العدوان الصهيوني على وطننا سورية لم يعد تهديدا.. بل أصبح حقيقة واقعة متمادية ومستفزة

زهير سالم*

ومشروع الكيان الصهيوني في القضم والهضم على طريقة الأفاعي ذات البيات الشتوي لا حدود له.. حتى ربما يتجاوز إن سُكت عنه عنوانه التاريخي من الفرات إلى النيل!!

واقتناص العدو الصهيوني الحالة الانتقالية التي تعيشها الدولة السورية، لا يستغرب منه، ولا يواجه بالشجب والتنديد والاستنكار عليه..

ومع تقديرنا للظروف الاستثنائية التي تعيشها سورية، سورية التي تم تخريبها على يد بشار الأسد وحلفائه لمصلحة هذا السرطان الخبيث؛ فإن سياسة التوعد والوعيد والاحتفاظ بحق الرد، مهما تكن الظروف؛ لا يمكن أن تكون أفقا لكل من يفكر ويقدر من الأحرار السوريين

إن ما يقدم عليه نتنياهو منذ سقوط حليفه الاستراتيجي في سورية بشار الأسد، أصبح الأمرَ الأكثر حضورا وإلحاحا على مائدة القادة العاملين. وينضم جنبا إلى جنب مع قضايا مثل الغذاء والماء والكهرباء والدواء..

لقد كان نعلم، وكذا كل العقلاء من أبناء هذه الأمة، أن العقلاء لا ينامون في جحر العقارب والثعابين..

وأن كل الدعوات الغُفل المتمادية إلى مهادنة وموادعة هذا الجسم السرطاني الخبيث، ما هي إلا سمادير تتطاير أمام أعين جبناء متخادلين…

وبعدُ… ما هو المقترح في فترة ما قبل ظهر هذا اليوم؛ بعد أن قرر نتنياهو أن يتحدى إرادة المؤتمر العام الذي اجتمع ليعبر عن إرادة كل السوريين..

 

إن المطلوب أولا وبطريقة عملية..

التوجه إلى أطر العمل العربي المشترك، وإحياء اتفاقيات الدفاع العربي المشترك ما أمكن. ووضع كل أوراق وأحلام التطبيع العربي والمهادنة العربية في كفة، وإثارة كل ذلك في وجه نتنياهو، وحشد كل ذلك ترامب وتابعه نتنياهو المريب.

وهذا يقتضي جهدا دبلوماسيا مركزا يمر إن شئنا عبر دول الجامعة العرببة، وإن شئنا عبر الاتصالات القطرية…

إن الاعتماد على الدورين العربيين في مصر وفي الأردن أمر له أهميته، فهذان القطران العربيان، شركاؤنا في الجيوسياسة في ثلاثية دول الطوق، وهم في ظرفنا الخاص هذا يملكون من الوسائل الدبلوماسية أكثر، وطبعا هذا لا يعني أننا نقلل من الدور العربي السعودية ومن دور الدبلوماسية القطرية، وكذا دور دولة الإمارات العربية المتحدة. لا أرغب في سماع الأجوبة المحبطة، فأوراق هده الدول التي حاولت أن تدفع في الطريق الذي لم نوافق عليه؛ ستكون الأكثر تأثيرا؛ حين يوضع العدوان الجديد على سورية، في كفة وسحب، كلَّ ما ظنت الدبلوماسية الأمريكية أنها أنجزته على طريق التطبيع.. في كفة أخرى.

إن في معركة استراتيجية مصيرية كالتي يريد نتنياهو أن يفرضها علينا، يجب أن تتطور علاقتنا الدبلوماسية في أبعاد أكثر عملية. ولقد ظلت علاقتنا السورية- العراقية، في إطارها الاستراتيجي حاضرة، كلما حضرت المعركة مع العدو الصهيوني. تنبه.

ثم لا بد للإدارة الوطنية السورية الفتية أن تتوجه بجدية إلى عقد اتفاقيات دفاع مشترك، ضد أي عدوان يقع على سورية أرضها وجيشها وشعبها…

دفاع مشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي..

فعلى الصعيد الإقليمي، ومع ما سبق أن أشرنا إليه من اتفاقيات الدفاع العربي المشترك ببعديها القومي والقطري، تبقى الجمهورية التركية هي الدولة الإقليمية الأولى المرشحة لتعقد معها الدولة السورية الفتية، مثل هذا الاتفاق ضد جميع أشكال العدوان والتهديد الخارجي.. الجمهورية التركية بصداقتها وصدقها وبموقعها الجيوسياسي ووزنها وقدراتها المتعددة، ومنها العسكرية والسياسية والدبلوماسية وكونها الدولة الخامسة في حلف الناتو.. يمكن أن تقدم لسورية والسوريين الغطاء العملي الذي يحبط كيد المعتدين.،

ونحن ما زلنا في إطار المقترح السياسي المتكامل..

والدولة السورية مرتبطة منذ نصف قرن تقريبا باتفاقيات ذات أبعاد مختلفة، مع الاتحاد الروسي، الذي ورث الاتحاد السوفيبتي، وبالتالي فلا بد في هذه المعركة التي يريد نتنياهو أن يفرضها علينا، لا بد لنا من إحياء وحشد كل تلك الاتفاقيات، وإعادة تأكيد المناسب منها وتوظيفها في مصلحة أمننا القطري، الذي لا يحتمل المغامرة به في أي حال..

وبين يدي كل ذلك وبعد كل ذلك يجب أن يكون لنا خطاب سياسي تكتيكي محنك، نخاطب به كل دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة والرئيس ترامب بالذات، ثم الدول الدائمة العضوية ومنها الصين مع ألمانية واليابان..

نتنياهو الذي يجرجر أذيال هزيمته في حرب غزة، لا يريد أن يعطينا الفرصة لنتنفس، ونحن نحتاج في موقفنا الحرج والمثخن إلى سرعة المبادرة ومطاوعة القرار..

يجب أن يعلم نتنياهو أنه في تجرئه على سورية الحرة، أنه إنما يزداد رجسا إلى رجس الهزيمة الذي هو فيه.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية