كأس العالم وكأس الوطن
مصطفى العلي
منذ أن شرب غوار كاس الوطن الذي قدمه له الماغوط وشربنا ...وثمل وثملنا ودارت رؤوسنا جميعا أي فتلت معنا كما يقولون أصبحنا أمة غريبة الأطوار ترقص في مواضع الأسى وتبكي في مواضع الفرح .. مخبولين تنطبق علينا أغنية فيروز "يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا"... نفدي القاتل بدمائنا بينما نبول فوق جثة وطننا المقتول "نهوة" قلوبنا .... تزيغ أبصارنا فتختلط الكؤوس ببعضها فنمد أيدينا إلى كؤوس غير كؤوسنا نشرب فننتشي لا ندري لأي شيء ! ... أصبحنا أمة جوفاء أفئدتها هواء كأفئدة الكرة المنفوخة التي يتراكض خلفها الأبطال الوهميون الذين صنعهم لنا الكبار تماثيل أبطال نتسلى بها نحن الصغار حينما تيقنوا أنا على عكس أمم الأرض نصغر بدل أن نكبر ونتأخر بد أن نتقدم ......أبطال برشلونة , أبطال ريال مدريد , بايرن ميونخ, مانشستر ستي , ليفربول. أسماء يحفظها شبابنا أكثر مما يحفظون أسماء العشرة المبشرين بالجنة أكثر مما يحفظون أسماء أبطالنا الذين يرصعون صفحات المجد الظمأى كل يم بدرر من الألق والفخار لم يشهد مثلها الدهر منذ أمد بعيد.....
كأس العالم !! ... آلمني كثيرا انهماك جارنا اللاجئ السوري "المعتر" الأحوال الذي أسرع إلى اخصائي الدشات لكي يقلب له الصحن على القمر التركي لكي لا يفوته شيء من أحداث كأس العالم المثيرة بدلا من متابعة كأس وطنه الذي أصبح على أفواه مومسي التاريخ يشربونه نخب دعارة كما فعل واثق البطاط (دجال من بني متعة) حيث أعلن عن الاحتفال بترفيع من قتل مائة من النواصب على حد زعمه وتعبيره ( السوريين السنة) إلى رتبة "يا حسين" ....
على أية حال البركة موجودة في قناة الثورة السورية " الأورينت " أعزها الله لا تبخل علينا بمتابعة أخبار الرياضة جنبا إلى جنب مع أخبار البراميل التي تحقق هي الأخرى أهدافها فيصفق المتفرجون في هذا العالم المغسول سبعا من الشرف والأخلاق وكأنه أمام مباراة مثيرة لمصارعة الثيران ....
كأس العالم هناك في البرازيل وفأس العالم هنا في رقابنا .... في دمشق وحلب وحمص وحماة وإدلب......... على امتداد الوطن الذي أضاء العالم بنور المعرفة ....معبر الرسالات والحضارات ... له دين في رقبة كل من يمشي على رجلين ....هنا يكافئنا هذا العالم الرائع بتقطيع أوصالنا وتكسير رؤوسنا واستئصالنا من جذورنا ... بينما نتابع أخبار كأسه الممتلئ احتقارا واستخفافا بنا وبأخبار كأسنا هي الأخرى المتواصلة منذ سنين .....
عيوننا مسمرة في الشاشة تتدحرج مع الكرة التي تتقاذفها أقدام اللاعبين .... نحبس أنفاسنا خشية أن تقع في مرمى فريق نحبه ...
قلت: - أما تغنيك أخبار وطننا الذبيح عن أخبار كأس العالم يا رجل !؟ قال لي وماذا نفعل !؟ لقد سقطت كسب وقضيتنا طويلة ! ....
يا سبحان الله !......هل بالضرورة أن نسقط نحن كما سقطت كسب !؟ وهل يسقط الوطن إلا بنا !؟ وهل يرتفع إلا بنا!؟
هل يدفعنا سقوط كسب إلى مزيد من التطنيش والهرب !؟ أم نتحول براكين غضب نتفادى التقصير ونكون يدا واحدة في معركة المنعطف الكبير على طريق تقرير المصير!؟.....
هل نتابع شرب نخب هلاكنا وتبعثرنا وتقطيع أوصال وطننا وأطفالنا أم نحطم تلك الكؤوس جميعا ونشرب بدلا عنها كأس عزة وكرامة لا تنحني إلا في الصلاة لله لنا قامة...... النصر أو الشهادة ..نكون أو لا نكون!؟؟