ليلة استعادت الثورة السورية

رياض آغا

ليلة أمس 6 / 3 / 2025

كانت من الليالي التاريخية التي لن ينساها السوريون جميعاً ، وأحسب أن سوريا لم تنم ليلة البارحة ، كان الشعب السوري متأهباً ، يدرك أنها ليلة مصير تنذر بالخطر ، وأجزم أن لا أحد من السوريين الشرفاء كان يرغب وسط أفراحه وبهجته بالنصر الذي طال انتظاره أن تغرق سوريا بدماء أبنائها..

بعض بقايا عصابات النظام المجرم النافق رفضوا تحرر سوريا من الاستبداد والطغيان وأردوا أن يستعيد النظام المخلوع قدرته على إبادة الشعب السوري التي سبق أن مارسها بقسوة ووحشية فكان من ضحايا إجرامه سقوط أكثر من مليوني شهيد ، ولا ندري كم من الشهداء ما يزالون إلى اليوم تحت أنقاض وركام الهدم الذي آلت إليه سوريا وقد أصبحت أجزاء ضخمة من مساحاتها مقابر جماعية تحتشد فيها الجثث حتى بمن دفنوا وهم أحياء عقاباً لهم لأنهم تجرؤوا وطلبوا الحرية والكرامة ، هذا بالإضافة لمن هجروا من بلادهم أو خرجوا منها للحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم..

لقد انتصرت الثورة أخيراً واستعاد السوريون شعورهم بحقهم الإنساني بالفرح والشعور بالسيادة والكرامة ، ولكن بعض عصابات النظام التي عاشت في استعلاء وطغيان واستعباد لأخوتهم السوريين و ظلمهم وتعذيبهم وقتلهم جماعياً وإبادتهم في المعتقلات والسجون ، بات صعباً عليها أن تعيش حياة عادية كما يعيش البشر الأسوياء..

 

لقد اعتادوا على الشعور بالفوقية وبالقدرة على سحق الآخر حين يريدون ، وظنوا أنهم سادة الكون وحدهم..

لقد منحتهم الثورة قرارها بالعفو إذا سلموا أسلحتهم وسووا أوضاعهم الأمنية ، ولكن كثيرين من الضحايا وأصحاب الدم المهدور كانوا يريدون لهم عقاباً رادعاً ، ومحاكم عادلة فورية ، لكن قادة النصر كانوا يصرون على أنهم طلاب حرية وكرامة وليسوا طلاب ثأر وانتقام ، ورأوا أن الثورة انتصرت وحان وقت بناء مؤسسات الدولة التي تحطمت ، وأن مرحلة العدالة الانتقالية قادمة وسترد للناس حقوقهم في محاكم عادلة ، دون أية رغبة في ثأر أو انتقام..

لكن هذه العصابات أصرت على متابعة العدوان ، وعلى تنفيذ انقلاب عسكري تقوده إيران ، لتستعيد عصابة الكبتاغون من خلاله متابعة سيطرتها على سوريا وإخضاع شعوب المنطقة كي تتقي مزيداً من شرورها 

لكن الذي حدث كان مدهشاً فقد تنادى الشعب السوري في كل مدنه وأريافه إلى الدفاع عن ثورته ، وعن مستقبله ، فكانت ليلة الأمس ليلة النفير العام ، وكانت ليلة الانتخاب الصادق الذي أعلن فيه الشعب بالأغلبية المطلقة وقوفه مدافعاً عن حريته وسيادته وكرامته..

كان فاجعاً مؤلماًً ومريعاً أن يقتل أبناؤنا الشباب غدراً عبر كمائن نصبت لهم ، ونحتسبهم شهداء عند ربهم يرزقون ، ونقدم التعازي لشعبنا الصابر المفجوع.