من صحف الذكرى
(( في يوم وفاة الأخ الأديب الإسلامي الأستاذ / محمد حسن بريغش ـ يرحمه الله ـ ))
هوامش :
* نشرت بمجلة الأدب الإسلامي ــ العدد 42 ــ عام 1425هـ .
* كانت وفاته يرحمه الله في شهر جمادى الأولى للعام 1424هـ ، وذلك بعد وفاة ابنه الشاب ( بلال ) يرحمه الله بعام تقريبا ، حيث توفي الفتى يوم 12/4/1423هـ
* (1) إشارة إلى رسائله للأحبة أيام الأعياد .
* (2) إشارة إلى الحديث النبويِّ الشريف : ( أقربكم مني مجالس يوم
القيامة ... ) .
* (3) إشارة إلى مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة .
جودي بيومِ رحيلِه وأعيدي=من شدوِكِ المفجوعِ بنتَ قصيدي
وابكي أبا حسنِ الأبيِّ ، وردِّدي=حُسْنَ العزاءِ فقد مضى لخلودِ
غربتْ بيومِ وفاتِه شمسُ الوفا=ونأتْ خصالُ مودَّةٍ وعهودِ
واستأثري بجميل تذكارٍ له=فالذكرُ يحلو بالفتى المحمودِ
قد عاشَ عمرا في ربيعِ تواضعٍ=فاحتْ مآثرُه كطيبِ ورودِ
مترفعًا عن كلِّ مايُدني الفتى=من سوءِ فعلٍ أو هوىً مردودِ
متمتعا بالصَّالحاتِ وبالتُّقى =كالطائرِ الجوَّابِ بالتغريدِ
مستأثرا بسكينةٍ في بيتِه=مع أهلِه ، وبخُلْقِه المعهودِ
مستبعدًا أهلَ الشِّقاقِ ، ومَن له=باعٌ بفنِّ المكرِ والتنكيدِ
ومجانبا مَنْ جاءَ بالقولِ الذي=يؤذي مجالسَه بغيرِ قيودِ
ياصاحبَ الخُلُقِ الجميلِ ، ويا أخا=أهلَ الفضائلِ حزتَ سبقَ الجودِ
لمَّـا تصلْ منه الرسائلُ ملؤُها=شذوُ الوفا إذ طابَ يومَ العيد ( 1 )
إذ قلَّ في الزمنِ الرَّديءِ رجالُه=فالسوقُ بينَ مضلِّلٍ و بليدِ
بشراك ــ إن شاءَ الإلهُ ــ بجنَّةٍ=تُرجى لكلِّ مرابطٍ وشهيدِ
وبمجلسِ القربِ الحبيبِ من الذي=وَعَدَ الكرامَ بحوضِه المورودِ (2)
إنَّا لنشهدُ يا أخي أن لم تعشْ=إلاَّ رجاءَ الفوزِ بالموعودِ
تحدو وتكتبُ دونَ أدنى نبرةٍ=دلَّتْ على طمعٍ لأيِّ صعودِ
طلَّقتَ أروقةَ الوجاهةِ راضيًا=برواقِ ذي التمجيدِ والتَّحميدِ
واستنكرتْ كفَّاكَ أوسمةً لهم=تزهو بزيفِ سرابِها في الجيدِ
( أَمُحَمَّد الحسن البريغش ) إنَّها=دارُ الفناءِ لطارفٍ وتليدِ
لم يبقَ منها غيرُ ماصنعَ الفتى=لرضا الإلهِ الواحدِ المعبودِ
إنَّ الأُلى من قومِنا قد أدلجوا=بمفازةٍ ، واستبشروا بمزيدِ
ولظلِّ طوبى الباقيات تسابقوا=يزجون خطوَ الشوقِ بالتَّغريدِ
ماغرَّهم لعبُ الحياةِ ولهوُها=أو عاقهم ماكان من تصفيدِ
فلهم مآثرُ صدقِهم و ثباتهم=في وجهِ كلِّ معاندٍ عربيدِ
مستنكرين فعائلَ الطاغوتِ من=رأيٍ سقيمٍ أو أذى نمرودِ
ورحلْتَ تحملُ آهةً مسجورةً=من ظلمِ طاغيةٍ وبغيِ يهودِ
كم ذا هتفتَ وللبطولةِ أهلُها=وهزئتَ رغمَ الضيقِ بالتهديدِ
* * *=* * *
ذكراك باقيةٌ بسفرِ جهادِنا=ألقًا ينيرُ الدربَ سِفرُ صمودِ
فنَّدتَ دعوى لليهودِ خبيثةً=مدَّتْ مفاسدها يدُ التلمودِ
ذكراك في الكتبِ الأثيرةِ صفتَها=بقويمِ فكرٍ ناصعٍ منضودِ (3)
سفَّهتَ فيها ما الحداثةُ أحدثتْ=من مكرِ مبتدعٍ ، وكيدِ حسودِ
وصفعتَ بالحججِ السديدةِ زيفَها=فتهافتت بفسادها الموؤودِ
ورحلْتَ لكنْ لم تزلْ برحابنا=روحًا بظلِّ لوائِنا المعقودِ
ورؤىً لمن شاموا العلى وتزوَّدوا=من منهجِ التقوى بخيرِ جهودِ
وللآلِك الصبرُ الجميلُ فإنه=نورٌ يضيءُ دجى الليالي السُّودِ
في أسرةٍ عاشت عقودا عذبةً=في بيتِ عـزٍّ بالفخارِ مشيدِ
من زوجةٍ صبرتْ ، وبنتٍ حولها=وابنٍ أجادَ ، وآخرُ العنقودِ
يرعاهُمُ الرحمنُ في كنفِ الهدى=من شرِّ يُتمٍ أو هوى مردودِ
ويثيبُهم من فيضِ رحمتِه التي=تغشى حياةَ المؤمنين الصِّيدِ
ياربِّ أنزلْهُ المنازلَ ، أُفقُها=مهوى قلوبِ مواكبِ التوحيدِ