كيري يثني على بشار الأسد ويعده وعدا حسنا
تصريح على تصريح
زهير سالم*
الثناء الذي أغدقه وزير الخارجية الأمريكية جون كيري على نظام بشار الأسد لا يمكن أن يغسل دماء السوريين عن يدي مجرم حرب مثل بشار الأسد . بل إنه جدير أن يغمس الإنسان الذي يطلقه في الجريمة وأن يجلل الحكومة التي يمثلها بالعار . حسب شكسبير فإن كل بحار العالم لا تغسل الدم عن يدي طاغية فهل سيغسله تصريح لسياسي معاق ؟!
إن الأخطر في تصريح كيري ليس في ثنائه على سرعة تعاون واستجابة مجرم الحرب بشار الأسد في عملية تدمير ترسانة السلاح الكيمائي بل هي في إردافاته التشجيعية التي عقب بها على هذا الثناء ( لم يحن الوقت بعد لقول كلام حاسم حول المستقبل قبل تمام العملية . والمعنى واضح لمن يريد أن يدركه : إذا تمت عملية التعاون كما يريد كيري فإن كلاما حاسما حول مستقبل مجرم الحرب يمكن أن يقال ..
إن الأمريكيين الذين ما زالوا يختبئون خلف ما يسمونه ( مجلس الأمن أو القانون الدولي ) في إطلاق يد مجرمي الحرب في ارتكاب جرائمهم في سورية حتى تجاوزت ضحاياهم الظاهرة مائة ألف إنسان ؛ هم الذين قاموا بالأمس باختراق هذا القانون لاعتقال مواطن ليبي من بيته بتهمة يزعمون أنها ارتكبها سنة 1998 وراح ضحيتها فيما يقدرون مائتي إنسان في نيروبي ودار السلام !!! أبو أنس الليبي حسب الرؤية الأمريكية أخطر على الإنسانية والحضارة من مجرم الحرب ( بشار الأسد ) ، وأولى بالملاحقة والاعتقال ؛ بينما يستحق بشار الأسد الثناء تمهيدا لإعادة التأهيل لوعد ( حاسم ) !! بشار الأسد هذا هو الذي كان بالأمس يحتج لصحيفة دير شبيغل الألمانية أن الغرب ( يثق بالقاعدة أكثر من ثقته فيه ).
إن تصريح جون كيري لم يكن الأول في سياقه ، ولن يكون الأخير ، بل هو حلقة في سلسلة من الجهد الأمريكي المنظم والمستتر لاحتواء الثورة السورية وتفتيت قواها ، وفرض قيادات عليها ، لإعادة تطويع الشعب السوري للمجرم محل الثناء أو لعصابته الطائفية الحاقدة . وما أسهل أن يتهم كيري وشركاه الشعب السوري بسواده العام ( بالتطرف ) ليتحقق الوعد الأمريكي حسب كيري أن الحل الذي يعمل عليه ( لن يكون فيه مكان للمتطرفين )
لن يصحح تصريح الوزير الأمريكي تعليق تسكيني أو مخدر من الناطق باسم البيت الأبيض كالذي صدر بالأمس تفاديا لغضبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان . إن الذي يجب أن يدركه السوريون جميعا أن تصريح كيري العجل يكشف حقيقة الموقف الأمريكي المستقبلي وربما تعليق الناطق باسم البيت الأبيض يعترض على هذا الاستعجال ...
. إن ما صدر عن كيري من استهانة بدماء مئات الألوف من السوريين ، ومن ازدراء لآلام ملايين المنكوبين والمعذبين والمشردين يتطلب من الوزير الأمريكي : تفسيرا واضحا واعتذارا وصريحا . فلا يثني على المجرم إلا مجرم مثله ، ولا يدافع عنه إلا شريكه في القتل والعدوان ...
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية