يشكو من ارتفاع وتيرة الغلاء والحكومة تتجاهل شكواه
لا يمر يوم دون أن يفاجأ المواطن المغربي بزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية، ومصدره الوحيد لمعرفة حقيقة هذه الزيادات هو المحال التجارية التي يرتادها دون وجود ما يؤكد ذلك من طرف الحكومة التي تلتزم الصمت ، ولا تعلن عن تلك الزيادات عبر وسائل الإعلام الرسمية من خلال نشرات تعلن عنها ليكون المواطن على علم بها عوض أن يفاجأ بها في المحال التجارية . والمادة الوحيدة التي يعلن عن سعرها هو الوقود الذي يعلق سعره على لوحات في محطات الوقود بينما لا توجد لوحات خاصة بباقي المواد الاستهلاكية .
ومقابل تزايد شكوى المواطنين من غلاء المعيشة المتزايد باطراد تصم الحكومة أذنها غير آبهة أو مبالية بهذه الشكوى، الشيء الذي جعل الأسواق والمحال التجارية تعرف فوضى في الأسعار حيث صار التجار على اختلاف فئاتهم تجار جملة، وتجار تقسيط يحددون فيما بينهم أسعار المواد التي يسوقونها مع تفنن بعضهم في التحايل للزيادة فيها، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر باعة أرغبة الخبز الذين ينقصون من وزنها مع الاحتفاظ بثمن وزنها السابق . وليس هؤلاء وحدهم من يلجأ إلى هذا التحايل الذي لا يمكن الانتباه إليه أو ضبطه بالنسبة للعديد من المواد الاستهلاكية القابل كيلها للنقص ، والله أعلم بما يحدث في الموازين من عبث العابثين بها .
ولقد كان من المفروض أن تجنّد الحكومة العديد من فرق مراقبة الأسعار لمحاصرة الفوضى التي تسود الأسواق والمحال التجارية في هذا الظرف الذي يشهد اضطرابا كبيرا في أسعار المواد الاستهلاكية إلا أنها على ما يبدو لا تريدالتدخل بل تدفع قي اتجاه تكريس هذه الفوضى غير مبالية بعواقبها الوخيمة والحالة أن المواطنين متذمرون من غلاء المعيشة، الشيء الذي ينذر بانفجار الوضع لا قدر الله لأن للصبر حدود كما يقال .
أما ممثلو الشعب في البرلمان، فلا يختلف موقفهم عن موقف الحكومة ،فهم أيضا قد وضعوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم ،وأصروا إصرارا على ألا يراقبوا أو ينتقدوا الحكومة الماضية في تصعيد وتيرة الغلاء وهو يسحق الفئات الهشة ، ويوسع من دائرتها بإلحاق الفئات المتوسطة بها أيضا ، أما الفئات الموسرة فلا يعنيها الأمر، ولا تبالي بالغلاء لأنها لا تستهلك أصلا ما تستهلكه الفئات المسحوقة من مواد ، وإن استهلكت شيئا منها يكون من النوع الرفيع الذي لا تقربه أصلا الفئات المعوزة والمتوسطة، ومن يدري قد لا يكون النوع الذي يستهلكه الموسرون أصلا معنيا بالزيادة في أسعاره لأنه مما لا يستهلكه السواد الأعظم من الشعب .
والمؤسف أن المواطنين مع كثرة شكواهم من الغلاء ، فإنهم يجارونه بالإقبال على اقتناء المواد التي ترتفع أسعارها عوض مقاطعتها من أجل إرخاصها بتركها ، وهو ما يشجع التجارعلى المضي قدما في رفع أسعارها طالما ظل المواطنون يقبلون على اقتنائها ويتهافتون عليها بلهف .
فإلى متى سيستمر هذا الوضع ؟ و مرة أخرى نسأل الحكومة هل تفكر بجد في أسوأ العواقب المترتبة عن موجة الغلاء المتزايدة والغير مسبوقة ؟
وسوم: العدد 1004