الإرهابيون يحاربون الإرهاب!

د. محمد بسام يوسف

قبل أن تحتلّ أميركةُ العراقَ، لم يكن هناك إرهاب في منطقتنا، سوى الإرهاب الصهيونيّ، وإرهاب عملاء أميركة والكيان اليهوديّ من أنظمة الحكم الدكتاتورية.

الكيان الصهيونيّ الإرهابيّ، صنعه وما يزال يحميه ويرعاه، الإرهابيون الصليبيون في أميركة وأوروبة وروسية الإجرام.

المجرمان الإرهابيان السفّاحان حافظ وابنه المعتوه بشار، هما مِن صُنْعِ قوى الإرهاب والعدوان والشرّ المذكورة هذه.

المجرم الإرهابيّ (السيسي) الذي نفّذ انقلاباً عسكرياً دموياً، على السلطة المنتَخَبَة الشرعية، وقتل وجرح واعتقل وسجن وشرّد، عشرات الآلاف من المصريين، ويتشدّق اليوم بأحاديث الإرهاب.. هو من صُنْعِ هؤلاء الإرهابيين المجرمين المذكورين أعلاه أيضاً.

إيران المجوسية، القائمة على الإرهاب الإجراميّ، التي تمارس الإرهاب، وترعاه، وتُصدِّره إلى أوطاننا.. لا تفعل ذلك، إلا بالاتفاق مع روسية المجرمة، ومع أميركة التي سلّمتها العراق يداً بيد بعد احتلاله، وسكتت عنها، بل شجّعتها، على نشر شرِّها في سورية والعراق واليمن ولبنان، وفي بعض أقطار العالم العربيّ والإسلاميّ، وذلك بموجب الاتفاق النوويّ، وبنوده البينية التي أقنعت إيران المجوسية، بنجاحها الكبير، في إبرامه مع أميركة والغرب الصليبيّ الحاقد.

 

ضحايا تحالف الشرّ الإرهابيّ من الأبرياء السوريين والفلسطينيين والعراقيين، الذين يرتقون شهداء، بنيران الطائرات الإرهابية الأميركية والغربية الصليبية، بحجة مكافحة الإرهاب.. وصل عددهم إلى عشرات الآلاف حتى الآن، وما خفي أعظم.

التحالف الوثيق بين أميركة والأحزاب الكردية في سورية والعراق، هذه الأحزاب الإرهابية بالتصنيف الأميركي نفسه.. يدحض مزاعم أميركة حول أكاذيب مكافحة الإرهاب.

*     *     *

هل المقاومة الفلسطينية، التي تقاوِم المحتلّ الصهيونيّ الإرهابيّ، مغتصِب الأرض والمعتدي على المقدّسات والعِرض، وتقاوِم جرائمه المختلفة، التي يقترفها تحت بصر العالَم وسَمْعِه.. هي مقاومة إرهابية؟.. بينما روسية الإجرامية، حليفة النصيرية البشارية، والمجوسية الإرهابية الإيرانية.. التي قتلت مئات الآلاف من الأبرياء السوريين، ودمّرت مشافيهم ومدارسهم وأسواقهم الشعبية، ومساكنهم، ومساجدهم، وروضات أطفالهم، ومقرّات الدفاع المدني لهم، ومقرّات ما يسمى بالأمم المتحدة في بلدهم، وقوافل إغاثتهم الأممية وغير الأممية، وغير ذلك من جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.. روسية هذه، غير إرهابية؟!.. لماذا لا يجرؤ أي مندوبٍ من مندوبي الدول (العربية والإسلامية) الخمسة والخمسين على ذكرها (أي روسية)، دولةً محتلّةً قاتلةً إرهابيةً مجرمة؟!.. لماذا؟!.. أليس هذا النفاق دليلاً دامغاً على أنّ مؤتمرات ما يُسمى بالإرهاب مُسَيَّسة؟.. لا تنسجم مع حقوق أمتنا، بل هي لتحقيق مصالح الإرهابيين الحقيقيين الدوليين في الغرب والشرق؟!..

*     *     *

لقد أمعنت أميركة والقوى الشرّيرة العالمية، على رأسها: روسية، وإيران المجوس، وأوروبة الصليبية.. بِغَيّها وطغيانها في أوطاننا، إما مباشرةً، أو عن طريق أنظمة الاستبداد الإرهابية العميلة.

كما تسلّطت معظم أنظمة الحكم في العالَم الإسلاميّ، على مقدّرات الأوطان والشعوب المسلمة، بمباركةٍ أميركيةٍ وغربية، وبدعمٍ غير محدودٍ منها، ومارست الاستبداد والظلم والاضطهاد، واستخدمت لذلك كل الأدوات والأساليب الإرهابية، من اعتقالٍ وتعذيبٍ واغتصابٍ لإرادة أبناء الأمة، وسَلبٍ للأموال العامة والخاصة، وامتهانٍ لكرامة الإنسان، وقهرٍ وبغي، وتزويرٍ لرغبات الشعوب في الحرية والعدل والكرامة.. لذلك فأميركة والغرب الصليبيّ، هما المسؤولان عن استعباد هذه الشعوب وإرهابها، لضمان استمرار تحقيق مصالحهما الدنيئة، في الاستغلال وامتصاص الخيرات الوطنية، للدول العربية والإسلامية، وغيرها من دول العالَم الثالث!..

*     *     *

لن يقدرَ أحدٌ من البشر، على إنهاء ما يسمّونه (إرهاباً).. إلا عندما يكفّ هؤلاء الإرهابيون الشرّيرون الدوليون وعملاؤهم من أنظمة الحكم، عن العَوم بوجه سُنَن الله عزّ وجلّ في الأرض. فالمقاومة المشروعة، سواء في سورية، أو في العراق أو فلسطين، أو في أي مكان، لن تقفَ، إلا بإنهاء أسبابها، وإيقاف مبرِّراتها، التي تتمثّل في: الاستبداد، والاحتلالات، والتسلّط، والعدوان، والاستعباد، ونهب ثروات الشعوب، والتآمر على حرّيتها، وامتهان كرامتها، والظلم، والقهر، والقمع، وسَحق الإنسان، كما تتمثّل في: انتهاك أسس العدالة والحرية، وانتهاك أسس إحقاق الحقّ وإنصاف المظلومين، وتجاهل التعامل مع الأمم والشعوب على أساس الاحترام، والالتفاف على حقها في العيش بسلامٍ وأمن، وانتهاك حقوقها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية!..

ما يسمّونه (إرهاباً) ينتهي فحسب.. عندما يتخلّى أولئك الإرهابيون الدوليون، وعملاؤهم.. عن الإرهاب. إنّ تجاهل هذه الحقيقة، والالتفاف عليها، والمراوغة حولها، لن يُنهي ما يسمّونه (إرهاباً)، مهما عقدوا من مؤتمراتٍ وتحالفات. إنهاء الظلم، والكفّ عن العدوان، واحترام حقوق الشعوب وحريتها وكرامتها.. هو بكل بساطة، الطريق الوحيد الذي يُنهي ما يسمّونه (إرهاباً)، إن كانوا حقاً، يرغبون بإنهائه.

بكلّ بساطة: كُفّوا عنا وعن أمّتنا وشعوبنا الإرهابَ الصليبيّ-المجوسيّ-الصهيونيّ-الروسيّ، وإرهابَ عملائكم من أنظمة الحكم الدكتاتورية.. قبل أن تتبجّحوا –زوراً- بحكايات (الإرهاب الإسلاميّ). إذ لا يحق للإرهابيين المفسدين في الأرض، أن يبيعونا ثرثرةً فارغة، حول حُسن العلاقات، وقداسة التحالفات، بينما بساطير جنودهم ما تزال تُدنّس أرضنا وأوطاننا ومقدّساتنا، فالأبالسة سيبقون شياطين ستطويهم جهنّم، حتى لو تدثّروا بحكايات الملائكة!..

*     *     *

بعيداً عن المفهوم الأميركيّ-الصهيونيّ-الغربيّ المشوَّه للإرهاب، الذي تروّجه الدوائر الأميركية والغربية والصهيونية، وتَلقى صدىً واسعاً لدى كثير من عملائها سَيّـئي النية والطويّة، في عالمنا العربيّ والإسلاميّ.. فإننا نؤكِّد للبشرية بشكلٍ واضحٍ لا لبس فيه، أنّ (الإرهاب) في المنهج الإسلاميّ هو: إخافة العدوّ، وردعه، لمنعه من التفكير بإيذاء المسلمين والأبرياء الذين يدخلون في عهدهم، أو من الاعتداء عليهم وعلى حُرُماتهم.. و(الإرهاب) هو امتلاك القوّة الحقيقية بكل أشكالها وأدواتها ووسائلها، لإرهاب عدوّ الله وعدوّ المسلمين وعدوّ الإنسان، لمنعه من الاعتداء على المسلمين وحُرُماتهم وعلى الإنسان وكرامته وحقوقه، وهذا ما أكّده القرآن الكريم بقوله: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ..) (الأنفال:60).. فالإرهاب في المفهوم الإسلاميّ، مناقض تماماً للبغي والعدوان والطغيان والظلم والجَوْر والغدر والقتل وسفك الدماء بغير حقّ.. بل هو كل ما يمنع وقوع تلك الشرور بين البشر، وذلك بهدف تحقيق العدل والتراحم والسعادة للناس أجمعين: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (النحل: 90)..

أمام هذا البغي، وهذا الخواء والالتفاف على الحقوق، الذي تعاني منه البشرية في هذا العصر.. فإنّ المسلمين مطالبون أكثر من أي وقتٍ مضى، بتقديم المنهج الربّانيّ العادل للناس، الذي لن يكون هناك غيره علاجاً لكل الأزمات والجراحات، التي سبّبتها المناهج الظالمة الباغية، فهل سيكون المسلمون، وفي طليعتهم الحركات الإسلامية المتنوّرة، على مستوى حمل هذه الأمانة الثقيلة، فتتحرّر البشرية –بالحكمة والوسطية والهدى والموعظة الحسنة- على أيديهم، بمن في ذلك: أميركة الإرهابية وروسية الإجرامية وإيران المجوسية والغرب الصليبيّ وفلسطين المحتلة.. تتحرّر من الظلم والاحتلال والجور والقهر والاستبداد والاضطهاد، ومن ما يسمّونه (الإرهاب)؟!..

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).. (البقرة: 143).