معلومات مجّانية للنظام عن المُعارضة

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

لم أتردد لحظة بما سأمنحه للنظام البوليسي السوري في بلدي من المعلومات الشخصيّة عنّي وعن المُعارضة ، لا لشيء إلا ليكفوا بلاهم عن أهالينا وذوينا ومعارفنا في الداخل ، ومن هم قادمين او ذاهبين عبر البوّابات الأمنية في البلد ، أو الذين عليهم مُراجعة الأقسام والفروع الأمنية ، لتتسلّى بهم وتُعذبهم وتُرهبهم من باب عسى ولعلّ أن يحصلوا على المعلومة التي لن يحصلوا على أكثر مما نُريد أن نوصله إليهم أو مما سأذكره ، لأنّ الأشياء الدقيقة والهامة يستحيل أن تكون لدى البسطاء ، ليس من باب التشكيك بهم بل رحمة بهم ، كي لا يُسألوا عمّا لا يعرفوا ، ولكي نُريح الاستخبارات بكل فروعها بعد عناء أربعة عقود وهي تُتابع كل مواطني سورية بما تكلموا  أو بما يفكروا أو بما سيفكروا ، لأنّ آخر ابتكارات النظام هو محاكمة مُعتقلين على ما في نفوسهم وما تُخفيه صدورهم ، بمعنى آخر الحكم على النوايا ، أمّا فيما يتعلق بحياة المواطن ومُعاناته الشديدة الوطأة واليومية طوال عقود تسلطهم وفقره وجوعه وسلبه أو نهبه وقمعه ، فهذا كُلّه لا يهم بنظر هكذا نظام بما تمتلكه من أجهزة القمع الكثيرة والمُتعددة، وكذلك أقوم بتقديم المعلومات لنزع أسباب الاستدعاء لكل من يعرفنا أو رآنا أو تحدّث إلينا أو فكّر بنا ، حتّى إذا ما سُئلوا ليُخبروهم بما أدلينا به ، وليقولوا لهم استحوا على دمّكم إن كان لديكم بقايا دم

والمعلومة الأولى المجانية للأجهزة الأمنية : بأن يتصلوا بمن يُريدوا الاستفسار عنه مُباشرة لسؤاله عمّا يُريدون لعلّه يُفيدهم أكثر من الذين يستوقفوهم ، وبالخصوص إذا أرادوا السؤال عنّي ، ولا داعي لكي يُرهقوا النّاس ويُرعبوهم ، فقط عليهم إن يرفعوا السمّاعة ويسألوا عمّا يريدون ، لأن من يتحرشون به للاستفسار عنّا لن يفيدهم بأكثر مما سنعطيهم ، كوننا لا نفعل شيئ مُهمّا ونُصدّره لأحد  ، حتّى اتصالاتنا فيما بيننا كمُعارضة سياسية أو مُغتربين لا تكون إلاّ  بسرّية كاملة ولا يعرف عن مضمونها أحد من العالمين إلاّ الله سبحانه وأصحاب الشأن ، وكذلك الحال عمّن يُزودنا بالمعلومات الدقيقة المتواترة عن النظام ودوائره الضيقة ، وكم كنت أتمنى عليهم أن تتصل بنا تلك الأجهزة لإقامة حوار بنّاء بيننا لصالح الوطن ، أو يطمئنوا على صحتنا وأحوالنا كوننا سوريين، أو يسألوننا عن مشاكلنا وهمومنا ، لنستشعر ولو مرّة واحدة أنّهم ليسوا عصابة أو قطّاع طرق أو غاصبين ، وقد يقول قائل ؟ لماذا لا تفعلون انتم كمعارضة ذلك ؟ فأقول : لأنّه لا يوجد عندنا تلفوناتهم ، وحتّى ولو وجدت لا يجرؤن على فتح خطوطهم كون الكلمة محسوبةٌ عليهم والثقة فيما بينهم مفقودة ، وحتّى السفارات وأعضائها يتهربون من لقاءنا أو الحديث معنا أو الاتصال بنا ، كونهم ليسوا أكثر من أدوات  لا بتحل ولا بتربط ، كما أخبرني بذلك من قبل أحد دبلوماسيهم ، بأنهم ليس لديهم أي صلاحيات ويفعلون ما يؤمرون

المعلومة الثانية للأجهزة الأمنية : ردّاً على أسئلتهم التي يطرحونها على من فرضوا عليهم المُراجعة الدورية أو الإستدعائية أو الموسمية لفروعهم الإستخباراتية، ومنها على سبيل المثال .. عن اجتماعاتنا ولقاءاتنا وعن حديثنا الذي نتناوله ، وهل هو يتداخل بالسياسة ، ورأينا في النظام ، وعلاقاتنا مع الآخرين ، وأقوال كل واحد منّا ، ومن يجتمع عند من ؟ وأصحاب كُلّ فئة ، لا بل العديد من السفارات تسأل عنّي شخصياً ، ولا أُريد ذكرها، مع أنّ تلفوني يعرفه القاصي والداني ،وبإمكانهم جميعاً التواصل معي مُباشرة ، وسؤالهم عمّا يُريدون مُباشرة كي لا يُزعجوا أحد من أجلنا ،  مع أنّ طبيعة المعارضة السورية في عملها علني وسلمي ولا تحتاج لقراءة الكف أو الفنجان أو الرجم بالغيب ، ولذلك من المُعيب استمرار استخدام الأساليب القذرة للحصول على المعلومة المعروفة والمقصود منها إذلال النّاس، وأتمنّى عليهم أن يكونوا حضاريين لمرّة واحدة ولوعن طريق الخطأ

وأنا هنا أُريد أن أُعطي النظام معلومة في غاية الأهمية لعلّها تنفعهم في تحقيقاتهم ، ويُضيفوها إلى اضباراتي المُتخمة عندهم ، "ومن باب شر البلية ما يُضحك "، بأنني لم أقم بواجب العزاء في وفاة حماتي ولا زوجة عمّي اللذان جاءهما الأجل في الأسبوع الماضي ، وقبلهم بقليل عم وعمّة وأقرباء عديدين فقدناهم برحيلهم عن الدنيا ، ولم نستطع التعزية بهم ، لا عبر الهاتف أو البرقيات تحسباً من الإضرار بمصالحهم أو لكي لا يُحملني البعض مالا أُطيق من اللوم إن فعلت، لوجود حالة انقسام في العوائل أوجدها نظام القمع العائلي الشللي والطائفي ،خوفاً أو لموانع المصلحة ليكون ذلك مانعاً للاتصال ، لأنّ البعض يحسب كلّ صيحةٍ عليه ، وهذا نابع من قلّة الوعي والإدراك ، ومفهومية الحقوق والواجبات ووشائج الدم العميقة ، التي حاول النظام أن يضع الإسفين فيما بينها حتّى ما بين المرء وزوجه ، من خلال الممارسات الإرهابية وتخويف النّاس من ذكر هذا الاسم أو ذاك حتّى ولو كان هذا الشخص ابنه أو أخاه  أو أباه الذي ربّاه وأنجبه.