بل همُ الكرار إن شاء الله
د. فوّاز القاسم / سوريا
في ملحمة مؤتة غير المتكافئة بين المسلمين ، الذين لا يتجاوز عددهم ثلاثة آلاف مجاهد ، والروم وحلفائهم الأعراب النصاري، الذين بلغ عددهم عشرات الآلاف .
استُشهد قادة الجيش الثلاثة ( زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة ) رضوان الله عليهم أجمعين ، في واحدة من أروع ملاحم الاستشهاد في تاريخ الحروب ، ثم آلت القيادة إلى الفارس العظيم ( خالد بن الوليد ) رضي الله عنه الذي رأى بفكره العسكري الثاقب بأن المواجهة غير متكافئة ، وأن الحفاظ على حياة المجاهدين في مثل هذه الظروف العصيبة ، والانحياز بهم إلى فئة المسلمين ، هو نوع من أنواع النصر ، فكان قراره الرائع بالانسحاب التكتيكي من أرض المعركة ، والانحياز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفئة المسلمين ، فتلقاهم ( صبية ) المدينة في طرقاتها يرمونهم بالحصى ، وينعتونهم ( بالفرار ) ...!!!
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الناطق بالحكمة ، والمسدّد بالوحي ، صحّح الموقف ، وقال : ( بل همُ الكرّار إن شاء الله ) ....!!!
واليوم ، وأبطال حمص العمالقة ، تاج رأس الأمة ، وغرّة جبين التاريخ ، وأسياد الشام والأمة ، ومجدّدي دينها ورجولتها ، وهم ينحازون إلى إخوانهم في الريف الشمالي ، بعد صمود إعجازي وأسطوري دام أكثر من سبعمائة يوم ، مرّغوا فيه الآلة العسكرية النصيريّة والمجوسية والشيوعية الروسية بالأوحال ، ومنعوها من أن تدخل حمص طيلة هذه المدة الرهيبة ، وهم لا يتجاوزون الألف مجاهد ... نقول فيهم :
أولاً : هذه معجزة عسكرية بكل معايير المعجزات ...!!!
ثانياً : هذه ليست هزيمة قطعاً ، بل انحياز لفئة المسلمين ، ولنا من تاريخنا الجهادي الإسلامي أعلاه العبرة والفكرة .
ثالثاً : إن روح وجوهر حرب العصابات لا يعتمد على التمسك بالأرض ، بل على الكرّ والفرّ والمناورة والمبادأة والمفاجأة ... ثم تكون الأرض لمن غلب في النهاية.
رابعاً : من أراد أن يبصق ، فليبصق على الخائنين ، والمتخاذلين ، واللصوص ، والمسوّفين ... لا على المجاهدين ، والمحاصرين ، والمنسحبين ...!!!
خامساً : ليكن درس حمص العظيم هذا ، معلماً للمجاهدين ، يفيدون منه في إعادة ترتيب أوراقهم ، وإحكام خطّتهم ، ورصّ صفوفهم ، وإعادة الكرّة على عدوّهم
والمؤمن من اتعظ من تجربته ... والله أكبر ، والعزّة والنصر للمجاهدين الأبرار ...خامساً : ليكن درس حمص هذا معلماً للجهاد والمجاهدين في حمص وفي جميع أنحاء سورية الحبيبة ، يفيدون منه في إعادة ترتيب أوراقهم ، وإحكام خطّتهم ، ورصّ صفوفهم ، وإعادة الكرة على عدوّهم ، حتى تحقيق النصر الناجز إن شاء الله.
(( ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله )) صدق الله العظيم