الميليشيات .. والمطرقة المفقودة !
كثرت في الاونة الاخيرة تسريبات انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن خطوات على الارض تقوم بها القوات الامريكية في بعض المحافظات العراقية الهدف منها الحد من الميليشيات العراقية المدعومة من ايران من خلال ضرب مكاتبها او قرارات بتجريدها من السلاح ومحاصرتها وانهاءها..
وقد تناقل الناس في العراق هذه التسريبات بطريقة عفوية نابعة من شدة العاطفة التي تفيض بالكراهية لهذه الميليشيات لما لها من سمعة سيئة نتيجة لتصرفاتها وجرائمها التي ارتكبتها بحق الكثير من المواطنين العزل ، ولسبب اخر لايقل اهمية وهو ارتباطها المعلن والصريح بايران ، لاسيما ان مشاعر الانزعاج والكراهية لدى الناس في العراق للنظام القائم في ايران شهدت في الاونة الاخيرة ظهورا ملموسا ، بل ومتصاعدا في مدن ومحافظات كانت حتى وقت قريب متهمة بولاءها او انحيازها لايران ، لكن الواقع اثبت عدم صحة هذا الاعتقاد وماجرى من حرق للقنصلية الايرانية في البصرة يكاد يكون الدليل الابرز على ذلك وغيره من الادلة التي نسمعها ونشاهدها يوميا ..
وفي وسط هذه المشاعر العراقية الناقمة على الميليشيات وقادتها تأتي موجة التسريبات عن الحنق الامريكي على ايران وميلشياتها لتجد من يصدقها ..
فهل نحن امام حقائق ام فبركات ؟
وهل بالفعل ان الامريكان جادون ؟
وهل المصلحة الامريكية تقضي بذلك ؟
اسئلة وغيرها تبدو الاجابة عليها في غاية الاهمية ، وهنا لابد ان نتساءل : هل رأينا بالفعل او شهد الناس واقعة واحدة من بين عشرات الوقائع التي نشرت وتم تداولها ؟ والجواب .. كلا !
في الحقيقة كانت عملية واحدة فقط تلك التي ضربت بها الطائرات الامريكية ضربة خفيفة تحذيرية لقوات عراقية وميليشياوية عند الحدود العراقية السورية لاسباب تتعلق بالاتفاقات الامريكية مع تركيا وروسيا فيما يتعلق بالوضع في سوريا ، وعدا ذلك لم نجد على ارض الواقع اية تحركات فعلية او جادة في هذا الصدد .. قد تكون جرت هنا اوهناك ملاحقة لمطلوب لسبب ما او رد على تحرش بالقوات الامريكية مثلا ، لكن كل هذه لاترقى الى رسم الاحلام في مخيلتنا !!
ان الامريكان لو كانوا جادين فيما يريدون ان يفعلوا اي شيء في العراق لنفذوه بين ليلة وضحاها ولن تستطيع اية قوة ان تقف بوجههم ان كانت المليشيات او غيرها ..
ومن هنا ينصح الكثير من المراقبين والسياسيين المخضرمين بالتأني في تقبل ماينشر او يبث وتصديقه على اساس انه امر حقيقي ، مثلما الامر مع مايروج عن تغيير امريكي سيجري في العراق ، ولذلك فأن مايقال ايضا عن التغيير القريب القادم المزعوم في العراق هو مضر اكثر مما ينفع لانها تهز مصداقية من يقف في خندق المعارضة للعملية السياسية .
يقول استاذ الاعلام الدكتور كامل خورشيد في تعليق له على هذه المنشورات ..(ان من ضمن الاساليب النفسية هي شائعات الامل التي يكون هدفها الاحباط واليأس) ويقول ايضا استاذ الاعلام الدكتور عبد الكريم الدبيسي ..(انه قتل للامل بالخلاص والاستسلام للواقع ولذلك فأن الكثير من عامة الناس البسطاء سيفقدون الامل) .
بهذه الاضواء السريعة يمكننا القول ان اثارة مثل هذه الزوابع غير الحقيقية ستعود على من يتلقفها بالضرر لاسيما اذا ماتكررت ليبقى ينتظر دون جدوى حتى يقتله اليأس .. الدار التي تهدمت لايعيد بناءها الا اهلها وهم اولى من غيرهم .. فلا تنتظروا شيئا من غيركم .
وسوم: العدد 810