شباب الموضة كل عشرة بثمن بيضة

شباب الموضة كل عشرة بثمن بيضة

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

من فانتازيا الأدب الساخر ((من لم يتذوق رسالة ومعاني الأدب الساخر فلا يلمني))

لا يخفى على الكثير من الغيورين أن كثيرا من شباب اليوم هم شباب آخر صيحات الموضة ، والذين هم كل ستة ببيضة ، فلا إدراك ولا عراك لهم ، وجُل حديثهم مثل الضراط على البلاط ، فالضراط لا يؤذي البلاط  ولا يغير لونه ولا يحطمه .

فهم بلا شك ولا ريب وبالقطع والتأكيد واليقين ، وكل معاني الكلام الثخين ، يعيشون في عصر التسالي يا بذر ومضغ اللبان ، والماء المعدني المقطر والبيتسا ، والكوفي شوب ومقاهي الانترنت ، والحمّام الإفرنجي وورق التواليت بحيث يمكن لزائره أن يجلس عليه وهو يشعر بالراحة ؛ فيقرأ صحيفة ويشرب معها كأسا من القهوة أثناء قضاء حاجته ، كما أنهم يعيشون في عصر الموبايل ، فترى احدهم يضع جهاز الموبايل بالقرب من عورته ، وإذا تحدث من خلاله تراه يتحدث مائل الرقبة مَجعي المؤخرة ، يُحرك جسده كالراقصة يمينا ويسارا ، والله وحده أعلم كيف حصل على ثمن فاتورة الموبايل ؟ هل من خلال السرقة أو النصب والاحتيال ، أو من خلال طوشة مع أبيه ، أو غضب أمه عليه ، أو عراك مع زوجته ، أو بمشادة حادة هنا أو هناك .

اليوم عصر التقدم والمدنية والحضارة ، إنه عصر البامبرز ( حفاضات الأطفال الإفرنجية) وما أدراك ما البامبرز ، ترى الواحد منهم يستهلك جزءا كبيرا من راتبه الشهري في شراء البامبرز والحليب الصناعي ؛ لأن زوجته المنحوسة لا تصبر على الرضاعة ولا تعرف تنظيف طفلها ، وفي صباح زفافها يقولون لها : مبروك حمارك ، والويل كل الويل يقع على رأسه ورأس اللي خلفوه ، إن لم يتمكن من توفير البامبرز ، فهو في هذه الحالة متخلف جاهل ، ورحمة الله على أمي التي كانت تجلس قبل أكثر من خمسين عاما حول وعاء كبير ؛ لتغسل حفاضات أطفالها المعدة من القماش المنزلي ، وبدون مصروفات تثقل كاهل الحياة ، كانت تغسل الحفاضات وتطهرها وتنشرها ، وبدون أدوية ومواد تطهير أو مواد تنظيف اليوم والتي هي غالية الثمن .

شباب اليوم شباب الموضة والنوم ، من أنصار ومحبي غوار الطوشي ومجموعات ستار ، شباب تربية الشعر والأظافر وقصّات المارينز والكابوري ومش عارف إيش ، شباب السلاسل الرقبية التي ينقصها ختم جمعيات الرفق بالحيوان ، فهم في عصر المايوه والبكيني ، والجينز الضيق بالكرتة التي يجب أن ترسم الجسم رسما وتفصله تفصيلا .

اليوم يجب أن يشتري الشاب سعيد النصبة ، جميع أنواع المنظفات والمطهرات من أجل تنظيف الأواني ، وبالأمس البعيد كانت جدتي تجلس مع أمي رحمهما الله لساعات طويلة ؛ من أجل تنظيف الآنية بقشر الليمون وسكن الحطب أو مخلفات النيران .

كن يجلسن حول كومة عالية من الملابس ، فترى الملابس نظيفة لامعة ذات رائحة طيبة ، أما اليوم ومع وجود الغسالات الأوتوماتيكية ومواد التنظيف الكيماوية ، فيا ليت الغسيل نظيف، نحاسة لا تعلوها نحاسة، وزمانهم مثلهم منزوع البركة مثلهم فيا لطيف تلطف يا رب.

شباب اليوم الجهل من مكونات شخصيتهم ، والثقافة المشوهة معلم بارز من معالمهم ، كيف لا ؟ وهم عماد الأمة وأمل نهضتها وتقدمها ، وهم رصيدها وثروتها ودماؤها التي تضخ الحياة فيها ، عقولهم محشوة بأسماء وبأغنيات المطربين والمطربات وبأسماء لاعبي كرة القدم ، ثم تقول له أمه مكسورة الخاطر : روح يمَّا الله يرضى عليك .

شيماتهم النزق وحب الذات ، فلا أخلاق لهم ولا خلاق ، يتخرج أحدهم من الجامعة ولا يحيد قراءة آيتين من كتاب الله ، فتراه متيما بالتفاهات ، مفرغا من المحتوى ، يرتدي لباس أبا ذر الغفاري رضي الله عنه وهو مسيلمة الكذاب  .

لا يجيدون غير صفتين معا أو إحداهما ، الفحولة والبلطجة ، وجل وعيهم البحث عن حفلات الرقص والغناء ؛ كي يثملوا ويغنوا ويرقصوا وربما يحششوا ، يتهافتون عليها كتهافت الفراش على النيران ، ويحطون على كل سوء ورذيلة كحط الذباب على الجيف سرا أو علنا ، ويلدغون كلدغ البعوض ، فهم من عائلة زقزق رقص أو طبل لي كي أرقص لك .

دينهم وديدنهم الهيّات الكاذبة ، والهيلمات العونطجية ، والزعرنة المفرعنة ، والغرور والعند إلى درجة التياسة مع مرتبة الشرف بامتياز ، فهم المخنثون أشباه الرجال .

فهل يؤتمن مثل هؤلاء على أوطان ضائعة وعلى كرامة مفقودة !! ؟ .

قال صلى الله عليه وسلك كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فما أحوجنا إلى الشباب المتوضئة التي تعمر بيوت الله في صلاة الفجر ( وقليل ما هم ) ، أليس هؤلاء الشباب بأفضل من شباب الكوتشينة والموضة واللي هم كل عشرة ببيضة ، يا ليت أمي لم تلدني كي لا أرى أشباه الرجال ، ويا آخر الزمن فيك العجايب.