البناء النحوي في شعر نزار قباني

سلام عليكم، طبتم صباحاً - أيها العلماء والفنانون- وطاب مسعاكم إلينا!

بسم الله - سبحانه، وتعالى!- وبحمده، وصلاة على رسوله وسلاماً، ورضواناً على صحابته وتابعيهم، حتى نلقاهم! أحمد الله الذي يسر لي أن أجاور أستاذيَ الجليل الدكتور شعبان صلاح وأخي الكبير الأستاذ الدكتور أحمد هندي، وأشكره، وأسأله كما جمعنا عاجلاً أحباباً سعداء، أن يجمعنا آجلاً أحباباً سعداء، بلا مناقشات ولا مداولات ولا قرارات!

هذه الرسالة 470 صفحة صغيرة خفيفة: مقدمة (9صفحات)، تمهيد (6)، فصل أول للتكرار (59)، فصل ثانٍ لإطالة بناء الجملة (52)، فصل ثالث للتقديم والتأخير في أجزاء الجملة (57)، فصل رابع للحذف على المستوى النحوي (78)، فصل خامس للإطراد (106)، فصل سادس للأساليب (82)، خاتمة (5)، فهارس للآيات والأحاديث والأقوال والشواهد الشعرية والمصادر والمراجع والموضوعات (13)، وملخص بالإنجليزية، وفي معاني ذلك ومبانيه نظر طويل (3).

وعلى رغم أن كثيراً مما أريد قوله قد أتى عليه أخي الكبير الأستاذ الدكتور أحمد هندي، أتلمس فيما يأتي ما يمكن أن ينتظم في خمسة المسالك الآتية: في المناقب العامة، ثم في المبادئ النزارية، ثم في المثالب العامة، ثم في تعبير الطالب عن أفكار غيره، ثم في تعبير الطالب عن أفكاره. ومن أدلة المحبة وطرق التحبب، أن أستفتح بمناقب هذه الرسالة كِفاءَ ما جمعتنا هذا الاجتماع الطيب.

في المناقب العامة

1- أول مناقب هذه الرسالة مشرفها أ.د. شعبان صلاح الشاعر اللغوي الكبير، الذي بذل من وسعه عمره في علم الشعر وعمله؛ فلكل تلميذ من أستاذه نصيب، ومن أشبه أستاذه فما ظلم!

2- ومن مناقب هذه الرسالة كذلك صياغة مسألة البحث صياغة دقيقة محكمة، أفضل ما يمكن في صياغة مسائل الماجستير، خالية من الزائدة الدودية "الدلالية" الواقعة في أكثر الصياغات.

3- ومن مناقب هذه الرسالة كذلك اختيار نزار قباني - وإن بَعْدَ ثلاثَ عشْرةَ سنة- فهو أحد كبار شعراء مدرسة الشعر الشعبية على مدار تاريخ الشعر العربي - في تسمية الدكتور نجيب البهبيتي، رحمه الله!- المدرسة التي رادها الوليد بن يزيد الخليفة الأموي بلديُّ نزار، ثم أبو العتاهية والسيدُ الحميري، إلى أن تحمل عبئها نزار قباني السوري وأحمد مطر العراقي. وهي مدرسة من يطاردون بشعر الفصحى شعر العامية، ومن شهد منكم المتظاهرين في ميدان التحرير وأنصت إليهم، اطلع على طرف من هذه المنافسة التاريخية بين شعر الفصحى وشعر العامية: أيهما أصدق تعبيراً، وأيهما أنفذ تأثيراً، وأيهما أبقى ترديداً.

4- ومن مناقب هذه الرسالة كذلك حسن تأتي الطالب إلى المباحث الآتية:

1- إطالة الخبر شبه الجملة - 90- لإفادة الفسحة والاتساع والإطلاق.

2- إطالة المفعول به الصريح - ص92- لإفادة اجتهاد الشاعر في البحث والاستقصاء.

3- الإطالة بالحال - ص95- لإطالة الحكاية بإطالة الصورة.

4- إطالة النعت - ص99- لتوضيح اللفظ وترسيخه في الذاكرة.

5- تقديم الجار والمجرور - ص173- للدلالة على كثرة العوائق المتجمعة ثم للتشويق إلى المؤخر.

6- تسمية إضافة المتماثلين استنساخاً - ص302- وهي تسمية موفقة، لظاهرة واضحة.

7- اختلاف أسلوب النداء بين الشعرين الغزلي والسياسي - ص391- من حيث أدوات النداء.

8- اشتراك المنادى والمبتدأ بعده - ص400- في مادة واحدة.

9- اشتراك المنادى والخبر بعده - ص401- في مادة واحدة.

10- تقديم الاستفهام - ص441- على الأمر.

11- تقديم الأمر - ص442- على الاستفهام.

12- اقتران الأمر - ص443- بالنداء.

13- أسلوب الأمر والنهي - ص434- الذي اضطرك إلى تأمل دلالته والانطلاق الذي تمنيناه.

14- المدخل - ص448- إلى أسلوب التمني والترجي.

في المبادئ النِّزاريَّة

1- سألت سعاد الصباح نزار قباني سنة 1992م، عن شعريه الغزلي والسياسي؛ فقال: "بكل صدق أقول إنني متعاطف مع شعري الغزلي ضد شعري السياسي. والسبب هو أنني جررت إلى الشعر السياسي جراً، بحكم الأحداث المتفجرة التي أشعلت المنطقة العربية. أما شعر الحب فقد ذهبت إليه باختياري، ولم يجرني إليه أحد. وبتعبير آخر أشعر أنني في شعري الغزلي كنت سيداً على أوراقي بينما كنت في شعري السياسي خاضعاً لسطلة التاريخ السياسي عليّ وضغط الأحداث على أصابعي وأعصابي. وربما لم أقل هذا الكلام قبل الآن لأحد. ولكنني اليوم أسجل هذا الاعتراف حتى أبرئ ذمتي أمام تاريخ الشعر"!

2- ثم سألتْه: لا يعدك التقليديون تقليدياً ولا الأصوليون أصولياً ولا الحداثيون حداثياً؛ فمن أنت في زحمة الألقاب العربية؟ فقال: "أنا نزار قباني فقط! أنا هذه اللغة التي اشتغلت في نحتها كالصائغ على مدى خمسين عاماً ولم يتمكن أي صائغ آخر من صياغة لغة تشبهها في بساطتها وديناميكيتها وديمقراطيتها. إنني لست بحاجة إلى أي لقب سلطاني أو إلى أي فرمان عثماني حتى أعرف من أنا فالألقاب الشعرية لا تصدر من فوق بل تصدر من تحت حيث الملايين تبحث عن كسرة خبز أو كسرة حرية. من هذه الملايين أستمد سلطتي الشعرية، ومن هذه الملايين أتسلم أوراق اعتمادي كسفير فوق العادة للطيبين والبسطاء والمعذبين في الأرض، ومن هذه الملايين أنال أصواتي الانتخابية لا من وزارات الثقافة ولا من النقاد ولا من أجهزة المباحث"!

3- ثم سألتْه: هل أنت ضد الحداثة في الشعر؟ فقال: أنا ضد الفوضى وضد التخريب وضد العدمية؛ فالشعر هو قبل كل شيء نظام وانضباط ومسؤولية. إنني أفتح قلبي لأي شعر جديد يقنعني بأنه شعر، ولكنني لا أستطيع أن أكون مع هذه الهيستيريا اللغوية التي اسمها الحداثة. إنني غير متمسك بالصياغات والأشكال القديمة أبداً، ولا أنا متمسك بالقصيدة العصماء والمعلقات وتفاعيل الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ فالشعر نهر يغير أمواجه في كل لحظة، ولكنه يبقى نهراً، وأنا أرفض أي دعوى حداثة تطالب بإلغاء النهر وشطبه من أطلس الجغرافيا. وكما تغيرت ملابسنا وبيوتنا وطعامنا وعاداتنا وأذواقنا وانتقلنا من مرحلة البادية إلى مرحلة المدنية، فإن شعرنا هو الآخر تغير واختلف جذرياً عن الشعر الجاهلي والأموي والعباسي. فلا الفرزدق له اليوم شعبيته ولا النابغة الذبياني محبوب لدى أطفالنا ولا عمرو بن كلثوم يشرب القهوة معنا في الكافيتيريا. إن لغتنا الشعرية اختلفت 180 درجة عما كانت عليه (...) وكذلك اختلفت صياغاتنا وأفكارنا وعاداتنا الشعرية. وهذا يعني أننا نتطور ونتغير ونستجيب لمتطلبات العصر دون أن نكون بحاجة إلى من ينسف بيوتنا بالديناميت ويحول تاريخنا الشعري إلى رماد. إن مدينة الشعر تتغير بطلاء جدرانها وتوسيع ساحاتها وإضاءة شوارعها وتجميل حدائقها. أما استعمال البولدوزر لتحديث الشعر العربي فهو عمل إرهابي أرفضه رفضا قاطعا"!    (كتاب العربي العدد81:83-86).

4- وفي أجوبة نزار تلك - لو وقف عليها الطالب- منطلقات كفيلة بتأسيس دراسته على أسس قوية من معالم مدرسة الشعر الشعبية، العروضية واللغوية:

1. من مثل وزن القصيدة إما من الأبحر المفردة وإما من الأبحر المركبة الكثيرة الاستعمال، وتقفيتها إما من القوافي الذُّلُل وإما من القوافي النُّفُر أو الحُوْش المحورية الكلمات.

2. ومن مثل بناء القصيدة القصيرة على لقطة واحدة، وبناء القصيدة الطويلة على لقطات متعددة متجاورة بلا تركيب عضوي معقد، ومتصلة بوجوه التكرار المختلفة.

3. ومن مثل تحريف البناء الصرفي وهلهلة البناء النحوي، عفواً أو قصداً، واستعلاء دارجاً أو استثقالاً فلسفياً!

4. ولو عثر الطالب على تلك الأجوبة، لانتبه إلى إركاك نزار الكلام عمداً وضعاً منه للجمهور؛ فقد كان مقتنعاً أن الشعر رغيف يخبز للجمهور كما تعرفون وتأكلون فيه التراب والمسامير وأعقاب السجائر إن وجد أصلاً!

5. ولو عثر الطالب على تلك الأجوبة، لبنى رسالته على الموازنة بين شعري نزار الغزلي والسياسي؛ فعالج الصعوبة التي اعتذر بها - ص3- ثم كان عمله أدق وأعلى، ولم يتوجس في أواخرها - ص307- من التعبير عنها!

6. ولو عثر الطالب على تلك الأجوبة، لم يقل في نزار - ص15-: "خاض معارك العشق شاباً ومعارك النضال الوطني شيخاً، حتى وهن القلب ولم يعد يحتمل أحوال أمته وما آلت إليه"!

في المثالب العامة

1- لقد رد عليك الرسالة أستاذك الدكتور شعبان لتصححها وتعيد طباعتها - وهو ما لم أعرفه لمشرف قبله- ففعلتَ، فلما قرأتُ النسخة الواردة أخيراً، حرت فيها أهي المصححة أم المحرفة؛ فقد تكاثرت عليَّ الأخطاء الإملائية والصرفية - يُؤويه لا يَأْويه، وبِلْقِيْس لا بِلْقَيْس- والنحوية - ص30- حتى عطلت لدي حاسة الفهم والتذوق! ولم يعد غريباً أن تقع - ص27- في 7 أبيات مثلاً 10 أخطاء، ولا أن نحار - ص45- في جهة القصيدة بفتح مكسور يجوز كسره وفتحه، والشاعر نفسه قد حدد أحد الوجهين تحديداً صريحاً، ولا أن تجعل - ص277- الفعل المضارع "تُبَرْعِم" اسما "تَبَرْعُم"، على رغم حاجتك في مبحث اطراد الفعلية إلى فعليته، لا لم يعد أي من ذلك ومن مثله غريباً!

2- وفي ديوان نزار نفسه تحريفات بعضها من عمله هو - "قُرُنْفُلة" ص281 وهي "قَرَنْفُلَة"، و"أَعُزُّ" ص289 وهي "أَعِزُّ"، و"أَخْطُفُ" 407 وهي "أَخْطَفُ"، وبعضها من عمل الطابع- ينبغي أن تميز بعضها من بعض، لكيلا تُظَنَّ من تحريفاتك، ولكن كيف وأنت نفسك لا تعرفها.

3- أنت تكسر وزن الشعر ولا تعرف العروض، وأعجب الأشياء مشتغل بالشعر لا يعرف العروض؛ إذ العروض روح الشعر - وهذه 11 مثالاً: 25، 27، 40، 51، 73، 88، 90، 136، 225، 281، 291- خَمَّنْتُ كثيراً منها، ووجدته في الديوان على ما خمنت- وأعجب من ذلك مشتغل بالشعر نُقِلَ إشرافه إليَّ، سألته: أتحب الشعر؟ فقال: لا.

4- عجباً لك أيَّ عجب! تكتب رسالتك بخَطَّيْنِ، قَبيح وحَسَن؛ و"ما حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكْ فَتَوَلَّ أَنْتَ جَمِيْعَ أَمْرِكْ"

5- مسألة الرسالة كافية جداً، ولكنها غير منحصرة، وقد ذكرت في الصعوبات - ص4- "اتساع الموضوع"، وأنك عالجته باختيار أبرز قضاياه، فكان لَقْط لَقَطات؛ حتى لَيُعَدُّ عملك من دراسة عوارض البناء النحوي!

6- إن الغالب على عملك تمثيل بعض الأفكار المتخطفة من بعض الأبواب، تمثيل الواجب المنزلي -ص126، 243- بلا تفكير علمي نحوي؛ وإلا فأين ضبط المادة، بل أين مقاييس النحو! إن مادتك محددة - وإن أهملت تحديدها في مقدمتك لتكرار الفهرس وكان نقد مجموعات نزار أولى بالمقدمة- فلِمَ لَمْ تحص عناصرك إحصاء، لتستخرج معطياتك فتفسرها تفسيراتك، وترى رأيك؟ هذا عبث بنا - يا بني- يؤكد الشائعة القائلة: إن تسجيل الموضوع أهم ما في الموضوع!

7- صحيح أنه نَدَّ منك عفواً في أسلوب النداء - ص390- إحصاءٌ انتبهتَ به فجأة إلى ضرورة إحصاء العناصر الدالة وإلى ضرورة الموازنة بين طرفين، ولكنك لم تحكمه - كيف وما هو إلا رمية من غير رام- وإلا لأحصيت الغزلي بجوار السياسي خطوة خطوة، ولأحصيت أوضاع أجزاء أسلوب النداء!

8- لقد كان ينبغي لك تنميط تراكيب المكررات ونقد الغالب منها - لم كان غالباً؛ أَلِيَتَمَكَّنَ من التعبير عن كذا مثلاً؟- والنادر لم كان نادراً؛ ألأنه مثلاً لم يعبأ بكذا أو كان حريصاً على الإيحاء بأنه لا يعبأ به؟

9- ألم تنتبه إلى أنك تَحَرَّجْتَ -ص69-75 وغيرها كثير- من تكرار عبارة الاستقصاء وإعادة ألفاظ الشاعر بعد كل نقل؛ فكففت عنها، وتركتنا مع مختارات من شعر نزار!

10- وادعيت - ص77- ترديد النظر في إطالة الجملة بين التراث العربي وشعر نزار، من غير أن توازن بينهما منذ الخطوة الأولى وتستعمل الإحصاء والتحليل والتفسير منذ البدء قبل أن يستعصي الأمر!

11- ينبغي أن تنمط للإطالة أنماطاً تجتمع في قيمها الدلالية أمثلة المقبول وأمثلة المرفوض فالحركة إنما تكون من خلال وحدة النمط النحوي.

12- غرابة استعمال نزار لحروف المعاني (الأدوات أو الملونات) - ص38، 73،- ظاهرة تستحق الدراسة فربما كان من إنابة الحروف، وربما كان من تضمين الأفعال، وربما كان من استلهام الحديث الشعري العام، وربما كان خطأً وعبثاً!

13- بلغ تلاعب نزار بالحروف أن غير الباء - ص67- في المثل "رجع بخفي حنين" إلى في!

 14- أستفيد من قولك – ص 45 – "تكرار بيت معين.. وتكرار الجمل والعبارات..."، حيرتك بين المقاييس الشعرية والمقاييس النحوية، ففي أثناء كلامك عن تكرار البيت الواحد تستشهد بتكرار الجمل والعبارات! وتخلط قيم التكرار المختلفة؛ فمقطع وبيت من واد وتركيب وجملة وكلمة وصيغة من واد.

15- ما حيلة نزار - ص186- في الواجب، إلا أن توازن بين شعره وشعر آخر غير عربي؟ ما لنا -210- وللحذف الواجب! إنه يُتَكَلَّمُ عنه في أثناء الكلام عن بناء الجملة لتذكر أنماط الجملة الموجزة كيف تكون أو يذكر فرق ما بين العربية وغيرها من اللغات! تحصيل حاصل حذف المفعول المطلق وجوباً - ص213- وتوصيل واصله!

16- وهكذا - ص457- كان تناولك جزئياً ولم تنتبه إلى اصطفاء قصيدتين كاملتين كافيتين، فتوازن بينهما موازنة نحوية تستحضر فيها كل ما تتبعته جزئياً لتقدم نمطاً عالياً من التفكير أو النقد النحوي الفعال، ولتكن إحداهما من الشعر الغزلي والأخرى من الشعر السياسي؛ عسى أن تختبر دعواك أنت فيهما أو دعوى الشاعر نفسه. لقد أوردت - على ست صفحات من ص39- قصيدة كاملة كما تمنيت عليك ولكن من غير جدوى!

17- أوليس التكرار والإطالة والاطراد بعضها من بعض على نحو ما! أظن أننا إذا استوثقنا من بعض الفصول جاز أن نجعل رسالتك في بنية التكرار في شعر نزار! ولا سيما أن هذه الفصول الثلاثة هي نصف الرسالة، وأن الفصل السادس حيران بين الفصول، أما الفصلان الثالث والرابع فدخيلان!

18- كان ممكناً - ص459- جعل التكرار من مباحث الإطالة ولكنك أردت الإطالة وليس بمستحيل ذلك ولكن تدقيق النظام أجدر بك!

19- ثم يا أخي الكريم لا يجوز إطلاق الأحكام - ص279- من غير مقدمة بإحصاء العناصر الدالة.

20- في مبحث أسلوب الشرط أظن أن طريقة التحليل النحوي إلى أساليب غير مستقيمة مع سائر الفصول، بل أظن أن تقسيم الفصول غير موحد المنهج؛ فبعضها ينبغي أن يدخل في بعض، وبعضها ينبغي أن يغير على وفق بعض!

21- إذا أردت - ص197- كلام غيرك فعبر عنه بأسلوبك ثم أحل عليه في الحاشية، إلا إذا أردت نص كلامه لشيء فيه ستعلق عليه فعندئذ تنقله. ولكن المشكلة أن الطالب يستضعف نفسه عن أن يعبر بأسلوبه عن فكرة غيره. ألا فاعلم أن غيرك إنما هو بمنزلتك يستفيد ممن سبقوه ويعبر بأسلوبه!

22- ثم أين دراسات بناء الجملة وإطالته في القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر النفيس! لكن كيف تَأْتيك - ص84- إلى حيث تقيم بصعيد مصر "والسيل حرب للمكان العالي"! أم كيف تأتيك وأنت مشغول عنها بعملك اليومي والمشغول لا يشغل! اعلم أن لدينا من الدراسات في ذلك الأمر ما يحرجنا عن دراسته مرة أخرى!

23- من الملاحظ جداً عدم الحواشي فكأنك تعمل وحدك! حتى إذا اعتمدت كان اعتمادك على دراسة شعر مانع سعيد العتيبة! وما شعره في الشعر ليكون لدراسته مكان في النقد، ثم ليكون لاعتمادك عليها درجة في الاحتجاج!

24- من مشكلات الدراسات العليا اضطرار نتائج الدرجات للطلاب إلى أقسام لا تناسب في ظاهرها مواهبهم، كاضطرار حملة القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر النفيس، إلى قسم النحو والصرف والعروض. ينضمون إلى قسمنا، ويمضون في سبيله، ثم يسجلون للماجستير والدكتوراه في القرآن والحديث والشعر، ثم يعرضون على الأساتذة عملهم، فإذا هو خال في كثير من الأحيان من التفكير النحوي مشغول بالتفكير غير النحوي. ألا فليعلموا أن قسمنا محتاج إليهم بمواهبهم هذه، فهي نِعَمٌ لِلَّهِ عندهم تستحق الشكر، وشكرها في قسمنا أن ينتهجوا في معالجة ما يحملون، منهجاً نحوياً، ويدخلوا إليه من مداخل نحوية، ويشتغلوا في أثنائه بتشقيق الأفكار النحوية. وليطمئنوا إلى أنهم بهذا يجمعون الحسنيين؛ التفكير النحوي والتفكير الفقهي والجمالي، ولا يقلقوا؛ فكثير من الأفكار الفقهية والجمالية، ما هي عند التحقيق إلا أفكار نحوية كما فصل أستاذنا الدكتور محمد حماسة في كتابه "النحو والدلالة"، الذي جعل شعاره كلمة مشهورة لأستاذنا الدكتور مصطفى ناصف الناقد الفيلسوف: "النَّحْوُ مَشْغَلَةُ الْفَنَّاْنِيْنَ وَالشُّعَرَاْءِ".

    ==ثم قطعت الكلام فيما يأتي: ===

في تعبير الطالب عن أفكار غيره:

1- تنثر النقل - ص18- ثم تنقله من غير تقديم بين يديه ولا تعليق عليه، ولو عبرت بكلامك ثم أحلته في الحاشية على كتابه، كنت أعذر، إلا أن يكون لك تعليق على نص المنقول!

2- تنقل -ص26، 29- ولا تعلق وكأنك تحرجت من تلك الحال.

3- تنثر أمثلتك من الشعر بعقبها نثراً عقيماً - ص63،256- وكأننا لم نقرأها.

4- نقلت - 19- عن الزركشي أن التكرير أبلغ من التأكيد لأنه وقع في تكرار التأسيس؛ فهل تعرف أنت معنى تكرار التأسيس؟

5- أعرف أن كلامك في آثار التكرار ودوره في البناء النحوي فرشة تمر فيها على الزمان مروراً ولكنني أستحيي لك من هذه العناوين الكبيرة - ص17-ص22...- من غير طائل وراءها!

6- توحي - ص51- بأن تكرار ضميرها كتكرار اسمها وليس كذلك!

7- إذا جاز أن تخص ضمير الغيبة بكلام بعد ضمير الخطاب وضمير التكلم لم يجز - ص52- أن تميز ضمير الغائبين مثلاً بعنوان بعد عنوان ضمير الغائب فالمعول هنا على الغيبة المطلقة مقابل الحضور!

8- بنيت الكلام - ص53- على أن "من" موصولة وهي شرطية، كيف والقصيدة مبنية على ما يكشفه عنوانها "من علمني حباً صرت له عبداً"، وهو التركيب الذي اختتمت به القصيدة ولم يقتصر على عنوانها

9- ألا ترى كيف تخلو تعليقاتك - ص54- من التفكير النحوي! وهكذا....

10- تكتفي في تحديد المراد بقولك: "كأن الحال التي نحن فيها بعد الحرب تشبه الحال التي نقول فيها: كل عام وأنتم بخير"! وما هذه الحال في رأيك؟ إنها المناسبة المتكررة العيد!

11- هكذا جريت - ص60- على سنة من تكرار ما لا حاجة إلى تكراره وقد سبق قريباً!

12- لم لم تجعل - ص62- ليس من الأدوات الأفعال التي ذكرتها من قبل وهي كذلك؟

13- ومن الأدوات حروف فلم لم تخرجها - ص64- من ثوبها؟ ذاك ألا تصور كلياً لك بل تخبط خبط عشواء!

14- هل تكرار "ألم تبيعوا" - ص65- تكرار كلمة؟

15- أرجو قبل أن تستقصينا أن نجد -67 - في الأغراض شيئاً غير الاستقصاء.

16- أرأيت كيف شعرت - ص69-74 - بمهزلة الاستقصاء وإعادة ألفاظ الشاعر السابقة قريباً فأعرضت أو سهوت.

17- كذلك التكرار والاطراد من إطالة بناء الجملة أحياناً!

18- تدعي - ص118- الثقل بطول الاعتراض، ولا ثقل ثَمَّ، بل جمع بين ضميره وندائها جمع حبيبين وهذا أدل على صدق عاطفته.

19- هذا التعقيب - ص128،186- الذي أشرت إليه وإن ابتسرته أنت على عجل، ولكنك صنعته على أية حال، مما يدل على اضطراب منهجك بين قدراتك وميولك وبين تنبيهات أستاذك، بارك الله فيه!

20- أحياناً تنشط لبيان طرف من سياق الفكرة النحوية -ص136- وأحياناً تكسل.

21- اسم ليس - ص152- ضمير الشأن المستتر، لا المصدر المؤول!

22- لا تقديم - ص153- والاسم ضمير المتكلم المستتر! وكذلك بعدئذ الاسم ضمير الشأن المستتر!

23- طيب! إذا كان التقدم -ص168- واجباً والتباعد مبحوثاً في مكان آخر فأين التعليق! أو ما حاجتك إلى ما لا تعليق لك عليه إذ لا شيء فيه مما يعنيك!

24- أرجو أن تستبعد من أسباب التقديم والتأخير مراعاة القافية؛ كيف وقد كان يمكنه وهو الشاعر الكبير أن يحذف ويرتاح!

25- الطول والثقل والكثرة كل أولئك - ص190- من أسباب الحذف، فيما سره التخفيف.

26- السبب هنا - ص190- طول الجملة لا إطالتها وإلا لسميتها مطالة لا طويلة والطول كائن فيها وبه يكون الحذف أحياناً والإطالة سوف تكون.

27- تورد في أسباب الحذف - ص192- المأثورة ما لا تمثله!

28- تعدد في شروط الحذف - ص193- ما هو واحد!

29- كان ينبغي لك في تحرير الإيجاز - ص195- أن تستفيد من كلام البلاغيين العالي في تقسيمه على إيجاز اختصار وإيجاز اقتصار - وسبحان الله! الاقتصار والقصر من مادة واحدة فهي إذن أولى إذ هي مصطلح عند البلاغيين. في إيجاز الاختصار تريد وتترك معتمداً على فهم ما تريد. وفي الآخر لا تريد فتترك منعاً لتعليق الفهم. من الأول س: هل شرب عصيره؟ ج: لم يشرب. من الثاني س: ماذا فعل؟ ج: أكل ولم يشرب.

30- زعمت - ص199، 200- أن الفاعل محذوف وهو مستتر، والتمثيل ينبغي أن يكون لما لم يجر له ذكر، وهو معروف في الشعر.

31- ذكرت حذفه الجملة في قوله: هل أنت إسبانية ساءلتها -رسمتها سائلتها!- قالت وفي غرناطة ميلادي فترى لم حذفها هي وأداتها الجوابية؟ إنه يعبر عن بداهتها واستنكار المسؤولة جهل السائل أو سؤاله!

32- زعمت في تأويل قوله: "الشمس كانت تلبس الكاكي"، أن من حذف النعت والمنعوت، والتقدير: كانت تلبس الملبس ذا اللون الكاكي! وتكلفت؛ فالكاكي لون كالأسود مثلاً في قولك: لبس الأسود، من حذف المنعوت وحده!

33- عبارتك - ص270- "من أهم الملامح التي توضحها ظاهرة الاطراد في البناء النحوي لشعر نزار" تدل على خوفك من التحديد لأنك غير واثق من علمية ما تفعل؛ ملامح أي شيء؟

34- تدعي - ص275- أن ليس بالقصيدة جملة رئيسية فعلية، وفيها ثلاث جمل فعلية رئيسية كما تقول.

35- قلت: - ص277- "واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض..."، فانقلب نزار الشاعر فجأة نحوياً يدعي لنفسه كلام سيبويه! ألا ترى عبثك بالنقول! لولا أخطاء ضبطك الكثيرة جداً لقلت إن هذا العبث من آثار الكمبيوتر فإنه يساعد على الإضافة العشوائية والحذف العشوائي! والكاتب عليه لا يقع في مثل تلك الأخطاء الضبطية البشعة!

36- قلت: - ص278- "وهذا يضع قصائد نزار المكونة عناصرها من الأفعال أو يكون أغلب عناصرها أفعالاً في موضع الثقل"! أهذا كل ما قدرت عليه! اعلم أننا ممن يتبركون بكلام سيبويه، ولكن كان ينبغي لك ألا تهمل الحركة التي في الفعل المضارع والثبات الذي في الاسم، إن أهملت أي شيء سواهما!

37- ترى - ص279- في صيغة الأمر زمن استقبال، ولقد ينبغي ألا ينظر في صيغة الأمر إلى الزمن، بل إلى إنشاء الطلب مقابل الإخبار في الماضي والمضارع.

38- في أي فصل نحن - ص293- في بناء الجملة أم في اطراد أوضاعها التركيبية.

39- كما ذكرت في التكرار عن نازك استحسانها تغيير العبارة في المرة الثانية، تذكر تصاعد العبارة وكأن في ذلك تهابطاً، وهنا يتجلى لك وجاهة اشتمال الفصل الأول على هذا الفصل.

40- دعاوى لا دليل عليها - ص374- وركاكة وعبث!

41- تحدث - ص395- عمن دخول أداة النداء على غير الاسم، وحق المسألة أن تبحث في حذف المنادى وهناك يطرح الرأي الآخر.

42- مبحث مواقع النداء -396- هو السياق الذي تمنيته عليك منذ قليل! لكنني لم أظن أن يكتفي بالإشارة والتمثيل فقط، بل لا بد من الإحصاء والتحليل والتفسير!

43- تركيب المنادى - ص400 لا تراكيب المنادى!

44- في مبحث حذف فاء جواب الشرط - ص422،423،424- أرأيت كيف تكرر الكلام في عناصر فصول سبقت!

45- بعض ما أوردت في أسباب التقديم والتأخير - ص460- واضح جيد، وبعضه ملتبس ببعضه!

في تعبير الطالب عن أفكار

1- تكتب -على وجه الغلاف-: "... بحث مقدم لنيل درجة الماجستير حسين محمد حسين أبو زيد"، والدرجة كما تعرف غير مسجلة باسمك؛ فكان ينبغي أن تقول:

من الطالب فلان، ولكنك كرهت صفة طالب ويا ليتنا نظل طلاب علم ما حيينا، إذن لتفيأنا أعلى المنازل. وكان يمكنك أن تحسن الهرب بمثل "بحث مقدم... من حسين"

2- وتزعم - ص2- أن لبناء شعر نزار النحوي صداه في نفوس كثير من هواة الأدب والدارسين، والحق أنه كذلك من حيث هو عصب التعبير لا من حيث اتجاههم إليه بالتأمل، ولولا هذا لسبقوك إلى هذه الرسالة!

3- كل ما ذكرته من ص5 إلى ص9 من شأن الفهرس لا المقدمة.

4- وتتحدث - ص5، 6، 29- عن وصايا تريد أن توصي بها الشاعر، ثم تشير إلى انتصاحه بها أحياناً! عجباً! أتخاف النحويين! أما والله لو كنا إنما ندرس الشعر لتوصية الشعراء لم يكن أخيب مسعى عندئذٍ من مسعانا! من يوصي من! لقد أثرت فيك نازك وهي شاعرةً أكبرُ منها عالمة؛ بتوصيات نقدها المتعصبة، كما في اشتراطها لنجاح بعض أنواع التكرار أن يدخل الشاعر عليه تغييراً طفيفاً؛ فقد ذهبت تعثر لها على تكرار لنزار لا تغيير فيه، وقد كان الأولى ألا تُصَدِّرَها للأحكام العلمية أصلاً، ولكن كيف وقد جعلتها مع العقاد -ص18- من علماء اللغة! ألا إن الشاعر إذا كان أسير مذهب فني، فإن العالم أسير المنهج العلمي!

5- ولا تتجاوز موقف المخافة في قولك - ص45-: "فهل بعد أن تحقق شرط التغيير الطفيف الذي اشترطته نازك قد حظيت هذه القصيدة بحكم النجاح عند متذوقي الشعر؟ أليس الحكم على التكرار بالجمال والنجاح فيه تفاوت بين متذوقي الشعر ونقاده فما تعده نازك الملائكة ناجحاً قد يأخذ حكماً غير حكم النجاح بقليل أو بكثير. وأرى أن هذا المقطع لا يشترط لنجاحه هذا التغير فهو تكرار ناجح فلو ترك نزار هذا التغيير لنجحت القصيدة وإن كان هذا التغيير له أثره في دلالة المقطع"؛ فلا تُرَكِّكُ هذه التكرارات المتفشية، وتشهد لنزار بالتوفيق إلى هلهلة الشعر العربي مرة أخرى أورده سيرته الأولى! ولكنها بادرة تحتاج إلى تكملة!

6- أيرضيك ما صنعته بترتيب عناصر فصل الإطالة! تورد الأسباب - ص103- وقد أوردتها من قبل في أثناء ما سبق!

7- رأيت هذه الأنواع من التكرار - ص107- الدالة على ما قلت لك من تداخل فصول الرسالة وحاجتها إلى منهج غير منهجها!

8- هو إذن - ص48- من تكرار بنية الجملة دون لفظها. وانظر معي إذا كان كرر بنية الجملة الأولى ولفظها أكنت تعد هذا من تكرار الجملة (بنيتها) أم من تكرار البيت! أرأيت فيم يوقعك اضطراب المقاييس!

9- أما لهذا الفصل - ص374- من مدخل يطلعنا على مجاله ومخرج يذكرنا ما كان فيه مما يمهد لمجيء ما بعده.

10- لي على حذف أداة النداء -394- مأخذان: أن فصل الحذف قد سبق مما يدل على خلل منهجي، وأنك تطبق وكأنك في واجب منزلي، لا تبحث خاضعاً لما يؤديه المبحوث! وهذا مهم لطلاب الدراسات العليا جميعاً!

11- وتعد الحقول الدلالية - ص459- من أسباب الإطالة ودواعيها وكأن نزاراً كان في عمل معجمي كلفه به المجمع!

12- وتصف أركان الجملة - ص6- بأنها أركان رئيسية، فعجبت هل هناك أركان فروع!

13- وتذكر في القيود ذات الأثر البالغ في توجيه المعنى نحو المبالغة - ص304- خمسة قيود ثم لا تتكلم إلا عن اثنين!

14- وتخترع وجوها من الركاكة، كما في قولك - ص305-: "لا تُطال لا من الظنون ولا من حتى ظنون الظنون"، كأنك تتحرى الإركاك في التعبير عن الركيك، ذكرت بها قصيدة الدكتور حسن طلب التي تساخر فيها ببعض الحكام حتى قال له اخترت لقصيدتي فيك أسخف أوزان الشعر العربي المتدارك!

15- تكرار هذا الذي في ص8، 9 أم ذهول؟ ما لك تتبع الفقرة مثلها على نحو عجيب من التكرار والتطويل الضائع!

16- لماذا تكرر ما قد سبق؟ اشغل نفسك بالتأمل النحوي أفضل لك!

17- سوء أسلوب ص58

18- أنت كذلك - ص20- مكرر كبير أو تكراري كبير!

19- عدنا -ص164- إلى التكرار.

20- لا يجوز الخلط في المدخل - ص22- بين تراث التكرار وبين التكرار في شعر نزار بل تفرغ من مدخلك لشعر نزار مستخرجاً منه ما فيه دون ادعاء عليه ما ليس فيه.

21- ها هو الخلط- ص24- ذا!

22- ألا يغني الاستيعاب - ص25- عن الاستقصاء، والتأكيد عن التثبيت والتقرير!

23- لكلمة مقطع دلالة لغوية اصطلاحية وقد جرى بين علماء الشعر استعمال مصطلح قطعة ومقطعة ومقطوعة للقصيدة القصيرة فإذا انبنت القصيدة الطويلة على عدة قطع جاز لك أن تتمسك بمصطلح قطعة لتتكلم به عما في هذه القصيدة خروجاً من هذا المأزق. ثم إن عملك نحوي فكان عليك أن تلتزم الوحدات والعناصر النحوية تستعملها وتقف عندها وتتأملها هكذا: بنية الكلمة (التي هي ركن أو عمدة أو مؤسس ومكمل أو فضلة ورابط أو أداة أو ملون) وبنية الجملة (التي هي فعلية واسمية ووصفية وظرفية وشرطية) وأبنية الجمل (التي هي فقرة من النص).

24- يبدو أن استفدت أنت أو كاتبك من هذا التكرار - ص42- فصرتما تنسخان ما شكلتماه من قبل لكيلا تتكلفا إعادة تشكيل ما لم يشكل ومن ثم تكررت الأخطاء أنفسها كما هنا!

25- وتسمي الإعادة - ص34- تكرارا؛ إذ كيف يكرر أول المقطوعة، ولم يذكره غير مرة واحدة!

26- وتستعطفنا باختيار كثير مما غُنِّيَ من شعر نزار قديماً وحديثاً، وليس سواءً؛ فالغناء زينة ربما تكشفت عن ضغينة!

27- لو كانت لديك نتائج - ص460- لفصلتها في الخاتمة.

28- وتفهرس ما وقع رسالتك من آيات وأحاديث وأقوال وشواهد، وشعر نزار الواقع الممثل به فيها أولى، حتى يستعين به المطلع على رسالتك فيما يطلبه من نقد مشكلات شعر نزار وما أشبهه مما قبله ومما بعده كليهما!

29- وتصف مصادرك ومراجعك صفاً مضطرباً، فضلاً عن خلط كتب المصادر بكتب المراجع.

30- وتُوَسِّط فهرس الموضوعات بين آخر الرسالة والملخص الإنجليزي، ولو كنت قدمته أول الرسالة بعد صفحة العنوان الكبير والبسملة الكبيرة، كان أسهل وأنفع، ولكن كيف وقد شغلت بالفهرس مقدمتك!

    == قطعت الكلام في ذلك قائلاً للطالب: ===

بقيت عشرات التعليقات على تعبيرك عن أفكار غيرك وعن أفكارك. أستطيع أن أعفيك منها بشرط أن تنشدني شيئاً من شعر نزار! تستطيع؟ لا ألزمك أن تُسَمِّعَ! ما رأيك؟ تُفَتِّشُ في رسالتك وقد عرفناها! ما رأيك في أن تقرأ لي هذا النص، أنا جئت لك بنص، تَعالَ، تفضل! هذا من أواخر ما أنتجه نزار، إذا قرأتَ لي هذا النص اكتفيتُ ولم أتكلم بعده، لا أريد أكثر من هذا! أنا معي نسخة بين يدي، ومنه نسخة بين يديك؛ فاقرأ، وارق؛ فإن منزلتك عند آخر كلمة تقرؤها:

1

لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان

جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان

تساقط الفرسان عن سروجهم

وأعلنت دويلة الخصيان

واعتقل المؤذنون في بيوتهم

وأُلغي الأذان

جميعهم تضخمت أثداؤهم

وأصبحوا نسوان

جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل

وبالرضاعة

جميعهم قد ذبحوا خيولهم

وارتهنوا سيوفهم

وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان

ما كان يدعى ببلاد الشام يوماً

صار في الجغرافيا

يدعى (يهودستان)

الله  يا زمان

2

لم يبق في دفاتر التاريخ

لا سيف ولا حصان

جميعهم قد تركوا نعالهم

وهرّبوا أموالهم

وخلّفوا وراءهم أطفالهم

وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان

جميعهم تخنثوا

تكحلوا

تعطروا

تمايلوا أغصان خيزران

حتى تظن خالداً ... سوزان

ومريماً .. مروان

الله ... يا زمان

3

جميعهم موتى ... ولم يبق سوى لبنان

يلبس في كل صباح كفناً

ويشعل الجنوب إصراراً وعنفوان

جميعهم قد دخلوا جحورهم

واستمتعوا بالمسك، والنساء، والريحان

جميعهم مدجن، مروض، منافق، مزدوج .. جبان

ووحده لبنان

يصفع أمريكا بلا هوادة

ويشعل المياه والشطآن

في حين ألف حاكم مؤمرك

يأخذها بالصدر والأحضان

هل ممكن أن يعقد الانسان صلحاً دائماً مع الهوان؟

الله ... يا زمان

4

هل تعرفون من أنا

مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

وهذه الدولة ليست نكتة مصرية

أو صورة منقولة عن كتب البديع والبيان

فأرض (قمعستان) جاء ذكرها

في معجم البلدان

وأن من أهم صادراتها

حقائباً جلدية

مصنوعة من جسد الانسان

الله ... يا زمان

5

هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض (قمعستان)

تلك التي تمتد من شمال أفريقيا

إلى بلاد نفطستان

تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ القتل

الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان

وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان

ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة

ويفقأون أعين الأطفال بالوراثة

ويكرهون الورق الابيض، والمداد، والاقلام بالوراثة

وأول البنود في دستورها:

يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان

الله ... يا زمان

6

هل تعرفون من أنا؟

مواطنٌ يسكن في دولة (قمعستان)

مواطنٌ

يحلم في يوم من الأيام أن يصبح في مرتبة الحيوان

مواطنٌ يخاف أن يجلس في المقهى

لكي لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان

مواطن أن يخاف أن يقرب من زوجته

قبيل أن تراقب المباحث المكان

مواطن أنا من شعب قمعستان

أخاف أن أدخل أي مسجد

كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان

كي لا يقول المخبر السري:

أني كنت أتلو سورة الرحمن

الله ... يا زمان

7

هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟

تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها

أخرجها الشيطان

هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟

حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار

والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار

والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار

ورغبة الزوجين في الإنجاب

تحتاج إلى قرار

وشعر من أحبها

يمنعه الشرطي أن يطير في الريح

بلا قرار

8

ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)

حيث الذكور نسخة عن النساء

حيث النساء نسخة من الذكور

حيث التراب يكره البذور

وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور

وصاحب القرار يحتاج إلى قرار

تلك هي الأحوال في دولة (قمعستان)

الله ... يا زمان

9

يا أصدقائي:

إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان

ليس لها شوارع

ليس لها أرصفة

ليس لها نوافذ

ليس لها جدران

ليس بها جرائد

غير التي تطبعها مطابع السلطان

عنوانها؟

أخاف أن أبوح بالعنوان

كل الذي أعرفه

أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي

يرحمه الرحمن

10

يا أصدقائي:

ما هو الشعر إذا لم يعلن العصيان؟

وما هو الشعر إذا لم يسقط الطغاة ... والطغيان؟

وما هو الشعر إذا لم يحدث الزلزال

في الزمان والمكان؟

وما هو الشعر إذا لم يخلع التاج الذي يلبسه

كسرى أنوشروان؟

11

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الملايين التي تجهل حتى الآن ما هو النهار

وما هو الفارق بين الغصن والعصفور

وما هو الفارق بين الورد والمنثور

وما هو الفارق بين النهد والرمانة

وما هو الفارق بين البحر والزنزانة

وما هو الفارق بين القمر الأخضر والقرنفلة

وبين حد كلمة شجاعة

وبين خد المقصله

12

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان

باسم الذين انتزعت أجفانهم

واقتلعت أسنانهم

وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان

باسم الذين ما لهم صوت

ولا رأي

ولا لسان

سأعلن العصيان

13

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الجماهير التي تجلس كالأبقار

تحت الشاشة الصغيرة

باسم الجماهير التي يسقونها الولاء

بالملاعق الكبيرة

باسم الجماهير التي تركب كالبعير

من مشرق الشمس إلى مغربها

تركب كالبعير

وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير

وما لها من الطموح غير أن تأخذ للحلاق زوجة الأمير

أو ابنة الأمير

أو كلبة الأمير

باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم

وحزمة البرسيم

14

يا أصدقاء الشعر:

إني شجر النار، وإني كاهن الأشواق

والناطق الرسمي عن خمسين مليوناً من العشاق

على يدي ينام أهل الحب والحنين

فمرةً أجعلهم حمائماً

ومرة أجعلهم أشجار ياسمين

يا أصدقائي

إنني الجرح الذي يرفض دوماً

سلطة السكين

15

يا أصدقائي الرائعين:

أنا الشفاه للذين ما لهم شفاه

أنا العيون للذين ما لهم عيون

أنا كتاب البحر للذين ليس يقرأون

أناالكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون

أنا كهذا العصر، يا حبيبتي

أواجه الجنون بالجنون

وأكسر الأشياء في طفولة

وفي دمي، رائحة الثورة والليمون

أنا كما عرفتموني دائماً

هوايتي أن أكسر القانون

أنا كما عرفتموني دائماً

أكون بالشعر ... وإلا لا أريد أن أكون

16

يا أصدقائي:

أنتم الشعر الحقيقي

ولا يهم أن يضحك ... أو يعبس

أو أن يغضب السلطان

أنتم سلاطيني

ومنكم أستمد المجد والقوة والسلطان

قصائدي ممنوعة

في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة

قصائدي ممنوعة

لأنها تحمل للإنسان عطر الحب والحضارة

قصائدي مرفوضة

لأنها لكل بيت تحمل البشارة

يا أصدقائي:

إنني ما زلت بانتظاركم

لنوقد الشراره

وسوم: العدد 627