أجلْ لا يُؤمِنُون

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يَقولُ اللهُ تَعالَى:"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"وَيُعلِّقُ ابن رَجَب الحَنّْبليُّ عَلَى الحَدِيثِ فَيَقُولُ:الأخوةُ هُنَا هي الأخوةُ الإنْسَانِيِّةُ عَلَى الإطْلاقِ..وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"واللهِ لا يُؤمِنُ..واللهِ لا يُؤمِنُ..واللهِ لا يُؤمِنُ..قَالُوا:مَنْ يَا رَسولَ اللهِ ..؟ قَالَ:مَنْ بَاتَ شَبعَانٌ وَجَارُهُ جَائِعٌ وَهو يَعْلَمُ"لا أحسبُ أحداً في الدنيَّا مِنْ مَشارقِها إلى مَغاربِها..ومِنْ شَمَالِها إلى جُنُوبِها..لَمْ يَسْمَع وَيَرى الفُواجِعَ المُدَمِّرةَ التِي يُعَانِي مِنْها السُوريُّون في الداخلِ والخارجِ..وَقَد اجتَمَعَت عَلَيهِم كوارِثُ الظُلْمِ وَالطُغْيَانِ والإجْرَامِ وَالذْبحِ وَالتْحَريِّقِ والتنّكِيِلِ..مِمَّا لا يَعرفُ التَاريخُ لَها مَثيلاً..مِثلَمَا اجتَمعَت عَلَيهِم مُعاناتُ التشرِيدِ والجُوعِ والعَطشِ والأمراضِ والإهاناتِ والمَذلاتِ مِنَ القَريبِ والبَعيدِ..وَجَاءت رَحمَةُ السماءِ بأمطَارِهَا وَعواصِفِها الثَلجيِّةِ والجَليديِّةِ..لِتتحُولَ بِسببِ الإهمَالِ والزُهدِ بِهِم وًتَجَاهُلِ إنْسَانيِّتهم..إلى نِقْمةٍ وعَذابٍ يُضاعفُ عَذابَاتِهم ويُعمقُ جِرَاحَاتِهم..وتتحول إلى سُواطير وفؤوس وسياط بَاردةٍ قارِسةٍ تُمزِّقُ أجسَادَ أطفَالِهِمُ الغضَةِ وتَدفُنُ براءاتَهم تحتَ الثلوجِ والجليدِ..بوحشية تفوق وحشية من ظلمهم وبغى عليهم واعتدى على شمم كرامتهم الشامية المحمدية..وَالنَّاسُ مِنْ حَولِهم يُعانُون مِنْ كُلَّ أمراضِ التُخمَةِ..وزيَادةِ الوَزن والعَجزِ عَنِ الحَركةِ..لِمَا تَحمِلُه أجسَادُهم مِنْ اثقالٍ جِسَامٍ من اللحوم والشحوم لِكثرَةِ ما يَأكلُون وَيَبلَعُون..أجلْ..يًا سيدي يَا رَسُولَ اللهِ لا يكتمل ولا يتم إيمان مَنْ يَرى هَذه الكوارِثَ الهُوجاءَ تُحيقُ بِأهْلِ الشَامِ أهْلُ المَحْشَرِ والمَنْشَرِ..ثُمَ يَسْتَمرُ في غَفْلَتِه عَنْ إغَاثَتِهم وتَلْبِيةِ وَاجِبَاتِ وَفُرُوضِ الأخُوَّةِ والجُوارِ نَحوَهُم..اللَّهُمَّ قد ذَكَّرتُ..اللَّهُمَّ فَاشْهد.