رسالة الإسلام
حسَّان أحمد قَمْحِيَة، سُوريا، ديوان شُعَراء الرَّسول
1. لَمَّا طَغَتْ في مَكَّةٍ ظَلْماؤُها
وطَفَتْ على أُمِّ القُرَى أَدْوَاؤُها
2. وَجدَ المُبشَّرُ في حِراءٍ أُنْسَهُ
والنَّفْسُ يَزْهُو بالسُّكُونِ صَفاؤُها
3. مُتأمِّلًا كَبِدَ السَّماء بمُهْجَةٍ
يَحْلُو لهُ عِنْدَ الغُرُوبِ بَهاؤُها
4. في خَلْوَةٍ راقَتْ لكلٍّ مُوَحِّدٍ
فحَنَتْ عَلَيْهِ أَرْضُها وسَماؤُها
5. هَيَّا اعْتَزِلْ في مَوْضِعٍ تَرْضَى به
سُبُلُ الهُدَى قَدْ أَشْرَقَتْ أَضْوَاؤُها
6. يَوْمٌ أَتَى رَسمَ الطَّريقَ لغايةٍ
في شِرْعَةِ الإِسْلامِ حانَ جَلاؤُها
7. اللَّيْلُ يَطْوِي في الظَّلامِ مُرادَهُ
وصَبِيحَةٌ مِثْلُ النُّجُومِ ضِيَاؤُها
8. جِبريلُ جاءَ مُحمَّدًا برسالةٍ
سَطَعتْ بها أمُّ القُرى وفَضَاؤُها
9. وتَتابَعُ النُّورُ الذي أَذِنَتْ بهِ
كفَسيلةٍ لَفَّتْ بها أَشْطاؤُها
10. اِقْرَأْ .. أَتَيْتُكَ من مَلِيكٍ خالِقٍ
فَطرَ البَسِيطةَ فاسْتطابَ بَقاؤُها
11. اِقْرَأْ .. أَعادَ نِداءَهُ مُتَتابِعًا
إنَّ الخَليقةَ للإلِه بِناؤُها
12. من نُطْفةٍ وبُوَيْضَةٍ بَرأَ الوَرَى
ولَقيحَةٍ في الرَّحمِ صارَ غِذاؤُها
13. اِقْرَأْ .. فرَبُّكَ مُنْجِزٌ وَعْدًا لَهُ
يُزْكِي النُّفوسَ فيَرْتَقي أَبْناؤُها
14. خَوْفٌ يَلفُّ مُحمَّدًا في غارِه
والنَّفْسُ في كَنَفِ الرَّحِيم وِقاؤُها
15. عادَ النَّبيُّ لبَيْتِهِ مُتَوجِّسًا
وخَديجةٌ من حَوْلهِ ورَجاؤُها
16. أَنْ يَهْدَأَ الرَّوْعُ الذي في خَلْدِهِ
هَذِي الحَياةُ كَثِيرةٌ أَعْبَاؤُها
17. حتَّى إذا هَدَأَ الحَبيبُ وأَيْنَعَتْ
آياتُ قُرْآنٍ وزادَ نَمَاؤُها
18. خَرَجَ النَّبيُّ بأَهْلِ مَكَّةَ داعِيًا
فتَجَهَّمتْ وتَنكَّبَتْ كُبَراؤُها
19. وتَهلَّلتْ رُوحُ الضِّعافِ لدَعْوةٍ
فكأنَّها شَمْسٌ بَدَا لَأْلاؤُها
20 إنِّي رَسولُ الله جِئْتُ مُبشِّرًا
أُجْلِي الحَقيقةَ إِنْ تَعكَّر مَاؤُها
21. لا فَرْقَ بينَ كَبيرِكُم وصَغيرِكُمْ
هَذي الشَّريعةُ أُعْلِنَتْ أَنْباؤُها
22. قَدْ آمنَ الجَمْعُ الذي أَحْبَبْتهُ
والنَّبْتةُ الخَضْراء زادَ لِحَاؤُها
23. سارَتْ رِكابُ مُحمَّدٍ مَكْلوءَةً
باللُّطْفِ ما ضرَّتْ بِها أَعْداؤُها
24. في كلِّ خافِقةٍ تأجَّجَ نورُها
فجَلا بهِ إصْباحُها ومَساؤُها
25. وأَبَى أَبُو لَهَبٍ تَقبَّحَ وَجْهُهُ
أَرْدَتْ به أَلْفاظُهُ وجَفَاؤُها
26. آذَى النبيَّ بقَوْلهِ وبزَوْجهِ
فالنَّارُ في يَوْم القِيامِ جَزاؤُها
27. اِصْبِرْ رَسُولَ الله .. أَنْتَ بعَيْنِنا
وقُطُوفُ صَبْركَ عِنْدَنا خَضْراؤُها
28. سيَسُودُ دِينُ الله أَرْضَ عِبادِهِ
حَتَّى يُعمَّرَ بالطُّيُوبِ كِسَاؤُها
29. تَمْشِي الحَرائرُ لا تَخافُ مَلامَةً
في دِينِ مَوْلاها يُصَانُ خِباؤُها
30. وكُنُوزُ كِسْرى أَصْبحَتْ لسُراقَةٍ
وَعْداً له .. بِرُّ الوُعُودِ وَفاؤُها
31. كَثُر الأذَى بصَحابةٍ ونَبيِّهمْ
في مَكَّةٍ وبَغَى بِها طُلَقاؤُها
32. فأَوَى الصَّحابَةُ للرَّسولِ بمِحْنةٍ
فاضَتْ عَلَيْهِمْ بالعَنا بَلْوَاؤُها
33. أَذِنَ الرَّسولُ بهِجرةٍ لمَدينةٍ
صارَتْ مُنوَّرةً فَطابَ لِقاؤُها
34. وَصَلَ النبيُّ ليَثْرِبٍ فتَهلَّلتْ
أَطْفالُها ورِجالُها ونِسَاؤُها
35. آخَى بيَثْربَ بَيْنَ كلِّ مُهاجِرٍ
ونَصِيرِه فسَمَتْ بِهْم بَطْحاؤُها
36. وبَنَى بأَرْضِ قُباءَ أَوَّلَ مَسْجِدٍ
فتَعَطرَّتْ مَنْ طَيبِه أَجْوَاؤُها
37. ثمَّ ابْتَنى في أَرْضِ طَيْبةَ مَسْجِدًا
فمَشَى على دَرْبِ الهُدَى أَبْناؤُها
38. هُمْ ناصَروا دينَ الإله بقَلْبِهمْ
إنَّ المَحبَّةَ في القُلوبِ بَقاؤُها
39. خَرَجَ النَّبيُّ بيَوْم بَدْرٍ طالِبًا
حَقًّا .. فمَا رَدَّ الحُقُوقَ بُكَاؤُها
40. وقَضَى الإلهُ بأَنْ تَكونَ وَقِيعةً
ولِواءُ ربِّ العالِمينَ لِواؤُها
41. فتَوثَّبَ النَّصْرُ العَظيمُ لفِتْيةٍ
حَفِظُوا الشَّريعَةَ فانْزَوَى أَعْداؤُها
42. والفَوْزُ كانَ حَليفَهُمْ يَوْمَ الْتَقَوْا
في وَقْعَةِ الأَحْزابِ شُجَّ إِباؤُها
43. الحَرْبُ تَأْتِي في الخِتامِ برايَةٍ
خَفَّاقةٍ يَزْهُو بِها أُمَراؤُها
44. يَبْقَى السَّلامُ مُرادَ كلِّ مُسدَّدٍ
أمَّا الحُروبُ ففي الأَنامِ بَلاؤُها
45. في فَتْحِ مَكَّةَ لاحَ نَصْرٌ عَارِمٌ
أُمُّ القُرَى مُزْدانَةٌ أَرْجاؤُها
46. قَدْ جاءَ نَصْرُ اللهِ فَتْحًا عابِقًا
والنَّاسُ في دِين السَّلامِ نِداؤُها
47. وتَزيَّنتْ أَكْنافُ مَكةَ كُلُّها
بمُحمَّدٍ وتَباركَتْ أَنْحَاؤُها
48. هذا كِتابُ الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ
فتَبسَّمتُ أَرْضُ الهُدَى وهَواؤُها
49. في سُنَّةِ الهَادِي تَطِيبُ مَراتِعٌ
ويَطِيبُ فِيها صَيْفُها وشِتاؤُها
50. الشِّعْرُ في مَدْحِ النَّبيِّ غَمَامةٌ
بالوَابِلِ المَسْكُوبِ سَحَّ عَطاؤُها
51. فاكتُبْ لَنا ربَّ البَريِّةِ شَرْبةً
مِنْ كفِّ أَحْمدَ بالجِنَانِ رُواؤُها
52. واطرَحْ بلُطْفٍ مِنكَ سِلْمًا وارِفًا
حتَّى يُمَكَّنَ في الرِّياضِ بَهاؤُها
53. بِلِّغْ صَلاتِي للحَبيبِ مُحمَّدٍ
ما أَشْرَقَتْ في طَيْبةٍ بَطْحاؤها
وسوم: العدد 720