عاشوراء يوم يفرح فيه المؤمنون
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصبحه ومن والاه، وبعد:
فمن رحمة الله بعباده أن جعل لهم في أيام دهرهم نفحات، ومواسم للخيرات، فتضاعف فيها الدرجات ، وتغفر فيها السيئات ، ويفّرج فيها عن عبادة الكروبات ، فيفرح فيها المسلم لم عند الله فيها من الخيرات ، ومن هذه الأيام ، يوم عاشوراء، فهو يوم :
- تغفر فيه ذنوب عام كامل: كما جاء عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ» أخرجه: مسلم
- ومن أيام الله التي ذكرها قائلا : ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾[إبراهيم: 5 ] ، وكما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما- ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ». أخرجه: مسلم وأحمد.
حيث نجي الله موسى وقومه، ومن فرعون وظلمه وأغرق فرعون وجنوده.
- وفيه قتل الحسين- رضي الله عنه- وهو يدافع عن الحق، وكان ذلك يوم الجمعة، العاشر من محرم سنة61هـ.
ونتعلم مما سبق أن المسلم عليه:
- أن يتابع ما يدور حوله، كما جاء عن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل اليهود عن يَوْمَ عَاشُورَاءَ فقال لهم : «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» أخرجه الشيخان.
- وأن يشكر الله على نعمه التي لا تحصى، كما جاء في الحديث السابق : « فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا »
- ويعلم أن الإسلام دين عالمي، لا يحده زمان ولا مكان ، كما جاء في الحدث السابق «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ »، والأنبياء جميعهم دينهم الإسلام، كما قال سبحانه : ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾[آل عمران: 84].
- وأن يتميز المسلم فلا يتشبه بغيره، خاصة في العقائد والعبادات، فقد جاء عن ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» أخرجه : مسلم
- وأن يهتم المسلم بتربية الأولاد، فكان الصحابة يعلمون ويدربون أولادهم على صيام يوم عاشوراء ، كما جاء عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ،- رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَتْ عن صيام يوم عاشوراء :: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ". أخرجه: الشيخان
- وألا يفقد المسلم الأمل في نصر الله للمؤمنين وإن طال الطريق ، فسينصر الله دعوته وعباده المؤمنين كما نصر كما نصر دعوته وأنبيائه موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعا الصلاة والسلام في مثل هذا اليوم العظيم، قال سبحانه : ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) ﴾[ الروم]
وصل اللهم وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم
وسوم: 639