قرار مجلس الأمن 2139... بلا قرار خير من قرار سيء
قرار مجلس الأمن 2139... بلا قرار خير من قرار سيء
وماذا بعد أن رفض بشار القرار ؟!
زهير سالم*
سبق للسيدة آموس المسئولة الأممية عن قضايا حقوق الإنسان أن أدلت في مجلس الأمن منذ عشرة أيام ومع بدايات طرح مشروع القرار حول الوضع في سورية بتصريحين خطيرين ما كان لهما أن يمرا دون أن تسجل المعارضة السورية شكرها عليهما . قالت في الأول : " نعلم أن هناك حربا تدور في سورية ولكن حتى الحروب لها قواعد .." في إشارة واضحة إلى أن عصابة الإجرام قد تجاوزت كل الحدود والقواعد في حربها على الشعب السوري ، واستهدافها لحياة ملايين المدنيين من الرجال والنساء والأطفال.
وفي الكلمة نفسها وفي إطار القراءات الأولية لمسودة مشروع القرار المقترح من ( الأردن واستراليا ولوكسمبورغ ) والذي عدله الروس ثلاث مرات ، بعد مقاطعة متصنعة من الطرفين الروسي والصيني على طريق المساومة بدماء الأبرياء ، قالت السيدة آموس : إن بقاء مجلس الأمن بلا قرار خير من صدور قرار سيء . وهو تصريح معبر ذو دلالة عميقة ، وينم عن إحساس إنساني عال بالمسئولية الإنسانية والسياسية على السواء.
ولكن الذي حصل أن وجد الشعب السوري نفسه أمام قرار سيء تلاعب به الروس إلى أقصى الحدود حتى أفرغوه من أي مضمون عملي يمكن أن يخفف من آثار الكارثة الإنسانية البشعة التي تحل بالشعب السوري.
ولم تأت موافقة الروس والصينيين على مشروع القرار الأشوه إلا كنوع من أنواع استدارج المجتمع الدولي المتغابي عن حقيقة ما يجري في سورية إلى المزيد من متاهات الدروب المعتمة إلى ما يدعى الحل السياسي في الوقت الذي يمعن فيه بشار الأسد وحلفاؤه الدوليون والإقليمي قتلا وتخريبا في أديم الشعب والعمران السوري .
على المستوى العملياتي استقبلت عصابة الأسد القرار الأممي الذي ينص على وقف الفصف الجوي واستعمال البراميل المتفجرة بتصعيد غير مسبوق بالقصف الجوي والبراميل المتفجرة على حلب وريف دمشق ودرعا مما أخرج الألوف الإضافيين من السوريين في الشمال والجنوب من ديارهم إلى كل من تركية والأردن ، البلدان اللذين أثقلهما ما استقبلا حتى الآن من لاجئين يفوق عديدهم طاقتيهما ..
وعلى المستوى النظري الرسمي خرجت علينا ما يسمى بالخارجية السورية لتعلن رفضها المبطن لقرار مجلس الأمن . الرفض المبطن الذي وضع القرار في دائرة من الشروط تحبط كل إرادة إنسانية خيرة تسعى إلى تخفيف معاناة السوريين الأبرياء ...
فحسب ما يسمى بالخارجية السورية سيقبلون تطبيق القرار باحترام السيادة الوطنية . ومفهوم السيادة الوطنية كما يفهمها ويشرحها ويعبر عنها بشار الأسد ومحازبوه على خلفياتهم المختلفة هي الاحتفاظ بحقهم بقتل من شاؤوا ، وذبح من شاؤوا ، واعتقال من شاؤوا ، وتعذيب من شاؤوا ، وتجويع من شاؤوا ، وتهجير من شاؤوا ؛ فكل ذلك من الشأن الداخلي للدولة السورية لا يحق لأحد أن يتدخل به ، وكل من يتدخل به فهو يهتك عذرية السيادة الوطنية التي يؤكد بشار الأسد أن الطيران الإسرائيلي والجنود الإيرانيين والحزبللاويين لم يمسوها بسوء
وحسب ما يسمى بوازرة الخارجية السورية فإن القرار الأممي المذكور إنما يجب أن ينفذ عن طريق الدولة وبيدها فهي الخصم وهي الحكم وهي المعطي وهي المانع ..
وأغرب ما في شروط ما يسمى بالخارجية السورية الحفاظ على مبادئ الحياد والنزاهة وعدم تسييس المساعدات الإنسانية ..
وكان ما يسمى بالخارجية السورية قد نوهت إلى ضرورة معالجة الأزمة من جذورها وأبرز هذه الجذور- حسب رأيها - هي مواجهة الإرهاب على الأرض السورية . ولعله التنويه الأدق الذي صدر عن هذه الجهة التي قلما تهتدي إلى صواب : وجذور الأزمة – في رأينا - تتمثل في بشار الأسد الذي تسبب لسورية والسوريين بكل هذا الشر ، والإرهابيون هم هذه العصابة من السياسيين والقتلة الذين يلتفون حوله ، والإرهاب هو كل ما يصدر عنهم من فعل أو قول أو تقرير ..
وبعد ...
صدر قرار مجلس الأمن وصودر قرار مجلس الأمن منذ اليوم الأول لصدوره من قبل عصابة الأسد رسميا على المستويين العملياتي والنظري ؛ فأي معنى يبقى لمهلة الشهر التي منحها القرار الروسي غير إعطاء الفرصة لمزيد من القتل ومن الاعتقال ومن التهجير ، مع يرد من أخبار وحسبما ما أشارت إليه الصحيفة العبرية يديعوت أحرنوت عن عودة عشرات الخبراء الروس إلى سورية للمشاركة في قتل السوريين وكسر إرادتهم وفرض الحل العسكري عليهم ..
لا نظن أننا ننبه غافلين ، فالكل شركاء في اللعبة على دمائنا ومصيرنا ، ويبقى الهدف ان نقرأ عليهم بعض الذي يمكرون ...
( والله خير الماكرين ) ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية