استقالة البابا
أ.د. حلمي محمد القاعود
كل يوم تتكشف أسباب جديدة لاستقالة بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر غير السبب المعلن وهو عدم قدرته الصحية علي مواصلة عمله.
وهي أسباب تشي بأن هناك خللا ما في القيادة الكاثوليكية للعالم. فقد كشفت صحيفة واشنطن بوست عن أن كارلو ماريا فيجانو, السفير السابق للفاتيكان لدي الولايات المتحدة, هدد بنشر الرسائل الشخصية للبابا بينديكت قبل استقالته التي تكشف عن منازعات شخصية علي حساب الكنيسة ومؤامرات خيانة تكشف عن فساد النظام القائم واختلالات وظيفية داخل الكنيسة. وقالت الصحيفة إن السفير كان مخولا بتطبيق إصلاحات في الفاتيكان, واستطاع بعض الكرادلة الكبار في روما أن يقوضوا جهوده الإصلاحية, وخاصة في مجال فضائح الاعتداء الجنسي علي الأطفال.
كما كشف باحث عربي عما سماه السبب الحقيقي لاستقالة البابا وهو تسريب وثيقة فاتيكانية لإنجيل قديم فيها اسم الرسول- صلي الله عليه وسلم وقال: إنه يوجد حاليا في الفاتيكان ثلاثة ممن يكتمون إسلامهم وظل بابا روما يحاول معرفتهم; وأن أحدهم مسئول عن تسريب وثائق تدين الفاتيكان والبابا.
ومع ذلك فقد عد العالم الغربي إعلان استقالة البابا قرارا شجاعا واستثنائيا, لما يحمله في طياته من مسئولية كبيرة لرئيس الكنيسة الكاثوليكية.
وأيا كان الأمر في استقالة البابا فإن الذي يعنينا نحن العرب والمسلمين, هو العلاقة مع الفاتيكان التي تتسم بعدم الاستقرار, فقد كان البابا المستقيل ممن أساءوا إلي الإسلام واتهمه بعدم الإنسانية, كما أفشل الحوار بين الأزهر والكنيسة الكاثوليكية, وتدخل في شئون دول إسلامية بفرض وصايته علي الأقليات, ولم يخافت برعايته للتنصير في البلاد العربية والإسلامية, ثم إنه كان لا يخفي انحيازه لليهود الغزاة في فلسطين المحتلة. إن البابا القادم مطالب بأن يعبر عمليا عن المحبة التي يتحدث عنها الإنجيل, ويعمل علي تغيير الصورة النمطية للمسلمين في أدبيات التعصب الأوروبي منذ الحروب الصليبية حتي الآن. وأعتقد أنه يتوجب علي الجانب الإسلامي أن يستعد للتعامل مع القيادة الكاثوليكية الجديدة من منطلق الندية, وضرورة الاعتراف بالدين الإسلامي قبل إجراء أي حوار تحت لافتة حوار الأديان; مثلما يعترف المسلمون بعيسي عليه السلام ويوقرونه.