الشهيد أبو حسون
الشهيد أبو حسون
سرمد
جاري العزيز محمد أبو جميل ابن حسن وكنا نناديه (أبو حسون)، الطابق العلوي من بنايتنا مؤلف من شقتين فقط، شقتي وشقته، جهزناهما سوياً لأجل السكن وكنت أحلم بأن نعيش أيام جيرة جميلة فيهما ولكن الموت عاجله وقطع أحلامي. في الأصل هو نجار وعنده ورشة للنجارة في تل رفعت، أما عمله مع الجيش الحر فكان في قطاع التسليح حسب ما علمت. استشهد من حوالي عشرة أيام في قصف للمقر الذي كان جالساً فيه في حلب وقد سألت عنه وقيل لي بأنهم لم يتعرفوا، أو لم يجدوا، شيئاً من جثمانه، ولكنهم تعرفوا عليه من قطع وجدوها من قميصه الذي كان يرتديه يومها... أرجو أن نكون جيراناً في الجنة يا أبا حسون...
الكلمات التالية مكتوبة بقلم صديقنا سرمد:
***************************
اعذرني ياأخي ...
قصرت بحقك كثيراً...وأرجئ ذلك الى أننا كنا ننتظر أن نجدك من بين الأحياء لا من بين الشهداء...
أخي وصديقي ورفيق دربي لمدة عام ونصف ..اسمح لي أن أعطر جلستي بذكراك الرقيق الناعم الطاهر العفيف...
الشهيد :محمد حسون (ابو حسون) الغالي..
لم أكن أتوقع وأنا أساعد الشباب بعد قصف ذلك المبنى بالطيران الحربي وتهدمه فوق رؤوس الموجودين فيه ...أنني كنت أحمل أشلاءك!!!
حملت يومها أشلاءًكثيرة ...
كان عدد الشهداء كبير جدا..
وكنا نحمل الأشلاء فتنغسل بدموعنا من شدة حزننا يومها...
لم
أكن أتوقع أني حين كنت أقوم بتصوير الأشلاء والجثث المحترقة...
أنني أقوم بتصوير جثتك الطاهرة...
كان البعض يقول أنك غادرت قبل دقائق من الانفجار ..
الآخر يقول بل رأيته يدخل المبنى منذ أكثر من نصف ساعة وكان يحادث ابا الليث..
تعددت الروايات والكل يُكذّب الرواية التي تؤكد وجودك داخل المبنى..
ولكن مشيئة الله فوق كل مشيئة...
لاأنسى أبدا ذلك الموقف الذي أنقذتنا فيه من موقف عصيب يومها ...
يوم كان الشباب المقاتلين في صراع دامٍ مع العصابة الأسدية وبدأت الذخيرة بالنفاذ ...وبدأ صيحات الاستغاثة...
يومها تسللت من بيننا بكل هدوء وغبت مدة ساعة او اكثر بقليل..
ورجعت بسيارة تعج بالصناديق...
يومها ركضنا جميعا لتقبيلك وأخذك بأحضاننا...
لاتتسع هذه الصفحات الصغيرة لذكرك مناقبك ومواقفك البطولية صديقي الغالي....
الكثيرالكثير من البطولات سطرتَ بتاريخ الثورة...
أقسم لك اليوم أنني فخور كل الفخر أني عايشتك وغيرك من الأبطال حقبة من هذا الزمن الغابر...
أقسم لك اليوم..أنني سأبقى أروي لكل الأجيال عن بطولاتك وبطولات الرائعين أمثالك..
كي تعلم الأجيال القادمة بعد نيل الحرية ن شاء الله..
أن أبطالا ورجالا كتبو أروع قصص التاريخ وأعظم ملاحم البطولات لنيل الحرية القادمة ...
أنتم أيها الأبطال كنز هذه الثورة والإرث الذي لايزول لكل الأجيال القادمة....
وفي آخر الكلمات أقول....
(ابو حسون) :ولدت حراً بطلاً..وعشت حراً بطلاً..واستشهدت حراً بطلاً...
يأيها التاريخ سَطّرْ أنني...عايَشتُ أعظمَ من كَتبتَ من الرجالْ...
........