هوامش :
(1) أجينار : من ملوك الفينيقيين
(2) ساجان : قاصة فرنسية تُعنى بالجنس
(3) مأروض : مَنْ به خبل
(4) المبتض : المستأصَل
(5) إشارة إلى كتابات الحلول والكفر والفجور في كتابات أولئك
(6) رماد الأربعاء : إشارة لشاعر الجنس والعهر الإنكليزي إليوث
قالتْ : فديتُكَ هل للشعرِ من نظرِ=يرى فيخفق نبضُ القلبِ بالغُررِ !1
أما لنفسِك من حبٍّ ، ومن متعٍ=بها تعيشُ بلا شكوى ولا ضجرِ !!
ألم يُذوَّبْ بنارِ الشوقِ من أمدٍ=مضى عليك فؤادٌ ناءَ بالكدرِ !!
فكم قرأنا لأهلِ الشعرِ من غُررٍ=للحبِّ والشوقِ والمزمارِ في ُأُطُرِ
وشنَّفتْ سمعَنا أُغرودةٌ لفتتْ=طولَ الليالي خليًّا غيرَ منتظرِ
وكم تدلَّى ( أجينارٌ ) بطلعتِه=على يَدَيْ شاعرٍ من غابرِ العُصُرِ (1)
تروي الهوى بمزاجِ العصرِ ريشتُه=أُسطورةً دلفتْ في حسنِها النَّضرِ
كالغصنُ أورق يسقي جذلَ كبوتِه=صمتٌ تكابدُه الأجراسُ في حذرِ
ألمْ تصلْكَ الدواوين التي انتشرتْ=و ذاعَ صيتٌ لها في البدوِ والحضرِ !!
عن الخدود التي بيعتْ لكاهنِهم=عن الصدورِ التي باتتْ بلا سُتُرِ !!
عن الحضارةِ والحريةِ انطلقتْ=بثوبِها الناعمِ الغالي لمتَّجرِ !
عن الصليبِ الذي قد صارَ فلسفة=من غير تفعيلةٍ في الشعرِ أو خَفَرِ
فما لها اكتأبتْ فيك المنى ؟ وبكتْ=دنيا شبابك ، إذ هلَّتْ بلا ثمرِ !!
أما وجدتَ على التغريبِ تسليةً=( ساجانُ ) تزجي لها من نسجِها القذرِ (2)
فقمْ وجدِّدْ شبابَ الشعرِ متكئا=على ابتكارٍ جديدٍ غيرِ مندثرِ !!
بالحبِّ والكفرِ : فامزجْ منهما شفةً=على هزيزِ الهوى واشددْ على الوترِ
إنَّ التَّحرُّرَ يُغني كلَّ فاتنةٍ=وليس يتركُ للرجعيِّ من وزرِ !!
هفتْ على غيرِ ما للدينِ من قيمٍ=فبالهوى دولٌ طارتْ إلى القمرِ !
وأنتَ تسجدُ خمسًا بعد نافلةٍ=في الظهرِ والعصرِ والإمساءِ والسَّحرِ !
دعْ عنك رجعيةً لم تُغنِ في زمنٍ=فيه التقدمُ ياهذا لمفتخرِ !!
قالتْ : فقلتُ : اخرسي . يابئس عابثةٍ=جاءتْ لتبدلَ أمنَ القلبِ بالخطرِ
أغرَّكِ الزيفُ في أبناءِ جلدتِنا=فكنتِ لعبَتَهم بين اللهوِ والوطرِ !
أم أسكرتكِ ملذَّاتٌ بحانتهم=حيثُ المهازلُ لاتعدو هوى أشرِ !
باعوا عفافَك يا بلهاءُ ، بل ظفرتْ=بك التجارةُ ، بئسَ العُهرُ من ظفرِ !
وأشعلوها على الإسلامِ ضاريةً=حربًا ضروسا بمكرٍ ماجَ بالضَّررِ
يقاتلون بأقلامٍ مزيَّفةٍ=هدى الإلهِ ، وما للحقِّ من سورِ
أعمتْهُمُ النَّزواتُ : اللهوُ يركلُها=خلفَ التهافتِ في حفلٍ و مؤتمرِ
يقودُهم عَبَثًا إبليسُهم ويرى=أغلى مآربِه في أتفهِ النَّفرِ
فوضى السفاهةِ في تدميرِ فطرتهم=نارٌ تُؤجَّجُ في استهتارِ محتقَرِ
تفحُّ بالشهوةِ العمياءِ ما طلعتْ=لمَّا تعرَّتْ بغيرِ النَّابِ والظُّفُرِ
بهرطقاتِ بغاةٍ ما رأوا أبدًا=نورَ الطهارةِ يجلو لوثةَ البصرِ
يتاجرون ، ألا بارتْ تجارتُهم=وما بها من متاع الإثمِ والكِسَرِ
فانظرْ هُويَّتَهم تعرفْ معادنَهم * =في خسَّةٍ أنكرتْها رفعةُ البشرِ*
أهجتِ نفسَكِ ما هيَّجْتِ لي حلمًا=على الحرامِ ، ولا أغريتِ بالصُّورِ
رجعيتي درعُ إيماني ، و معتقدي=حصني الحصين ، ومَدِّي غيرُ منحسرِ
وليس زيفُكِ تغريني مفاتنُه=وكيف يقرن هذا الزيفُ بالدررِ !!
فلا تقودَنَّكِ الأوهامُ عابثةً=وتستخفُ بكِ الأهواءُ للضَّررِ
ولا تكوني لهم جسرًا إذا عبروا=ولا التفاتةَ غيٍّ خلفَ ذي نُكُرِ
قد أوغلوا بالإثاراتِ التي قلبتْ=دنيا الجمالِ إلى مستنقعٍ قذرِ
ولم يثبْ منهُمُ إلا أخو شيمٍ=على ارتطامِ عمى الألوانِ بالبصرِ
فمزِّقي ثوبَ إفسادٍ و بهرجةٍ=واستعصمي بالهدى و الطهرِ في العُمُرِ
فزينةُ الغيدِ جلبابٌ على خُمُرٍ=وللحجابِ وللإسلامِ فانتصري
وسفِّهي أُختَنا أحلامَهم و ذري=للتيهِ من زمرٍ تأسى على زمرِ
طابورُهم شبَّ في مرمى دناءتهم=على الفجورِ بليلِ الكأسِ و الوترِ
فكيفَ تُرجَى يدُ المخمورِ أوهنَها=لكي تُقيمَ علانا رعشةُ السُّكُرِ !!
أو كيف ينهضُ مأروضٌ بأُمتِنا=أو أن تقومَ على ضُرٍّ بمنحَدَرِ ؟! (3)
مَنْ عاشَ للعبثِ المبتضِّ صاحبُه=فقد تسربلَ بالبرسامِ والقِصَرِ !!(4)
ياضيعةَ العمرِ ولَّى خلفَ بائعه=يعوي على إثرِه والموتُ في الأثرِ
تفنى الرموزُ ( لميخائيل ) هذرمة=أو بالبدائع من ( جبران ) في الصورِ (5)
وليس ( فينيق ) بالرمز الخفيِّ فقد=عرَّتْه بنتُ رمادِ الرمزِفي الفكَرِ !
فدونك اليوم ساقتْها مذاهبُهم=سود الطلاسمِ في أكفانِ محتضرِ
فلملمي سترَكِ المفضوحَ في يدِهم=و أوِّبي للهدى بالتوْبِ و اعتبري
لم يصفعِ المجدَ إلا كفُّ خسَّتِهم=ولمْ تُوارِ العلى إلا يدُ الهذرِ
على سرابٍ من اللذَّاتِ قد ركعوا=وفي العمايةِ يستخفون من قدرِ !!
أو تحتَ وقْدِ نارِ ( رماد الأربعاء) مضوا=بفلسفات من الهندوسِ للحفرِ(6)
تبًّا لمَنْ بذلوا أيامَهم عبثً=مع العفاريتِ واختاروا لظى سقرِ
يا أختنَا : والمعالي ثوبُ عفَّتنا= * نادتْكِ فاستمعي للحقِّ لا الخُسُرِ
مدِّي يديكِ إلى الزهراءِ طاهرةً=تلْقَيْ ببردتها من يانعِ الثمرِ
تهدي انبعاثكِ بالتقوى إلى قيمٍ=وليس يُبقي حُنُوُّ الدينِ من عَسِرِ
وليس من متعةٍ أجدى لظامئةٍ=من دافقِ النُّورِ يا أُختاه في السُّوَرِ
يصونُكِ اللهُ بالرفقِ الذي ظهرتْ=به النُّبوَّةُ و المأثورُ في السِّيرِ
راموكِ صيدًا على شطآنِ شهوتِهم=وأنتِ في يَمِّنا أغلى من الدُّرَرِ
لم نستمعْ لسفيهٍ في محاضرةٍ=إلا دعاكِ لديجورٍ ومنحدرِ
على مساحبِ حريَّاتِ مَنْ كفروا=في الغربِ والشرقِ وفي آفاقها الأُخرِ
ألفيتُهم في فمِ الأهواءِ قهقهةً=ثملى بهم ، وتلاشتْ في دجى الخورِ
فإنَّ للغيِّ مهما اشتدَّ ساعدُه=بترًا ، وما لغُواةِ العصرِ من وزرِ