هو الإسلام للعالي الجنابِ = وللإنسانِ في أغلى إهابِ
لأهلِ الطهرِ من دنسِ الخطايا = ومن سوءِ بغيضٍ واضطرابِ
ففـرقٌ بين سكانٍ بتيهٍ = وسكانٍ بأفياءِ الكتابِ
فعشْ بالدِّينِ تُدركْ كلَّ خيرٍ = ولا تحفلْ بزيناتِ الكَعابِ
ولا يُشغلْكَ عن قيمٍ تسامت = هوى نفسٍ يقودُ إلى التبابِ
أقـمْ للدينِ منبرَه وباعدْ = منابرَ للسفاهةِ والتَّصابي
وجدِّدْ بالهدى النبويِّ وجهًـا = لأُمتِنا وحاذرْ أن تحابي
فللسفهاء ميدانٌ فسيحٌ = لبثِّ الإثـمِ معْ سوءِ الخطابِ
يسوقون النفوسَ إلى تبارٍ = من الأفعالِ والقولِ المُـعابِ
فهذا العصرُ يحكمُه ائتلافٌ = من الماسون بالأمر العجابِ
يجاهرُ بالمعاصي والمخازي = ويجفلُ من مساراتِ الصَّوابِ
وفتنتُـه مثالبُها تؤدَّي = بأهل الأرضِ بئستْ للخرابِ
لقد هجروا الوضاءةَ في المزايا = وعافوا خيرَهـا في كلِّ بابِ
إذا حدَّثتَهم عن يومِ بعثٍ = وعمَّـا فيه من ثقلِ الحسابِ
أشاحوا عنك لم يُعجِبْ هواهم = بيانا للشدائدِ في المآبِ
وإن ذكَّرتَهم بالموتِ لجُّـوا = بفعلِ المنكراتِ إلى التغابي
أناسٌ حاربوا دينا تسامى = ولم يخشوا مآلا في العذابِ
وإن ساءلتَهم عمَّـا استفادوا = بهذا النهجِ من ذاك الطِّلابِ
أجابتْك التفاهةُ بازدراءٍ = ومنهم لـم تجـد أدنى جوابِ
وماذا قد ترى ممَّن تعاموا = عن الآياتِ في أجلى خطابِ !
وعن سِيرِ الأفاضلِ جدَّدتْها = ليالٍ حُلوةٍ فيهـا عِذابِ
يمرُ زمانُهم من غير نفعٍ = فعيشُهُمُ لطيشٍ وارتيابِ
وتلك نفوسُهم جفَّت وأخوتْ = ولا تربو البقاعُ بلا سحابِ
وهل يجدُ النضارةَ قلبُ لاهٍ = بليلِ اللهو أو تيه التبابِ
فلا تعجبْ لغاوٍ قـد تمادى = بغابِ عاش فيه مع الذئابِ
وأمعنَ في التبذلِ لا يبالي = بعاقبة التوغلِ في السرابِ
يعيشُ ونفسُه في كفِّ خِـلٍّ = تقودُ إلى الرذائلِ بانتيابِ
ولا يحدوه من عقلٍ رشادٌ = يعيدُ فعالَه شطرَ المتابِ
رفاقُ السوءِ شأنهُمُ حقيرٌ = فعاشوه أخيرا باكتئابِ
فهل ندموا وهل ردُّوا خُطاهم = إلى عهدِ الفتوةِ والشبابِ ؟