حول الأسماء العربية
الأحوازيون محرومون من اختيار أسماء لمواليدهم
عادل العابر - الأحو
از المحتلةوقفت على باب دائرة الأحوال الشخصية لأقرأ في وجوه المراجعين إلى هذه الدائرة بعض المعاناة التي سمعت عنها الكثير بل وعانيت منها شخصياً.
قلّ ما وجدت مراجعاً خارجاً من الدائرة وفي سيماه سمات الرضا، معظمهم يلعنون الإحتلال الفارسي وقوانينه الجائرة التي فرضها على الشعب الأحوازي. قوانين لا ترى فيها منطقاً ولا عقلانية، فرضت على شعب أعزل لتحارب ثقافته العربية وتفرض عليه أن يخضع لثقافة فارسية لا تمت له بأية صلة.
قال أحدهم وفي عينيه غيظ يكاد أن ينفجر لولا أنه خفف عن نفسه وهو يروي لي الظلم الذي تعرض له في الدائرة حيث سلبوا منه حرية إختيار إسم عربي لمولوده!
سألته: ماذا سميته؟
قال وقد هدأ قليلاً: كان الأصدقاء والأهل ينادونني (يا أبا عزيز) قبل أن أتزوج، وكان حلمي أن يرزقني الله ولداً أسميه عزيزاً، وها قد منّ الله عليّ ووهبني ما تمنيت، ولكنهم يرفضون هذا الإسم!
قلت متعجباً: إن هذا الإسم إسلامي ولا يوحي إلى مفهوم مخالف للنظام!
قال: يقولون أن هذا الإسم لا يطلق على المذكر إنما على المؤنث! هكذا يذكر كتابهم!!
إستغربت كثيراً وأنا أتلو (وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ). وكلام الله هذا يدل على أن العزيز مذكر وليس مؤنثاً.
ثم تذكرت أني كنت قد تفرجت على مسلسل إيراني كان الممثلون ينادون أمهاتهم وزوجاتهم بكنية الـ (عزيز)! وإستناداً لهذا فرضوا على العرب الأحوازيين تأنيث عزيز!
وشكى آخر أنهم لم يسمحوا له أن يسمي بنته (رنا) ولكنه أصر على تسميتها بهذا الإسم، فقالوا له: أكتب طلباً حتى تبحث لجنة خاصة عن جذور هذا الإسم وهل يتناسب والثقافة الإيرانية أم لا، وسوف تجيبك بعد أسبوع.
يقول الرجل: استنسخت صفحات من قواميس عدة بعضها عربي وبعضها فارسي جاء فيها شرح هذا الإسم وأرفقتها مع الطلب وقد مضى على طلبي أكثر من شهر ولم تتشكل اللجنة، وقد بقت بنتي بلا تأمين خلال هذه الفترة حيث أن خدمة التأمين لا تؤمن قبل إصدار السجل الرسمي أي الجنسية.
وقد راجعت الدائرة كثيراً سائلاً عن جواب طلبي حتى أن الموظفين سئموا مني وقالوا اتصل بنفسك على الرقم 3387 246 ثم اطلب السيد أماني بور المعاون الحقوقي للدائرة وسيخبرك بنتيجة اللجنة، فاتصلت بعد أسبوع على السيد بور ولكنه حولني إلى رقم 3389 400 ثم أخبروني أن الأسم لم يتأيد!
وشكى آخرون أنهم سُلبوا من حق تسمية أولادهم بأسماء عربية أخرى.
دخلت في الدائرة وطلبت من الموظفين أن يعطوني قاموس الأسماء الذي يستندون به ويرفضون الأسماء التي لا توجد فيه.
أعطوني إياه، والجدير بالذكر أنهم ظنوا أن لي مولوداً جئت لأختار له إسماً من قاموسهم! وإلا فلم أر القاموس.
قلت في نفسي لأرى مؤلفه أولاً، ففتحته وبحثت في الصفحة الأولى عن المؤلف، وجدته في آخر الصفحة، المؤلف هو: أسد الله بارسا مهر.
يبدو من إسمه ولقبه أنه فارسي ولا أدري هل هو عنصري يبغض العرب وأسماءهم كأسلافه الفرس أم لأنه فارسي يحق له أن يؤلف أسماءاً فارسية قد لا تعجبنا نحن الأحوازيين.
تصفحت قاموس أسد الله، لا شك أن قاموسي الذي احتفظ به في مكتبتي يحتوي على أسماء أكثر من هذا القاموس الذي يفترض أن يشمل أسماءاً عربية وفارسية وتركية وكردية و... لأنه ألف لكل الشعوب المحتلة من قبل إيران الفارسية.
تحتوي قواميس الأسماء على فصلين أو أكثر، فصل لأسماء الذكور وفصل لأسماء الإناث وقد يوجد فصل ثالث يحتوي على أسماء أعجمية أستخدموها العرب كـ (شيرين)، لكن قاموس أسد الله بارسا مهر رتب على الحروف الفارسية أي إبتدأ بالألف وجاء بأسماء الذكور والأناث معاً ثم بالباء وبالـ(p)اء وهلم جرا، ويبين أمام كل إسم في قوسين أنه يطلق على المؤنث أو المذكر!
ومن أسماء الذكور التي قرأتها في صفحات هذا القاموس السقيم هي: خروشان، خرسند، درافشان، شروين، افراسياب، سبهر والأسماء الإسلامية كـ محمد وعلي و..
ومن أسماء الإناث: كيميا، ساناز، شهناز، مهشيد، مجكان، والأسماء الإسلامية كـ فاطمة وزينب و...
لم توجد في قاموس أسد الله أسماء كـ أسامة وزيد وعمر وأثير ولمياء وفاتن وما شابهها من الأسماء العربية ولهذا لا يحق للأحوازيين أن يختاروا هذه الأسماء لمواليدهم!
قلت للموظف: ابحث عن إسم عربي ولكني لم أجده في هذا القاموس!
قال دون أن يستفهم مني عن الإسم: هل تبحث عن المتاعب؟!
قلت: كلا.
فكتب لي ورقة وأعطاني إياها وقال: إذن إختر إسماً من هذا القاموس، ثم تركني ودخل في حجرة أخرى.
نظرت إلى الورقة، مكتوب فيها 20000 ريالاً، رقم الحساب 96467 البنك الوطني!
ذهبت للرئيس واستفسرت منه الأمر فقال:
أعلم أن من حقك إختيار إسم عربي لمولودك، إنما نحن موظفون ويجب علينا أن نطبق الدساتير التي تملى علينا من الدائرة العامة في طهران، ثم هناك أسماء عربية كثيرة توجد في قاموسنا، إختر واحداً منها!
لم يسألني الموظف ولا الرئيس عن الإسم الذي إخترته وأنا في الحقيقة لم أختر أي إسم وإنما جئت لأتحقق أكثر من الظلم الذي يصب علينا من الإحتلال الفارسي البغيض.