معسكر الممانعة

عبد الله القحطاني

اسم ممتاز، لمن يمنع الأمّة، من أن تقوم لها قائمة !

عبد الله القحطاني

*  لو سئِل ، أيّ مواطن سوري ، غير مرتبط بنظام آل أسد ، وغير مغسول الدماغ بالشعارات الزائفة .. لو سئل عن المقصود بمعسكر الممانعة ، لفكّر قليلاً ، وبحث عن مدلول المصطلح ، على أرض الواقع ، وأجاب : لا أعلم !

· ولو سئل مواطن ، محسوب على نظام آل أسد ، أو مغسول الدماغ بشعاراتهم .. عن المعنى الحقيقي لمعسكر الممانعة .. لتفاصَح ، وتشدّق ، وأظهر بعض الفهلوة ، التي حفظها من وسائل الإعلام .. وذلك عبر خطبة عصماء ، عن المشروعات الصهيونية والأمريكية ، في المنطقة العربية ، وعن صمود حافظ أسد وتصدّيه ، ثم عن ممانعة ابنه الموهوب ، ووقوفه صفاً واحداً ، مع حلفائه الإيرانيين ، وحزب الله في لبنان ، وبعض الفصائل الفلسطينية ، وأوّلها حماس .. في وجه إسرائيل وحلفائها ، وأسيادها في العالم !

· لكن لو سئل هذا المتفاصح ، عن موقف رئيسه ابن الأسد ، عمّا يجري في غزّة ، من حرق ودمار ، ومن إبادة جماعية ، لشعب غزّة كله ، من أطفال ونساء وشيوخ ، وعجزة ومرضى ، ومن بينه مجموعات حركة حماس .. لو سئل هذا المتفاصح ، عن موقف رئيسه ، من هذا كله ، ولمَ لمْ يحرّك ساكناً ، ولم يطلق صاروخاً واحداً ، باتّجاه الصهاينة ، ولم يفتح جبهة الجولان ، للمقاومة ضدّ الصهاينة .. لوسئل عن هذا كله ، لحكّ رأسه ، وأجاب : نحن لا أحد يفرض علينا زمان المعركة ومكانها ! ثمّ إن المسألة الفلسطينية ، أكبر من أن تستطيع سورية ، وحدها ، القيام بأعبائها ، ومحاربة الصهاينة ، لتحرير فلسطين منهم ، أو لإنقاذ شعب فلسطين من شرّهم !

· ولو سئل هذا المتفاصح ، عن سرّ صمت الأسد الممانع ، على اختراق الطائرات الصهيونية ، للأجواء السورية ، باستمرار ، وتحليقها فوق قصره العامر، في العاصة دمشق ، ثمّ عن ضرب المنشآت الحيوية ، في العمق السوري ، دون أيّة محاولة ، لأيّة مقاومة ، أو ممانعة .. لو سئل هذا المتفاصح ، عن هذا.. لأجاب الإجابة نفسها ، وهي : عدم فرض زمان المعركة ومكانها ، على ابن الأسد ! هذا إذا كان الحياء قد نفد من وجهه تماماً ، أو العقل قد نفد من رأسه تماماً !

· بالمقابل ، لو سئل مواطن سوري ، عاقل حرّ ، لديه شيء من الوعي السياسي والاجتماعي .. عن مفهوم الممانعة الحقيقي ، الذي يتبنّاه بشار الأسد وأسرته ، لأجاب ببساطة ، على ضوء ما يراه ، ويسمعه ، ويعيشه ، في بلده ، كل ساعة :

بشار الأسد ، يصرّ على ( ممانعة ) أيّ مواطن سوري ، عسكرياً كان أم مدنياً ، من أن يرمي حجراً ، من حدود الجولان ، باتّجاه إسرائيل ؛ بلهَ أن يطلق رصاصة !

بشار الأسد ، أتمّ تدمير الجيش السوري ، الذي بدأه أبوه ، من قبله ! وذلك ، بجعل هذا الجيش الباسل ، مجرّد تجمّع ضخم من البشر ، الذين لاهدف لهم ، ولا رسالة ، سوى الأكل والشرب والنوم ، وقبض الرواتب ، والإجازات .. بالنسبة لأفراده ، جميعاً ..  وزيادة النجَم اللمّاعة على الأكتاف ، بالنسبة للضبّاط ، وتحصيل أكبر قدر من المكاسب غير المشروعة ، التي توفّرها لهم مواقعهم .. على شكل مزارع ، وفيلاّت ، وسيارات ، ونحو ذلك ! ( وليس الضباط ، كلهم ، بالطبع ، يحصلون على هذه المكتسبات ! فما تزال لدى كثيرين منهم ، مروءات تمنعهم من إرخاص أنفسهم ، وهدر كراماتهم ، في هذه الأمور!) . وهذه كلها ، بالطبع ، أنواع من (الممانعة ) ، لأيّ ضابط حرّ ، ذي كرامة ، من الاحتفاظ بكرامته الإنسانية ، أو شرفه العسكري !

بشار الأسد (يمانع) من أن ينبس أحد المواطنين السوريين ، بأيّة كلمة نقد ، لأيّ سلوك فاسد ، أو إجرامي ، أو خياني .. له ، أو لأحد أفراد أسرته ، أو حاشيته ! والتهم جاهزة لديه ، ولدى أجهزته ، لأيّ مواطن يشير إلى فسادهم وخياناتهم ! ومن هذه التهم : ( توهين نفسية الأمّة !) و ( المسّ بهيبة الدولة !) وغير ذلك من فنون العبث الإجرامي المدمّر!

بشار الأسد (يمانع) من عودة مئات الآلاف ، من السوريين المهجّرين قسرياً ، إلى بلادهم .. ويمانع من إعطاء الآلاف منهم ، وثائقهم الوطنية ، التي هي حقّ أساسي لهم ، كحقّ الأكل والشرب والتنفّس !

· هذا غيض من فيض ، من ( ممانعات ) بشار الأسد الحقيقية ، التي يعرفها شعب سورية كله ! فهل هذه ( الممانعات !) الرائعة ، تسمح له بأن ( يمانع ) أيّ مشروع صهيوني ، أو أمريكي !؟ وبمَ ( يمانع ) المشروعات الصهيونية والأمريكية ، إذا كانت ( ممانعاته ) لجيشه وشعبه ، بالصورة التي ذكرنا جزءاً يسيراً منها !؟ وهل ثمّة عاقل ، يرى صورة الممانعة الحقيقية ، له ، داخل بلاده .. يمكن أن يتصوّر أنه مؤهّل لأن ( يمانع ) إسرائيل ، من احتلال دمشق ، في ساعات قليلة ، لو أرادت !؟

· ويبقى سؤال أخير ، موجّه إلى المصفّقين ( للممانع ) المغوار، هو : ماذا تعرفون عن ممانعاته المذكورة ، في بلاده ، على جيشه وشعبه !؟ وهل هذه الممانعات تؤهّله ، ليحقّق بعض أوهامكم الطفولية ، في الوقوف أمام الصهاينة .. وهو ، إنّما وضِع في الكرسي ، لهذا النوع من الممانعات ، التي تمنع سورية من أن تقوم لها قائمة !؟