الوفاء بالوفاء

تبسم حامد وهو ينزع نظارته, ثم تنهد كأنما حنَّ لفقيد, أو أشجاهُ بعيد...كيف لا أفي مع من وفت معي؟!! وهي التي أفنتْ زهرة عمرها من أجلي, وما زالتْ تعطي بلا حدود , وتفرش بين يديَّ الورود , و إذا اشتطَّ بيَ الضَّيم , فهي الحنونُ الودود , التي أحُطَّ حمائل همي بين يديها فتواسيني بأعذب الكلمات , وتمحو برقتها عنتي, وتداوي بعطفها جراح أيامي , كيف لا أراعي شعورها؟ , وهي مستودع سري وراعية بيتي , وأم أولادي , فهي عوني في كل مُلِمَّة , وشريكتي في كل مٌهمة, تصوِّبني إذا أخطأت وتعينني إذا أصبت , أفضي إليها بما يعتلج في صدري فتئنُّ لشكوايَ, كما يئنُّ الجريح عندما يبلسم الطبيب جراحه وكأنها هي من أصيبت. فكم تحملتني في الشدائد!! أفلا يجدر بي أن أتحملها إن هي وهنت وناوشتها العوائد ؟! , وكم صبرتْ علَيَّ في الضراء , ألا يَحسنُ بي أن أكافئها في السراء؟! , بسمتها تبرئ الجروح , ودعاؤها يفتح الفتوح , فكيف أجازيها بضرَّةٍ تعكِّرُ صفوها, وتمحقُ طمأنينتها ,وتهتك مسرَّتها ؟! فتتخيل أني قد عِفْتها وكرهتُ عشرتها, وعِبْتُ سيرتها, وجحدتُ فضلها!! لا أفعل أبدا وقد أوصاني حبيبي بها , فقال :استوصوا بالقوارير خيراً ... وصمت برهه لعله تذكر أسماء وحن إليها , وهو حديث عهد بها ولم يكاد يفارقها...واستطرد مستلذا بذكر مناقب العشرة 

فقال: ولئن رضيتْ بضرتها كغصةَ في حلقها مرغمة بقبولها , فلن تتقبل نظرات صُوَيْحِبَاتِها , حيث تظنُّ أنهن شامتات بها محقراتٍ لها ؛ يتناقلنا القول فيما بينهن فتقول الأولى للأخرى إلفها لا يحبها... زهد عنها واستبدل سواها !.. وهذا ما يفت عضدهنَّ ويمزقُ قلوبهنَّ , هذا الشعور لوحده يعد كالأفعى التي تلتف حول رقاب عامة النساء .. وهو ناجم من سوء تصرف الذين تزوجوا و لم يتقوا الله ولم يعدلوا بينهن بالسوية , هجروا القديم وآثروا الجديد! ذاك ما جعل النساء ينفرنَ ولا يرضين بالضرائر... فقل الطلب على التعدد وزاد الشطط واللغط حوله , حتى أصبح في بعض المناطق كأنه جريمة نكراء وفي بعض الدول يعاقب عليه القانون فمن ينصف النساء وهذا حال الرجال ممن تعددوا ولم يعدلوا

وسوم: 635