العقد الفريد في أخبار جماهيرية العقيد
العقد
الفريد في
أخبار
جماهيرية العقيد
مصباح
الغفري
وعَلامَ
يُمعِن في اللجاجة راقِصٌ
بأشَدّ مما ينفخ الزمّارُ؟
(الجواهري) حدثنا أبو يسار الدمشقي
قال :
حَزمت حقائب السفر ،
هرباً من الروتين والضجر ، وقصدت
الجماهيرية الليبية ، لأتنسم هواء الحرية
. بعد أن سمعت خطاباً للعقيد، كأنه الدر
النضيد ، في العقد الفريد . حيث أعلن هدم
السجون والمعتقلات ، وإلغاء رقابة اللجان
الثورية والمخابرات. وأصبح من حق الإنسان
أن يقول ما يريد ، من دون رقيب ولا عتيد .
وأن دولة الجماهير ،
تضمن حرية الرأي والتفكير . ولكي لا أخطىء
وأتعثر ، حملت معي " الكتاب الأخضر".
وكان الوقت أواخر النهار ، عندما حطت بنا
الطائرة في المطار . فتعرضت بضع ساعات
للتفتيش، وكأنني أحمل الأفيون والحشيش. ثم
أخذوا مني جواز السفر ، لعرضه على
الكومبيوتر. وسرعان ما جاء الجواب ، أن
صاحب الجواز من الأعراب، فقيل لي هلم إلى
الاستجواب! وحُشرت مع قوم آخرين، حتى
لكأننا في علبة سردين !
وبعد ساعة أو بعض
الساعة، جاءني من رجال العَسَس جماعة .
وعلى رأس الجماعة ضابط، أمرني بالوقوف إلى
الحائط . وأن لا أتلفت صوب اليمين أو
الشمال ، وإلا ساء المآل، ثم قال :
- تحدث
باختصار وبالتفصيل، لماذا جئت إلى
الجماهيرية أيها العميل
؟
فأقسمت له بالفرد
الصمد، أنني لست عميلاً لأحد . وأنني جئت
إلى الجماهيرية ، طلباً للديموقراطية والحرية . قال :
- أحسبتنا
مغفلين وأغبياء، وظننت نفسك من الأذكياء؟
ألا تعلم أن من تحزب خان، وأن اللجان في كل
مكان، مِن بني غازي إلى فزان. أم أنك لم
تقرأ أيها المُعَتر ، ما جاء في " الكتاب
الأخضر". أن لا ديموقراطية ، من دون
مؤتمرات شعبية، ولا حرية لأعداء الحرية
" . ثم إننا كفرنا بالعروبة والقومية ،
واتجهنا نحو الدول الأفريقية . فماذا
يفيدنا رضى دمشق وعمان ، والرياض ولبنان ،
إذا غضبَ علينا العم سام والأميركان ؟
قلت :
- مهلا ً يا أخا العرب،
جعلتني أشعر بالخيبة والعجب. جئت إلى هذه
البلاد ، هرباً من القمع والاضطهاد . فما
بالك تتهمني من دون دليل ، بأنني عدو
الحرية وعميل ؟
فضحك وقال :
- أتنكر أيها الأفاق ، ما
كتبته في مجلة " الآفاق "؟ ولماذا
تهاجمُ الأميركان ، وهم لنا أصدقاء وخلان
؟ وما شأنك
بدفع التعويضات ، لضحايا الطائرات ؟ دفعنا
للأميركان دفعاً للبلاء ، وتدليلاً على
الولاء ، وضماناً للبقاء . ولن ندفع
للفرنسيين ، ولو قرأ شيراك سورة ياسين!
وأنت أيها التعيس ، مُقيمٌ في باريس ،
وتدافع عن الفرنسيس.
فمن دَفعَك ، ومن دَفعَ لَك ؟ .
ثم ما دخلُكَ بأبناء
الأخ القائد ، أيها الحاقد ؟ ألا تعلَم أن
الحِكمَة و العبقرية ، تنتقل بالإرث عن
طريق الأجهزة التناسلية ؟ ولماذا تتحدث
عما ينفقه سيف الإسلام ، لخدمة قضايا
السلام ؟ ألا تعلَم أن الله إذا أعطى أدهَش
، وإذا أخذ فتش وبَحْبَش ؟
قلت :
- يا
أخي أنا كتبت ما أعتقد وأعلم، ولم أقبض
بالأورو أو الدرهم. فهل قول الحق الصراح،
حرامٌ هنا أم مُباح ؟
قال :
- أيها الرجل المنكود،
ألا تعلم أن الحرية لها حدود ؟ فهنا تنتهي
حرية الإنسان ، حين تبدأ حرية اللجان . ومع
ذلك سنسمح لك بالدخول إلى البلاد، شرط أن
تمارس لنفسك الانتقاد. وتقر بأن مقولات
" الكتاب الأخضر "،هي الانتصار
الفكري الأكبر . ولا تنسَ الإشادَة بفكر
عائشَة وسيف الإسلام ، إذا شئت أن تعيش
بهدوء وسلام !
قال أبو يسار :
فلم أطل الانتظار، وعدت
من المطار . وتذكرت ما قاله محمد الماغوط
منذ أعوام :
" كلمة الحرية في وطني
على هيئة كرسي صغير للإعدام "