حديث حول الرياضة

حديث حول الرياضة...

د.صالحة رحوتي

[email protected]

مقدمة:

الرياضة تحريك للعضلات من أجل تمتيع للجسد بحيازة كفاءة عالية عن طريق تهيئة كل قدراته المادية و المعنوية للاستمرار في الأداء بمستوى جيد، و تمكين للأعضاء من العمل المتناسق المتكامل مما يضمن ارتفاعا للمناعة، و قدرة على مغالبة الأزمات المرضية، و كذلك كل المؤثرات السلبية الخارجية.

و لما كانت كل هذه المنافع كامنة وراء ممارستها هي الرياضة، و تتأتى بعد القيام بها، كان لا بد لدين الفطرة الإسلام ـ الذي ما يحرص على شيء أكثر من الحرص على مصالح العباد و البلاد ـ أن يأمر بها، و أن يحث على ذلك، إذ مهمة إعمار الأرض و واجب الاستخلاف فيها يحتاجان إلى القدرة على القيام بهما، و يتطلبان الطاقة الجسدية المتجددة، و اللياقة البدنية المتواترة المتكاملة للإحسان و للإتقان فيهما.

و هكذا فقد شجع الإسلام على بناء الجسم بناء سليما، ودعا إلى ممارسة الرياضات المختلفة، تلك التي تربي الجسد، وتكسب القوة، و تساهم في إنتاج جيل قوي مهاب الجانب لا يعرف الضعف ولا التهاون.

فقد حض النبي الخاتم صلى الله عليه و سلم على بناء الفرد المسلم على أساس من القوة.

إذ "حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏وابن نمير ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏عبد الله بن إدريس ‏ ‏عن ‏ ‏ربيعة بن عثمان ‏ ‏عن ‏ ‏محمد بن يحيى بن حبان ‏ ‏عن ‏ ‏الأعرج ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال: قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان"(1).

ولضرورة بناء الأمة القوية امتدح الله عز وجل الملك طالوت صاحب الجسد القوي، القادر على تحمل الشدائد، وجعل موهبته من العلم والقوة سبباً لترشيحه للملك، إذ قال سبحانه و تعالى:

" وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا، قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ، قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ، وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"(2).

كما وصف الله سبحانه وتعالى كرام أنبيائه بقوله عنهم" أولو العزم من الرسل"، إذ قال في كتابه الكريم:

" فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ، كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ، بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ"(3).

ثم إن ابنة شعيب لما رأت مظاهر القوة عند سيدنا موسى عليه السلام قالت لأبيها، كما جاء في سياق القصة في القرآن الكريم:

" قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"(4).

و هكذا نرى كيف ربط الدين الحنيف دين الفطرة بين قوة الإيمان و قوة الأبدان، هادفا في ذلك إلى أن تكون للأمة المسلمة المنعة و المكانة المتميزة التي تسمع بها صوتها الحق بين الأمم، وذلك حين يحسن أبناؤها القيام بكل الواجبات والتبعات المترتبة عليهم تجاه أنفسهم و تجاه بعضهم البعض، وقبل ذلك طبعا تجاه خالقهم جل و علا.

1 ـ ممارسة الرياضة…الكيفية بين توجيهات الشرع و مبادئ الحداثة

 لكن و قد علم مقدار الرياضة و دورها الرائد في البناء المتماسك للإنسان قبل المجتمعات، لا بد من معرفة شاملة، و من علم راسخ، و من استجلاء للغوامض حول طريقة ممارستها و سبل القيام بها...

إذ ما من عمل يراد القيام به على هدى و على صراط مستقيم إلا و يجب استفتاء الشرع فيه و حوله، و ذلك حتى لا ينحرف المسار، و حتى لا يُصبح العمل المراد به عبادةَ الله و التقربَ إليه مروقا و تمردا و إعلانا للعصيان.

و لما كانت للغرب سابقة في تنظيم القيام بالرياضات بجميع أنواعها في الزمن الآني، لم يكن من الواجب علينا نحن التابعون أن نستحسن ما قام به أو يقوم به في هذا الميدان كله، أو نستهجنه كله...

فلنا أن نستحسن هذا من الشيء أو الأمر بصفة عامة، ثم لنا الحق أن نبدي اعتراضنا و استهجاننا لما لا نستحبه منه...حرية الاختيار حسب التوجه الفكري و المعتقد...

فالعقل يعلمنا أنه يجب أن نعمله لكي نفحص جزئيات أي شيء نريد أن نصدر أحكامنا حوله، إذ منه الصالح المقبول، ومنه حتما الطالح المرفوض...

فإذا اختار ذلك الغرب أن يمارس الرياضات المعاصرة في ظروف معينة، و وفق معايير محددة، فلنا أن نختار منها تلك الظروف و المعايير ما يجعلنا في وفاق مع الهوية، و في انسجام مع مقومات و خصائص الذات، ثم لنا أيضا أن نرفض منها ما يدفعنا إلى نكران الهوية و إلى مسخ الكيان، ثم قبل ذلك إلى حجود النعمة و إلى رفض الانصياع لأوامر الباري الخالق عز وجل، و كذا إلى التمرد على شروط العبودية الحقة له...

فلنا أن نتخير من تلك الوسائل و الحيثيات المرافقة لتلك الممارسة ما يمكننا من رضا الله، و نصطنع لأنفسنا أخرى بديلة عن تلكم الدخيلة المعرضة لغضب الله عز وجل.

فالغرب اختار أن تواكب الرياضة كل مظاهر العري، و خاصة البعض منها...

و خاصة حين يتعلق الأمر بالنساء...و ديننا الحنيف أمر بغير ذلك صونا لكرامة و إنسانية الإنسان...

إذ المِقصات تنال من مساحاتها المتدنية أصلا تلك البدلات أو الألبسة الرياضية، و ذلك حين تكون المخصصة للجنس اللطيف...

فتحسر عن كثير مناطق يفضل أن تُستر عند الرياضيين الرجال...حتى تصبح تلك الملابس ـ و التي ما يجمعها باللباس الذي يستر إلا كونها المصنوعة من الثوب ـ هي المُذكية للعري، المبرزة للمفاتن، المساهمة في إبداء العورات...

كل هذا يحصل... و لا من صوت يُسمع للنسوانيات المناضلات من أجل التنديد بالتمييز المقيت المهين ضد النساء، و الذي يطال أجسادهن في الميدان الرياضي، إذ تُشَيّأُ و تُحتسب من قبيل المتاع الجميل رؤيته، و من جنس المنظر المباح التمتع بالتطلع إليه، فتُهيأ بتعريتها جلها ـ و خاصة بتعرية المثير للغرائز و الشهوات منها ـ من أجل الفرجة تباع للمشاهدين من الجنس الخشن، ذلك الجنس "المُستَعبِِد" الذي تكثر حوله الجعجعة، و تتعالى حواليه الأصوات منهن فقط حين يتعلق الأمر بتطبيق تعاليم الإسلام...

فالأجساد شبه عارية تماما إلا من خرقة تستر بعض العورة و بعض الصدر ليس إلا بالنسبة للإناث، ثم و تتقافز تلكم الرياضيات أمام الجمع الغفير من المتفرجين سواء الحاضرين مباشرة، أم الرائين عبر شاشات وسائل الإعلام...

بل و تقتضي بعض "الرياضات" القيام منهن القيام ببعض الحركات المبرزة لتلك الجوانب القليلة أصلا المستورة من عوراتهن...

ففي رياضة كرة المضرب أو التنس يبدو جليا ذلك التمييز في الاعتبار بين النساء و الرجال...إذ حين يكون لباس اللاعب للتنس سروال قصير قد يصل إلى الركبتين مع قميص يغطي الساعدين،يكون حظ المرأة تنورة قصيرة جدا حد أعلى الفخذين مع تبان ليس إلا ،و مع بعض الثوب الكاشف للكتفين في أعلى الجسد، و يغطي بعض الصدر ـ دون البطن في كثير من الأحيان ـ فقط...

أو ليس هذا بدليل على استمراء الرجال لتعرية أجساد النساء عمدا مع قصد توفير فرجة لأنفسهم تتغلغل فيها العيون في أعماق الأغوار...؟؟؟

و إلا لماذا الفرق في اللباس بين الجنسين كما في رياضتي التزلج الجليدي الفني و الجمباز أيضا، و التي يرتدي فيها الرجال سراويل تستر الساقين حتى، و تكتفي النساء بمجرد لباس يشبه لباس البحر العاري الكاشف لمعظم الجسد بل معظم العورة؟؟؟

أو ليس هذا من قبيل عرض لرقيق نسوي في سوق نخاسة؟؟؟

الأجساد موجودة، و العري مضمون...و المتفرجون يدفعون الثمن لمن يبيع متعة المشاهدة و المعاينة، أي لأولائك المنظمين في الأندية و الهيئات الرياضية بجميع أصنافها، وللعاملين في مجال تسويق الفرجة مباشرة أو عبر وسائل الإعلام...

و قد يقال أنه اللعب و المغالبة بين المتبارين هما اللذان يحثان على المتابعة و الرؤية، لكن السؤال نفسه يطرح نفسه أيضا...لماذا الفرق بين البدلات الرياضية بالنسبة للرجال و للنساء؟؟

أي لماذا يُظهَر من سوءات الرياضيات ما يُستَر عند أمثالهن من الرجال؟؟؟

لا شك أن الساهرين على التنظيم، و حتى قبل ذلك على التنظير في المجال الرياضي رجال ـ في الأغلب الساحق ـ و يرومون تعرية النساء تحقيقا لمتعة أنفسهم أولا، ثم متعة من يريدون بيع المشاهدة لهم...وهم أيضا في الغالب من الرجال...

و المشكلة أن كل هذا التشييء كائن و موجود و ظاهر للعيان...ثم و لا إنكار و لا استنكار من طرف من ينحون منحى تسوية المرأة بالرجل...

إذ لربما المشكلة لديهن هن المناضلات الحداثيات النسوانيات في التفريق بين الرجل و المرأة في الستر فقط، أما في التعرية فلا ضير أن تكون هي الأكثر نشرا لخبايا الجسد، و الأكبر حظا في التهتك و الابتذال!!!

ثم لعل المصيبة تعظم عندهن حينما تلبي المرأة رغبات الرجل في الاستمتاع بها في إطار الإحصان المتبادل في المؤسسة الزوجية...أما أن تلبي طلبات الكل في الاستمتاع بجسدها المشاع فلا ضرر و لا حقارة و لا امتهان...إنما هو "تحقيق الذات" و ممارسة "الحق" في استعمال الجسد الملكية كيفما تشاء...

ثم هم القائمون على المجال الرياضي مدركون لهذا الأمر...و مباركون له...بل و محتفون به و مستغلونه أبلغ استغلال...

إذ يأخذون حقهم و زيادة من كعكة التعرية التي يفرضونها على الممارسات للرياضة بحجة ضرورة الالتزام بالبدلات الرياضية تلك "المقدسة" التي ما اختارها و ما سطر مقاساتها أحد سواهم، و ما زكاها إلا هم...

2 ـ التداعيات السلبية للكيفية غير الشرعية لممارسة الرياضة

و لعلنا نتعجب نحن المسلمون:

* ـ و ديننا أمر بعدم الاختلاط المشين للمرأة مع غير المحارم من الرجال...

* ـ و الرياضيات يخالطن رجالا كثر وهن الباديات السوءات العاريات حتى النخاع...

ثم و يبدو:

* ـ و كأن عالم الرياضة الآن في وقتنا الحاضر كأحسن ما يكون تنظيما و انتعاشا      و"إنتاجا"، سواء من ناحية المهارات أو الخبرات أو الكفاءات، أو خاصة من ناحية توفير متعة مشاهدة ذات معايير راقية مطلوبة و مرغوب فيها في جميع أنحاء العالم و من طرف كل المجتمعات و كل الشرائح الاجتماعية...

* ـ و كأن تلك الحيثيات غير الملائمة للشريعة المصاحبة لممارسة الرياضة غير ذات تأثير على مسار الأمور، و بالتالي غير ذات بال و لا قيمة.

ثم قد يتبادر تبعا لذلك إلى أذهان البعض منا غير المستيقنين أن ما ورد في الشريعة من ضرورة الأخذ بالاحتياطات الضرورية في التعامل بين الجنسين في كل أمر ـ أي في كل ما يعتقد فيه النفع للناس حتى الرياضة مثلا ـ هو من قبيل المبالغ فيه

و المتطرف في اعتقاده، بل و حتى المتجاوز بفعل تعاقب العصور و الأزمنة، و بسبب "التطور البشري" الذي حتما يدعو إلى تحديث مقاربة كل الأمور، و إلى إعادة النظر في سبل التعامل مع كل المستجدات...

لكن و بالعكس مما يحدث عند غياب اليقين يجد الراسخ في الاعتقاد نفسه متأكدا من أنه الحق ذلك التوجه من الشريعة، و أنه وحده ذلك الذي تتأتى من ورائه مصالح العباد و البلاد...

ثم و لكي يزداد المؤمنون إيمانا مع إيمانهم تأتي بعد ذلك الدلائل من عندهم، و الحجج من قبلهم، هم الغربيون أصحاب جحر الضب المقتفى أثرهم...أولائك الذين اتخذناهم القبلة و جعلنا فضاء فكرهم المحراب نتعبد بما نتج عنه دونما قدرة على إباحة الاجتهاد للنفس خارج إطار ذلك...

ففي إعلان بعنوان " التحرش الجنسي في الميدان الرياضي... سبل محاربته و ضرورة الوقاية منه" نُشر بموقع "الوزارة الأولى الفرنسية ـ بوابة الحكومة الفرنسية" (5) تم إيراد ما يلي:

* ـ 8% من الرياضيين و الرياضيات تعرضوا و تعرضن إلى عنف جنسي خلال الممارسات الرياضية المختلفة سنة 2006.

* ـ النساء هم الأكثر عرضة لهذه الانتهاكات، 10% مقابل 4,3% لدى الرجال.

* ـ الأطفال و المراهقون هم المكونون للشريحة العمرية المتوجه إليها في الأغلب بهذه الممارسات الدنيئة.

* ـ المتعرضون لهذا العنف لا يستطيعون الإبلاغ عما تعرضوا له خشية التهميش و الإقصاء في العالم الرياضي، و الذي هم ما يهدفون سوى إلى النبوغ و الاشتهار عن طريق كسب الكفاءات فيه.

* ـ وجود أرضية خصبة في هذا المجال مساعدة على بروز تلك التصرفات، و هي التواجد في بعض الأماكن كمستودعات الملابس و فضاءات السهرات، و كذلك انتشار العري، و تنظيم اللقاءات المعينة على "اندماج الشباب" Bizutages و الرحلات و الأسفار المختلطة و غيرها... (6).

و قد أورد هذا الإعلان أيضا أن الوزيرة الفرنسية المكلفة بالصحة وبالشباب و بالشؤون الرياضية "روزلين باشلو" Roselyne Bachelot قدمت يوم 20 يونيو 2007 بحضور "إيزابيل دومونجو" d’Isabelle Demongeot البطلة الفرنسية السابقة في رياضة التنس برنامجا لمحاربة التحرش الجنسي و الاستغلال الجسدي في ذات الميدان الرياضي،و قد أمرت في إطار هذا البرنامج:

* ـ بإجراء تحريات و دراسات أكاديمية بخصوص هذا الأمر و كلفت بها جامعة "بوردو 2" Bordeaux II و المستشفى الجامعي الملحق بها.

* ـ و كذلك بتعين يوم كل سنة للتحسيس بهذا الإشكالية الخطيرة.

* ـ و أيضا بتأسيس هيئة للإنصات و المتابعة لمواكبة أحوال المتعرضين من الجنسين للعنف النفسي و الجسدي المتضمن في مثل هذه السلوكيات (MHASS)..

و قد ذكرت بخصوص هذا الأمر أيضا بأنه قد حان الوقت للقضاء على الطابوهات المواكبة لمثل هذه الانتهاكات، و أنه قد آن الأوان للحديث عن هذا المسكوت عنه.

و هكذا نرى كيف أن الوزيرة المكلفة بالصحة و بالشباب و بالشؤون الرياضية في فرنسا اللائكية المنحى، العلمانية التوجه، قد اتخذت قرار بضرورة إنشاء لجنة تتابع الخروقات و الانتهاكات الناجمة عن التحرش الجنسي أو حتى الاستغلال الجنسي الذين يقوم به القائمون على الميدان الرياضي تجاه الرياضيين و خاصة الرياضيات المبتدئات الصغيرات...

إذ هذا الانحراف يأخذ البعد الأعظم عندما يتعلق بالعلاقة بين المدربين المالكين للعلم بكيفية توفير الكفاءات و القدرات الرياضية، و بين المُسَلَّمِين إليهم من طرف الغير ـ الأسرة مثلا ـ أو حتى من طرف أنفسهم هم الراغبون في تنمية طاقاتهم، و في كسب رهانات السباقات المتعددة، من أجل حيازة التميز، وبهدف الفوز بالدرجات الأولى، و بالتالي بالجوائز و بالألقاب، سواء على المستويات المحلية أو تلك الدولية منها.

 فالمدرب يملك سبل و أساليب النجاح... و يقايض ذلك بالمتعة يأخذها من جسد عار يبيح له العري ـ المفروض بفعل ضرورة الالتزام بالبدلات الرياضية الخاصة بالنساء ـ التملي به، و استطلاع كنهه، و التلصص على خبئه و بواطنه...

ثم بما أن الاختلاط و الخلوة متوفران بحكم تواتر التداريب و استمرار التواجد المشترك، فالاستهلاك يصبح ميسورا و سهلا... بل و تضحي اللقمة سائغة و محببة إلى النفس أيضا...

و قد يقول قائل أن ما يقع آنذاك يتم بين طرفين...و لا حرج في ذلك إذا كان التراضي و وقع الاتفاق...فالجسد ملك المرء، و يستخدمه متى ما أراد من أجل تحقيق متعة ما، هو ذلك المرء حر في تحديد كيفيتها و مقاييسها و الحيثيات المواكبة لها، وذلك دونما تدخل لدين و لا لقيم و لا لتقاليد مقزمة لحاجيات الإنسان...

لكن ما قالته الوزيرة هنالك في الغرب تحدث عن تحرش و عن استغلال جسدي، و حتى عن حوادث اغتصاب...

و هذا يعني امتهانا لكرامة الرياضية أريد لها التحرر من ربق الملابس المعيقة عن الانطلاق في عالم العصرنة و الحداثة و في فضاءات النجاح و التألق، و لكنها حُشرت في أغلال العبودية لفاقدي القيم و المبادئ من المديرين و المدربين و المسؤولين، الذي امتهنوا كرامتها و اقتحموا خصوصيات جسدها، مبتزين مستغلين عابثين و مستبيحين لأنفسهم تفريغ نزواتهم الرخيصة، و ذلك مقابل تعليم مبادئ رياضة أو حتى كفاءات فيها تلك الرياضة، ولا يمكن أن يكون حتى النجاح الباهر فيها علاجا للاختلالات الجسدية و النفسية التي انغرزت عميقا في حناياها.

و أخيرا…

و بعد أن شهد شاهدون و شاهدات منهم... و أقروا بالانفلات الحاصل و بالمفاسد المتحصلة في هذا الميدان من جراء تلك السبل و الطرق المتوسلة في الممارسات الرياضية...

فهل منا من متعظ؟؟؟

و هل منا من أواب للحق و من مقتف لأثر الصراط المستقيم؟؟؟

و ذلك حتى نكون العابدين حقا...و في جميع الميادين...المحققين لقوله تعالى:

"و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون"(7).

               

الهوامش

1 ـ صحيح مسلم ـ القدر ـ في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله ـ الحديث رقم: 4816.

2 ـ سورة البقرة ـ الآية رقم: 247.

3 ـ سورة الأحقاف ـ الآية رقم: 35.

4 ـ سورة القصص ـ الآية رقم: 26.

5 ـ http://www.premier-ministre.gouv.fr/mobile.php3?id_article=56916

Site du premier Ministre – Portail du gouvernement français

6 ـ http://www.jeunesse-sports.gouv.fr/IMG/pdf/dossier_de_presse_harcelement_dans_le_sport-2.pdf

الصفحة رقم 5.

7 ـ سورة الذاريات ـ الآية رقم:56 .