حكم آل أسد والحكي بالآدمية
والحدود المناسبة !
( البلاغة: مطابقة الكلام لمقتضى الحال! و.. هيك حكم بدّو هيك حكي!)
ماجد زاهد الشيباني
تقول الحكاية القديمة : أعجِب أحد أبناء الملوك ، بفتاة في الشارع ، وألحّ على أهله ، بأن يخطبوها له ..! فأرسل أبوه الملك ، رئيسَ وزرائه ، إلى والد الفتاة ، فخاطبه بلغة متحضّرة رقيقة ، طالباً يد ابنته ، لابن الملك . فالتفت إليه الوالد ، مستغرباً ، وقال : هل تخاطبني !؟ فقال رئيس الوزراء : أجل . فقال والد الفتاة ، بعنجهية ، على الفور: أنا غير موافق ! وحين عاد رئيس الوزراء إلى الملك ، وأخبره بالأمر، عرض أحد الوزراء ، أن يقوم هو بالمهمّة ، فكلفه الملك بها . وحين وصل إلى مسافة قريبة من بيت أهل الفتاة ، نادى أباها من بعيد ، بلهجة صارمة آمرة ، وبلغة فيها عنف وتحقير: تعالَ هنا ، ياوغد ، ياتافه ، ياحقير ! فأسرع الوالد بتذلّل وانكسار، وجثا أمام الوزير قائلاً : أمرك سيدي . قال له الوزير، بصرامة وحزم : جهّز ابنتك فوراً ، لنأخذها لابن الملك ، فهو يريد الزواج بها . فقال الرجل : أمرك سيدي ، في الحال . وحين سأله الوزير، عن رفضه لطلب رئيس الوزراء ، قال الرجل : سيدي .. ماحكى بالآدمية مثلك !
· يعلم كل مواطن سوري ، أن سدَنة النظام السوري ، لايفهمون من الكلام ، إلاّ ماكان بالآدمية ، على طريقة الوزير الحازم ! فهذه هي اللغة الوحيدة ، التي يخاطب بها زبانية النظام ، شعب سورية كله ، بكل ما فيه من مستويات ثقافية وفكرية ، وأدبية اجتماعية ! لذا ؛ لا يتوقع سوري واحد ، أن تجدي اللغة المتحضّرة ، مع هؤلاء السدنة والزبانية .. وأولهم سادة قصر الشعب ! لأن هؤلاء السادة ، هم مَن يفرض هذه اللغة على الزبانية ، في تعاملهم مع مواطنيهم !
لكنّ السؤال المطروح على الكتاب والمفكّرين ، من معارضي النظام الحاكم ، في دمشق ، هو: إلى أيّ حدّ !؟
ـ إنّ الكاتب المعارض ، هو صاحب قضية ، بالضرورة ! فإلى أيّ حدّ ، تخدم لغة الآدمية ، قضيّته ، في نظر الناس ، وفي نظر أصحاب الوسائل الإعلامية ، التي ينشر فيها كلام الآدمية !
ـ لقد أساء بشار الأسد ، بشخصه ، وهو أعلى رجل في النظام ، أساء إلى الحكّام العرب ، وأسفّ في إساءاته , فوصفهم بأنهم : أنصاف رجال ، وأشباه رجال ! وما يزال إعلامه المتسفّل المتدنّي ، يسيء كل يوم ، بل كل ساعة .. إلى كرام الناس ، من زعماء وقادة ، ومفكّرين ووجهاء وعلماء .. من مواطني الدول العربية ؛ بلْهَ مواطني سورية ! فهل يعامَـل بالمثل ، وباللغة ذاتها ، أو بأشدّ منها ؟ وإلى أيّ حدّ ؟
ـ في القرآن الكريم ( لايحبّ الله الجهرَ بالسوء من القول إلاّ مَن ظُلِم ) لكن الآية ، هنا ، تحمل الإباحة للمظلوم ، لينتصف .. ولكنها لا تلزمه بالقول الذي يعتقد أنه لا ينفعه في خدمة قضيّته ! بل إن كثيراً من الآيات ، تدعو إلى التسامي ، والإعراض عن الجاهلين .. مثل : (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) ومثل : (قلْ سلامٌ عليكم لانبتغي الجاهلين ) كما أنه قد ورد عن المسيح ، عليه الصلاة والسلام ، أن بعض سفهاء يهود ، كانوا يسمعونه كلاماً نابياً ، فيردّ عليهم بقول حسن ! وحين سئل عن سبب ذلك ، قال : كلّ ينفِق ممّا عنده !
ـ قد يقول قائل : (البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال !) ويقول آخر: ( هيك حكم بدّو هيك حكي !) ويقول آخر:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرّ ، كوضع السيف في موضع الندى
وكل هذا جيّد وسليم ! كما أن ما قبله جيّد وسليم !
ويبقى مضمون الآية الكريمة ، نبراساً للجميع ، مادام في حدود الصواب والنفع اللذين ، تقتضيهما معركة الحقّ والباطل : (ولكلّ وِجهةُ هو مولّيها فاستبِقوا الخيرات).