ثورة 14 رمضان التي جلبت حزب البعث بقيادة ظالم ديكتاتور، لينقلب على ظالم ديكتاتور

د. عبد السلام البسيوني

ومن الخيبات العربية الثقيلة في رمضان

اليوم الرابع عشر من رمضان المعظم، سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وألف، من الهجرة النبوية الشريفة، الموافق الثامن من فبريواري عام ثلاثة وستين وتسعمائة وألف، من ميلاد السيد المسيح الموحد عليه السلام:

 من مفارقات التاريخ أن يصدر طاغية ظالم بياناً ضد طاغية ظالم، وأن ينكر ديكتاتور على

ديكتاتور، وأن يعيب عليه أنه متسلط وجائر ومعادٍ لصالح الأمة، ثم هو يتأستذ في القمع والسفك والتعذيب، ويزعم أنه أبو الوطنية والإخلاص والشرف!

والغريب أنه بعد سقوط الديكتاتور الشاجب، لا يزال أقزامه يعتبرون أنفسهم شرفاء أطهاراً؛ رغم المآسي التي عرفتها الدنيا عنهم، والويلات التي ذاقها الناس منهم، منذ أكثر من أربعة عقود ثقيلة بغيضة.

وللتاريخ: هذا جزء من إعلان ثورجي بعثي صدامي، كان يبشر الدنيا بالتحرير والعافية، وتأمل - يا رعاك الله - استخدامهم الألفاظ ثقيلة العيار التي اتهم بها خصومه، من مثل: القمع الفاشي، والإعدامات الجماعية للوطنيين والقوميين، والاقتتال العراقي – العراقي الداخلي، والصراعات العربية - العربية المدمرة، التراجعات الوطنية، تمزيق الصف الوطني العراقي، واذكر كيف تحول هذا النظام إلى أشنع مما عاب على من قبله.. يقول البيان:

(في الثامن من شباط 1963م، الموافق 14 رمضان 1382هـــ، تمر ذكرى ثورة رمضان (8 شباط/ فبراير 1963م (في العراق، إذ شهد العراق أول ثورة شعبية مسلحة (يقصد ثورة صدام) مدعومة بتحرك عسكري منظم، تقوم في الساعة التاسعة صباحاً، ضد الحكم العسكري الديكتاتوري والشعوبي، للطاغية عبد الكريم قاسم، الذي حرف ثورة 14 تموز – يوليو 1958م عن أهدافها الوطنية والتحررية والقومية، ودفعها في مسارٍ معادٍ للعروبة، أدى إلى تفجير صراعاتٍ دموية في العراق انتقلت آثارها إلى الوطن العربي برمته، وكانت تلك هي بداية التراجعات الوطنية، على المستوى العراقي، والقومية على المستوى العربي.

ويكمل البيان المضحك: لقد اتخذت قيادة حزبنا في العراق قرارها الاستراتيجي بإسقاط ديكتاتورية قاسم بعد أن تيقنت من أنه كان ينفذ برنامجاً شعوبياً هدفه تمزيق الصف الوطني العراقي، وإبعاد العراق عن أمته العربية ولجوئه إلى القمع الفاشي، والإعدامات الجماعية للوطنيين والقوميين، وتدشينه لمرحلة تحويل الصراع من النضال ضد الاستعمار والرجعية تتحد فيه كافة القوى الوطنية، كما كان الحال في (جبهة الاتحاد الوطني) في العهد الملكي، إلى اقتتال عراقي - عراقي داخلي توسع فأصبح صراعات عربية - عربية مدمرة (!) كانت المدخل الطبيعي لتدهور الوضع العربي آنذاك، وفتح ثغرات ضعف في وسط القوى الحية في الأمة، أوصلت إلى ما وصلت إليه الأمة العربية حالياً، من تمزيق وتناحر وهيمنة قوى الردة والاستعمار.

عاشت ثورة رمضان، والمجد لشهدائها!

عاش قائد الثورة: حزب البعث العربي الاشتراكي

عاشت المقاومة الوطنية العراقية  

عاش الأمين العام للحزب الرفيق الأسير القائد صدام حسين

المجد لشهداء العراق

تصوروا وتأملوا: إنه يتحدث عن طغيان عبد الكريم قاسم!

على كل حال، راح صدام إلى رحمة الله ليعامله بما هو أهله، وجاء الشيطان بعده بألف شيطان يمزق العراق، ومليون شعوبي إرهابي مجرم، ومليار مصاص للدماء، وتريليون لص ممن يتقنون سرقة الثروة، ويلطشون التاريخ والجغرافيا، ويزيفون الحقيقة، ويجعلون إبليس ملاكاً، وأبناء المتعة سادة، وأولاد الرفضة أمناء الأمة.. وامتد شرهم ليعيث بالمنطقة كلها دماراً وخراباً، وفرقة واحتراباً، ويصيب العالم العربي بل العالم الإسلامي كله بجذاه النارية، وآثاره الأنجلو شيطانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وسوم: العدد 674