بين محمد الدايني وراضي الراضي

سامي خضير الحمداني

بين محمد الدايني وراضي الراضي

سامي خضير الحمداني

[email protected]

عندما تسلم القاضي راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة في حينه أول وثائق تثبت تورط بعضهم بالفساد الإداري والمالي لم يثر تلك الوثائق إعلامياً وفق ما كان متفقا عليه في إطار مبدأ الشفافية، بل ستر الوثائق، وكذلك القضية الثانية والثالثة والعاشرة والمئة، لكن وثائق الفساد بدأت تتدفق على الهيئة كالسيل الجارف.

القاضي راضي الراضي الذي كان قد أقسم بالله العظيم – كغيره من القضاة- حينما تسلم منصبه أن لا يخون أمانته وأن يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم _ أشعر الحكومة العراقية أنه بصدد الكشف عن قضايا فساد كبيرة متورطة فيها شخصيات حكومية من مختلف المستويات، وهو واضع أمام عينيه الأمانة التي تحملها أكتافه يدفعه تأريخه المشرف في المهنة.

بالتأكيد كان راضي الراضي يعرف ما يمكن أن يحل به وهو الذي خبر – طيلة تلك السنوات- خطر أولئك المزورين المدعومين حكوميا، وكان يردد عبارات مثل (أدري ابني أدري ،لكن لازم نكول الحق ...هذي أمانة شعب كامل...)، لكنه بالمقابل أعدّ العدة وأخذ بالأسباب لدفع الضرر والأذى الذي سيلحقونه به ليجبرونه على إتلاف تلك الوثائق ونشر أحصائيات للفساد مغايرة للحقيقة. ولا أطن أن هناك أحد من العاملين في هيئة النزاهة من أصغر إلى أكبر موظف لا يعرف ذلك.

وعلى أية حال تمكن الراضي من السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدة (....) حاملا معه 200 كغم من الوثائق التي تثبت تورط الحكومة بخيانة الشعب إداريا وماليا وأمنيا...

وحاولت الحكومة بعدها أعادته بالقوة إلى العراق لتتخلص مما سببه لها من إحراج شعبي ودولي وقبل أن يرفعوا دعوى دولية ضده خاطبهم أحد مسؤولي الكونغرس – باستهزاء قائلا :" إن رفعتم الدعوى فإنكم سترفعونها ضد أنفسكم لأن ما يحمله ما هو الا كمية كبيرة من الوثائق كلها تدينكم"، وقد حمل مبعوث العراق هذا الكلام إلى الحكومة العراقية التي سحبت الدعوى حتى من الأذهان.

ومع إن الراضي كشف عددا من وثائق الفساد المهمة عندما استضافه الكونغرس الأمريكي الا أن الكونغرس ومجلس الأمن الدولي والهيئات الدولية المتخصصة في ملفات الفساد في العالم لم تتخذ الإجراءات المناسبة ضد حكومة نوري المالكي، ولربما رأوا أن التوقيت الآن غير مناسب لأن تلك الملفات كفيلة بإزالة الحكومة من جذورها.

ومع أن النائب محمد الدايني لا يرقى إلى مستوى القاضي الفاضل راضي الراضي في مختلف النواحي لكن الرجل ومن موقعه كنائب في مجلس النواب وممثلا لمجموعة كبيرة من العراقيين أراد أن يكشف بعض ملفات الفساد التي هو مطلع عليها عن كثب لكن الحكومة التي سافر القاضي راضي الراضي في غفلة منها حاولت وبكا ما تملكه من نفوذ لصالحها في القوات الأمنية أن تمنع الدايني من السفر تجنبا من فضائح جديدة، لكن الله سبحانه يأبى الا أن يظهر الحق، من خلال الراضي أو الدايني أو أي إنسان ربما يكون مواطنا عادياً، والا فأين تذهب دموع اليتامى وصرخات الثكالى وطوى الفقراء؟.