راحة بالي
لَمْ أَعُدْ أُصْغِي لِلصَّدَى الْمُنْبَعِثِ مِنْ هُنَا وَ هُنَاكَ ، لَمْ تَعُدْ نَهِزُنِي نَبَرَاتُ الصَّوْتِ الْمُرْتَفِعَةُ الَّتِي تُحَاوِلُ إِضْعَافَ عَزْمِي ، أُفَضِّلُ الْعُبُورَ بِهُدُوءٍ ، فَمَا عَادَ الْجِسْمُ يَحْتَمِلُ .
لَمْ تَعُدْ تُغْرِينِي هَمَسَاتٌ أَسْمَعُهَا مِنْ هُنَا وَ هُنَاكَ ، تُحَاوِلُ أَنْ تُعَكِّرَ صَفْوَ مِزَاجِي ، فَقَدْ عَافَتْ الرُّوحُ حَيَاةَ الصَّخَبِ ، أَصْبَحْتُ تَبْحَثُ لَهَا عَنْ سَاعَةِ أُنْسٍ مَعَ ذَاتِي ، تَبْحَثُ عَنْ رَاحَةِ بِالٍ ، فَمَا عَادَ ْخِصَامُ الْأَنْدَادُ يُلْهِينِي عَنْ وَاجِبَاتٍ تَنْتَظِرُنِي ، مَا عَادَ بَرِيقُ الْأَضْوَاءِ الَّذِي أَلِفْنَاهُ فِي سَالِفِ عُمْرِنَا نَرْتَضِي الْفَتَّهَ ، فَقَدْ بَاتَ يُضْعِفُ حَاسَّةَ ذَوْقِي .
أَصْبَحْتُ مَأْسُورَ الْوُجْهَةِ ، أَبْحَثُ لِي عَنْ سَاعَةِ هُدُوءٍ فِي ضَيْعَةٍ أَقْضِيهَا فِي تَأَمُّلِي ، مَا عَادَتْ حَاجَةُ نَفْسِي تُطِيقُ تَهْوِيلَ الشَّوَاغِلِ ، فَأُمُورُهَا بَاتَتْ تُفْجِعُنِي .
وَطَّنَّتُ النَّقْسَ أَنْ تُرَافِقَ هَمْسَ الطُّيُورِ ، فَتُدَاوِي عِلَلَهَا بِتَغَارِيدِهَا ، أَوْ تَشْرَحَ رُوحِي بَعْضَ رَوَائِعِ الْآيَاتِ ، فَتَسْكُنُ نَفْسِي الْحَائِرَةَ ، أَوْ أَسِيرُ هَائِمًا فِي بَدِيعِ الْجَمَالِ ، أَتَأَمَّلُ رَوَائِعَ صُنْعِ اللَّهِ ، أَقْتَفِي أَثَرَ نَفْسِي . أَصْبَحْتُ أَبْحَثُ عَنْ سَعَادَةٍ مَفْقُودَةٍ فَأَمْضِي مَعَهَا سَائِحًا يَلْهُو فِي أَحْضَانِهَا ، يَسْرِقُ بَعْضَ سَاعَاتِهَا فِي طَاعَةٍ أَقْتَنِصُ رِيحَهَا ، فَالْعُمْرُ قَصِيرٌ ، وَ الزَّادُ قَلِيلٌ .
وسوم: العدد 1100