الحرب على الإرهاب حين تكافئ القاتل بالسارين
عهد في ذكرى المجزرة الأثيمة
زهير سالم*
كل البشر الأسوياء يرفضون الإرهاب . بمعنى أنهم يرفضون العدوان على الإنسان ؛ عقيدته وحياته وعقله وعرضه وماله . البشر الأسوياء يرفضون ممارسة الإرهاب على كل الناس مهما كانت أديانهم أو أعراقهم أو انتماءاتهم أو أجناسهم أو أعمارهم ، وأما الإرهابيون والعنصريون فهم الذين تتعدد معاييرهم ، وتطيش موازينهم ، ويجعلون من حولهم يحار في فهم سياساتهم ، وتفسير قراراتهم . فهم وهم يعلنون حربهم على الإرهاب يمارسونه أو يؤيدونه أو يدعمون مرتكبه أو يكافئنوه كما كافأ أوباما العنصري الإرهابي بشار الأسد قاتل الأطفال بالسارين ، المتفوق بما ارتكب على كل الإرهابيين في أبشع صورهم وأحط أساليبهم ، وأقذر أدواتهم ..
والإرهابيون الكبار في هذا العالم هم الذين يدينون الإرهاب ، حسب دين مرتكبه، أو هوية ضحيته . فإرهاب محارب ومدان وهو وأهله ومرتكبه وقومه وأزهار حديقة بيته ، وإرهاب هو طورا دفاع عن النفس كإرهاب نتنياهو ، أو دفاعا عمن يلذ لبعض القوى التمسك بالدفاع عنه كإرهاب بشار الأسد والمالكي وحسن نصر الله وكل عصابات الولي الفقيه على خطوط الطول والعرض .
لن تنفك هذه المقدمة عن حقيقة ما أقدمت عليه بالأمس الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي تسارع لإعلان الحرب على ما يسمى ( الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ) !! حرب لن تنفك في عقول وقلوب أبناء منطقتنا عن كونها حربا مباشرة صريحة واضحة على الإسلام والمسلمين ، دون أن يعني هذا الفهم أي تبن لأي مجموعة أو تنظيم إرهابي . ودون أن يعني هذا دفاعا عن كثير من الممارسات والتصرفات المدانة التي يصفها بالإرهابية كل العقلاء الجادين والقاصدين ، على خلفيتها الشرعية الإسلامية التي ترتكب زورا باسمها ، أو على خلفيتها المدنية الإنسانية باعتبارها بعض المعروف الذي تعارف عليه العقلاء من البشر ..
تقترن جرائر هذه المجموعات مباشرة وعن طريق التداعي الذكري أو العهدي أو الشرطي البافلوفي بكل ما ارتكبه ويرتكبه إرهابيو المنطقة ( طبقا عن طبق ) بشار الأسد والمالكي وحسن نصر الله وخمنئي وأذرعه الضاربة في الأرض وميليشياته ؛ ويستحضر الخاصة والعامة من أبناء منطقتنا وهم يتابعون كوميديا إعلان الحرب على الإرهاب قرارا يتخذه جلاوزة الإرهاب العالمي بحكمة فيلسوف المعرة العربي يوم قال للدجاجة وقد وصفوها لشفائه وقدموها على طبق :( استضعفوك فوصفوك فلم لم يصفوا لي الأسد ؟! )
وحين كان ( دهاقنة ) الإرهاب العالمي بالأمس يصفق بعضهم لبعض على مقاعد مجلس الأمن ، وحين كانوا يعطون الفرصة لوكيل الإرهابي الأول في العالم ( بشار الجعفري ) ليعظ ضد الإرهاب باسم الإرهابي ( بشار الأسد ) كما يعظ الأنبياء الكذبة الذين سبق السيد المسيح إلى التحذير منهم والتأشير عليهم بقوله ( من ثمارهم تعرفونهم ) ؛ كانت الذكرى الأولى للجريمة الإرهابية الأولى في القرن الحادي والعشرين ضد إنسان سورية وأطفالها ، جريمة القتل أو الخنق ( بغاز السارين ) الذي تم يوم 21 / 8 / 2013 تطرق بعنف على عقول وقلوب أصحاب العقول والقلوب من البشر الأسوياء ..
يوم وقعت تلك الجريمة النكراء واخترق المجرم الإرهابي ما أعلنه السيد أوباما رئيس، ما كانت تُوصف بزعيمة العالم الحر ، خطا أحمر ، تظاهر منافقو العالم وجلادوه وإرهابيوه بالصدمة أمام مشهد ألف وست مائة جثمان إنسان آدمي كامل الإنسانية ، منهم خمس مائة طفل زغب القطا حملوا على الأيدي بوجوههم التي عصف بنضارتها غاز السارين الذي ملأ رئاتهم الصغيرة الغضة . تظاهر الإرهابيون المنافقون أوباما وكيري وأولاند وكاميرون وميركل بالصدمة ، ونفاقا ورياء دمعت أعين بعضهم ، وتذكروا أمام الكاميرات أبناءهم ، وذكرونا أنهم أيضا آباء ، وأنهم يملكون اسرا وأبناء واحفادا ...!!!
ثم طلبوا فرصة للتحقيق والتأكد والتوثق ، وأثبتت الوثائق فيما بعد أنهم كانوا على علم بالجريمة قبل أن تقع ، وأن لواقطهم كانت تتبعها خطوة خطوة ، بل كلمة كلمة ، ثم جاءت نتائج التحقيقات ، وليس التحقيق الواحد، كلها تسمي المجرم الإرهابي الأثيم ، مرتكب جريمة الإبادة من موقعه الرسمي وليس من موقع الطريد الذي لا يعرف نظاما ولا يقدر عاقبة ..
ثم كان ماذا ..
أدخلوا الجريمة الأكبر في تاريخ العالم الحديث في دوامات التدوير والتبريد والتحوير حتى ابيّض أو اخضّر الأحمر ، فكافؤوا المجرم على جريمته ، وجعلوا وراء ظهورهم فعلته ، وهدروا دماء الف وست مائة إنسان سوري لم يكن دمهم يوما ليعنيهم . وداسوا عذابات خمس مائة طفل لم يكونوا ليروا في قتلهم إلا فعلا استباقيا وقائيا لأمن دولهم . حسب قاعدتهم الذهبية: اقتلوهم قبل أن يكبروا حذر أن يكونوا إرهابيين.
اليوم ونحن في حضن ذكرى مجزرة السارين الرهيبة ، اليوم ونحن نحتضن جثامين أطفالنا ورجالنا ونسائنا ، ونتابع أنفاسهم المتقطعة ، ونضع أيدينا على جباههم تتنزى بالعرق والجهد ، يقف على رؤوسنا إرهابيو العالم الكبار يدعوننا إلى معاركهم ، معارك ذرائعهم وادعاءاتهم وباطلهم وزورهم وبهتانهم ..
اليوم ونحن في حضن أعظم جريمة إرهابية شهدها العالم في القرن الحادي والعشرين، جريمة خنق أطفالنا بغاز السارين التي ارتكبها بشار الأسد وعصاباته وداعموه من ميليشيات حسن نصر الله وخمنئ وبوتين والساكتين عليه ؛عاهدوا معي قلوب الأطفال الغضة ، ورئاتهم التي ملأها السارين ، عاهدوا معي أرواح الشهداء ، عهدا مع الله الملك الحق العدل الأول والآخر الظاهر والباطن أن دماء كل شهداء سورية الأبرار لن تذهب هدرا ، وأن عذابات ضحايا مجزرة السارين وحشرجات صدورهم وأنفاسهم المتقطعة لن تكون مادة للمساومة بأيدي النخاسين ...
( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ).
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية