صرخة سجينة.. فهل من مجيب !!
سالم الزائدي
اعلم أن الثورة السورية فاجعة التاريخ الحديث، لأنها جاءت في زمن تضطرب فيه المصالح حتى باتت آفاق الحل شبه بعيدة وكأنها لا تتغير إلا.. بمادة ٌ إلهية ُ كالحركة الكونية التي تخرج اليوم الجديد من اليوم القديم ،أتفكر في هذه المأساة الإنسانية وهذا العبث الذي يحصل في نساء الشام... أفكر في أوضاع السجينات وحالهم المزري تحت وطأة آلة قتل لا ترحم.. أفكر في تلك السجينة أحس بأعصابها في صوتها المنطفئ ولكن فيه قوة الله ، أسمع صوت السلسلة وقعقعتها تلوي وتشد عليها ثم أسمع صوت السلسلة عينها يُكسر حديدها ويتحطم فأترك فكري يعمل عمله كما تلهمه الواعية الباطنة النائمة في سجنها.
أسمع صراخها وهي صرخة الشرف والعزة والكرامة تلك التي تخرج من عمق ألم السجن والسجان ومن رحم المعاناة والجوع والخوف. صرخة حرائر سورية... اللواتي هن أخواتنا وزوجات أبنائنا وإخواننا، تنادين الرجال، تنادين الثوار الأحرار الشرفاء وتصرخ بأعلى صوت، فهل من مجيب؟؟
إننا نراكِ ملكة في مملكة العفاف في سجنك في سجون الظلم والاستبداد والعار. أما المتحدثون إلينا عن الديمقراطية واصفين طالبي الحرية بالإرهابيين والخارجين عن القانون أو بأي وصف آخر، فهم يعلمون أنهم يقولون كذباً وتدليساً ويتملقون العلل الواهية ويرمونكن بالسوء أمام العالم (والجميع يشاهد ويبتسم)، فإن كانوا وصفوكِ بالسوء فهم السوء نفسه وإن قللوا من شأنك وحقيقتكِ فهم النقص ومنهم العيب.
هذا السفيه المتحدث إلينا عبر شاشات التلفاز لا يتذكر إلا ما كتب له ويتناسى ما هو الواجب عليه فزالت الرجولة بتبعاتها عن الرجل إلى المرأة. أنت أيها الزائف أنسيت تكوينك الاجتماعي ووجودك الوطني. ألم ترى أنت أيها المجرم وغيرك تلك الإنسانية الجميلة وهي تصرخ ، ألا تخجل وأنت تغتصبها وهي الزوجة والأم لأطفال يشدون أزر الوطن يوماً ما. ألا تعلم أنت ومن معك .. أيها المبتلي بالعافية والمستعبد بالحرية ،المجنون بالعقل ،المغلوب بالقوة والشقي بالسعادة أن التاريخ يكتب عار أفعالكم ويسرق لذة حياتكم ويجعلكم شحاذ الحياة ويخجل منكم الأجداد نسلاً باقياً.
أما أنتِ أيتها الطاهرة العفيفة الشجاعة المسجونة !! فلا تحزني سوف تعمل الأيام عملها، وتبدّل تعبك براحة فجر جديد فينقشع الظلام بالنور.. وهذا النور سوف يهيئ لك القوة التي تمتدُ بك في التاريخ من بعد ظلمة ، فتذهبين حين تذهبين ويعيش قلبك في العالم ساريا ً بكلمات أفراحه وأحزانه .، لأن الشعب السوري تعلم من دفن شهدائه وآلام معتقليه ..كيف يستنبت ُ الدم ، فينبت به الحرية ، وكيف يزرع الدمع ،فيُخرج منه العـزم ، وكيف يستثمرُ الحزن فيثمر له المجد.
ومهما فعلوا بك فستبقي أنت الطهر والعفة ، أنتِ الوفاء والأنفة أنت الصبر والعزيمة فلو صارت الحياة غيماً ورعداً وبرقاً لكنت أنتِ فيها الشمس الطالعة، ولو صارت الحياة قيظاً وحروراً واختناقاً لكنتِ أنتِ فيها النسيم يتخَطر.
سيقاوم كل رجال ونساء سورية الشرفاء الظلم أحسن مقاومة وسوف تخرجين بأحسن ما كنتِ ، تخرجين بزي البطولة يغطيك.. وبزي الفخر يبقيكِ.. فلا تحزني واصبري فأنت من شاهد التاريخ المعاصر صرختك فلكِ التحية والإجلال .
يا نساء سورية إنكن مثل الياقوتة التي تُرمى في اللهب ولا تحترق موعدنا معكِ دائما مضبوط بكلمات ثلاث الكرامة والنصر أو الشهادة ، فلبيكِ يا أختاه فقد سمعنا صوتك فلبينا النداء.
يقول الشاعر فرج أبو الجود:
ننادي من الشام هل تسمعــون ونبكي وفي الشام تبكي العيون
على الشـام نصرخ بين اللهيب فمن ينقذ الشام يا مسـلمـــــون
وكيف النجـــــاة من المجرمين وأين الأخـــــوة يا مـؤمنـــــون
وأين المروءة والماجــــــــدات عن العرض يشربن كأس المنون
ويا سوريا كلنا نفتديــــــــــــــــك وما يجبن الحر عند الفــــــــــداء
ومن أجل عينك أرض الرجـــــال سنأتي إليك بنجم السمـــــــــــاء
ونرفع يوم انتصار الصبـــــــــاح إلى سوريا راية الكبريــــــــــــاء