ماذا حدث في 27 حزيران عام 1980 في سوريا
ماذا حدث في 27 حزيران عام 1980 في سوريا
شهداء تدمر .. إخوتي وأحبتي .. أين الحديث العذب والأخبار ؟!!!
في مثل هذه الساعة (الثالثة فجرا) من فجر مثل هذا اليوم (27 حزيران 1980م) صعدت إلى السماء أرواح أكثر من 1000 شهيد من خيرة أبناء سورية !
في مثل هذه الساعات كان الرصاص الجبان يدوي في أرجاء سجن تدمر الصحراوي الرهيب !
في نصف ساعة فقط صعدت إلى السماء أرواح بريئة مظلومة .. تشتكي إلى السماء ظلم الجبابرة والظلمة والطغاة !
في نصف ساعة فقط سقط أكثر من 1000 شهيد ما بين كبير وصغير .. شاب وعجوز .. إسلامي ومستقل .. إخواني وغير إخواني .. مثقف وعامي .. دكتور وعامل .. مهندس وتاجر .. جمعهم شيء واحد فقط .. هو أنهم مظلومون !!
شهداء تدمر :
هل تسمعون توجعي و تنهد الدنيا معي
ياراحلين عن الحياة و ساكنين بأضلعي
ياشاغلين خواطري في زورتي و تضرعي
أنتم حديث جوارحي في خلوتي أو مجمعي
لم يبق في ضمير القاتل ذرة إنسانية .. بل إن الحيوان ليعجز عن فعل ذلك !! كيف لبشر أن يجرؤ على قتل أناس عزل في سجن رهيب .. مقيدين .. معذبين .. منهكين .. مكسرين .. مقطعين ! كل ذلك لم يشفع لهم إلا أن تتمزق أجسادهم ويشفي الظالم حقده وغله !
يقع سجن تدمر في بلدة تدمر الصحراوية في محافظة حمص على بعد 250 كيلومترا شمال شرق دمشق. بنت سلطة الانتداب الفرنسي سجن تدمر في الثلث الأول من القرن العشرين واستخدمته ثكنة عسكرية، لكنه استخدم فيما بعد سجناً للمجندين والعسكريين المتهمين بارتكاب مخالفات أثناء خدمتهم أو جرائم جنائية عادية. ومنذ مطلع السبعينيات بدأ حافظ الأسد باستخدام سجن تدمر لاحتجاز المعتقلين السياسيين بعيدا عن المدن، وفي معزل عن العالم، لكن الاحتجاز لم يكن يستمر أكثر من شهور معدودة . أما السمعة العالمية الرديئة التي اكتسبها ،وانفرد بها هذا السجن الرهيب فترجع بداياتها إلى عام 1979 حين بدأت السلطات بإرسال أعداد كبيرة من السجناء السياسيين إليه، حيث يتم فصلهم عن العسكريين المحتجزين.
ويعتبر سجن تدمر أكبر سجون سورية، وأسوأها سمعة فقد اشتهر بما يلقاه المعتقلون من المعاملة الوحشية والتعذيب المنهجي اليومي غير الإنساني الذي أودى بحياة كثير منهم أو ترك بصمات لا تمحى على نفسيات وشخصيات من بقوا على قيد الحياة. ويخضع السجن لإدارة الشرطة العسكرية، لكن مسئولية السجناء السياسيين من اختصاص المخابرات العسكرية،و تقوم قوة من الوحدات الخاصة بحراسة السجن. وباعتباره سجناً عسكرياً فإنه لا يخضع لإشراف وزارة العدل التي تجري عمليات تفتيش للسجون المدنية في فترات متباينة. ( منظمة العفو الدولية: سورية تعذيب ويأس وتجريد من الإنسانية في سجن تدمر العسكري).
ويطلق على سجن تدمر في أوساط الشعب السوري سجن الإسلاميين لأن السلطات خصصته غالباً لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومن ارتبط بها أو ربما لمجردة شبهة التدين، لكن هذا لم يمنع من وجود فئات أخرى مغضوب عليهم كالبعثيين العراقيين والشيوعيين.
في أحد تقارير منظمة رقيب الشرق الأوسط تحدث عن بعض تفاصيل هذه المجزرة فقال :
في الساعة الثالثة من فجر السابع والعشرين من الشهر المذكور، أرسل مغاوير سرايا الدفاع، الذين جيء بهم من ثكناتهم في دمشق يتزعمهم معين ناصيف صهر رفعت أسد، إلى مطار المزة العسكري حيث التحق بهم مغاوير من لواء أمن علي ديب ذي الرقم ( 138 ) . قطع مائتان من الجنود بطائـرات الهيلوكبتر مسافـة (250) ميلاً ليطأوا أرضاً في منطقة بالقرب من سجن تدمر وسط الصحراء. كان ثمانون من هؤلاء الجنود المدججين بالسلاح قد تلقوا أمراً بدخول السجن. لقد روى أحد الجنود اللاذقية ما حدث بعد ذلك داخل السجن وكما يأتي:
“وصلت حاملة (دودج) لتقلّنا إلى السجن حيث تم توزيعنا على سبع حضائر. كان معي في حضيرتي أحد عشر جندياً تقريباً بإمرة الملازم منير درويش.. فتحوا لنا باب زنزانة سجناء جماعية، اقتحم ستة أو سبعة جنود من صفوفنا الزنزانة وقتلنا كل من كان فيها كان عددهم (60) شخصاً أو (70)، بالنسبة إليّ، فأنا أحمل بندقية سريعة الإطلاقات، وقد قتلت برصاص سلاحي (15) شخصاً أو ما يقرب من ذلك أما مجموع من كان علينا قتلهم فقد أقدره بحدود (550) شخصاً من الإخوان المسلمين القذرين . مات أحد أفراد سرايا الدفاع وجرح اثنان منهم فقط، بعد ذلك غادرنا السجن، ذهب الملازم رائف عبد الله ليغسل يديه ورجليه من آثار الدماء التي غطتها، لم تستغرق العملية أكثر من نصف ساعة، كانت حالتنا النفسية أشدّ ما تكون رعباً، كانت أصوات انفجارات القنابل اليدوية تمتزج مع صيحات “الله أكبر” وأخيراً، غادرنا عائدين بطائرات الهيلوكبتر.. وفي المـزة رحب بنا الرائد ناصيف وشكرنا على حسن أدائنا”.
لكن أيها الظلمة .. إذا كنتم قد غسلتم أيديكم من دماء الأبرياء في الدنيا .. فإنها سوف تلعنكم في الدنيا والآخرة .. لن تغسلوا عاركم .. ولن تغسلوا حقدكم .. ولن تغسلوا كره التاريخ والبشرية لكم !