رواية "أصفاد من ورق"

كتب .. كتب .. كتب :

واحد وعشرون

رواية "أصفاد من ورق"

ليوسف هداي ميس

حسين سرمك حسن

– أربع روايات عراقية جديدة

عن دار ضفاف (الشارقة / بغداد) ودار تموز صدرت أربع روايات لأربع كتّاب منهم من هو معروف تماماً وقد ثبت أقدامه على أرضية الواقع السردي منذ عقود ، ومنهم من لم نسمع باسمه كسارد معروف وقد يكون هذا عمله الأول ، أو أنّ التقصير منّا بسبب نقص المتابعة . وأعتقد أنّ ما صدر من روايات لكتّاب عراقيين خلال العشر سنوات السابقة يفوق كل ما صدر من روايات عراقية خلال المئة سنة الماضية . وهي علامة صحّة حتى لو كانت علامة كمّية ، فالجودة نوع سوف تأتي من خلال هذا الكم وتصارع مضاكمينه وأشكاله وخضوعه لمبضع النقد الصارم بيد الناقد الذي لا يجامل ولا يحابي كما ننتظر ؟

واحد وعشرون - رواية "أصفاد من ورق" ليوسف هداي ميس (260 صفحة) ،

وأعتقد أنها تدور حول موضوعة إنسانية مركزيّة هي ظاهرة "البدون" التي لم تُعالج من قبل روائياً في عمل مستقل كما أظن :

(بعد أن فرغتُ من قراءة هذه الحزمة من الأوراق والتي جاءت يد القدر فمنعت فهد من إكمالها ، عرفت بائنهم أناس مظلومون ، ما أن يستقروا في مكان حتى يُهجّروا عنوة إلى غيره . وهذا ما حصل لهم في العراق ، لم يطب المقام لهم هنا فقرروا الرحيل .. ليس كلهم بل من استطاع إليه سبيلا .. إنها الهجرة الثالثة في التغريبة "البدونية" . كانت هجرتهم الأولى من البادية إلى الكويت ، حيث استقروا لعقود من الزمن ، ليجدوا أنفسهم على حين غرّة خلف حدود "العبدلي" في الهجرة الثانية . وبعد أن ضاقوا بالعراق أو أن العراق هو من ضاق ذرعاً بهم ، حزموا أمتعتهم ليهاجروا مجدّداً إلى أمريكا وأوروبا وكندا واستراليا حيث يجدون جزءا من كرامتهم المهدورة وإنسانيتهم المُنتهكة لتكون تلك الدول مستقرهم الأخير .

هاجر عبد الله إلى لندن فيما وجد لافي نفسه بين ظهراني حبيبته هولندا . أما أنا ، فلس لي ن بلد أذهب إليه ولا ملجأ سوى العراق أو كمّا سمّوه البدون "سويسرا أمّ النخل" ) (ص 259) .

في موقع "منتديات ستار تايمز" نُشر هذا الرأي عن الرواية :

(تدور أحداث الرواية خلال فترة الثمانينات من القرن المنصر ، وهي الفترة الأصعب في تاريخ هذه الفئة التي بلغ التضييق خلالها أعلى مستوياته.

بطل الرواية شاب اسمه فهد، له طموحاته الكبيرة بأن يصبح طبيبا وأن يتزوج من ابنة عمه التي أحبها بشغف، بيد انه يصطدم بحالة حصار تفرضها عليه الحكومة الكويتية ، وحالة القتل المدني كما جاء على لسان البطل ، وذلك عن طريق تهميشهم وعدم منحهم أية ثبوتيات تحدد معنى تواجدهم أو كنه هويتهم..

يصف الكاتب هذا الحيف الذي وقع على "البدون" بأنه أشبه بقيود تكبلهم وتمنعهم عن تحقيق أبسط أحلامهم. ليست هي بقيود حديدية ، بل هي عوائق وُضعت لغرض خنق هذه الفئة ومحاصرتها بقوانين مكتوبة يعتبرها الكاتب "أصفاد من ورق" تقيّد حركة فئة البدون.

الرواية عبارة عن بحث عن الهوية الضائعة، ولعل كل من يقرئها يتساءل عن أصل هذه الفئة وهويتهم الحقيقية كما جاء في الرواية على لسان بطلها فهد : "هل نحن أمة حتى نبحث عن وجودنا ؟ أم علّنا طائفة ما أو أقلية تروم انتزاع الاعتراف الدولي بكيانها؟ كلا.. وعلى العكس من ذلك، فنحن نبحث عمن يلغينا، ينهي كياننا ، نتمنى لو نعدم هذه الكلمة من قاموس الحكومة الكويتية، فخلاصنا في إلغائنا. لعل السؤال عن هوية البدون ، يقودنا للتساؤل عن هوية الرواية ذاتها، هل ندرجها ضمن الروايات العراقية كون كاتبها من العراق أم نعتبرها رواية كويتية لأنها تعيش أحداثا كويتية صرفة. وتتعرض لتابوهات سدلت دونها وسائل الإعلام ستارا يحجبها عن الظهور

غلاف الرواية هو أول مايثير الانتباه ، يعبّرعن مضمون الرواية، وهي صورة فوتوغرافية، لشاب تغطي كل وجهه ورقة يحملها كتب عليها "البدون يشهد لهم1920،1967،1973،1990" وهي أعوام أبلى بها البدون بلاءً حسنا في معارك خاضتها الكويت..

لا شك إن ما يكشف عنه المؤلف في هذه الرواية سيثير دهشة القارئ. فقد استطاع من خلالها طرح قضيه أزلية لا توجد أي أراده سياسية في تسويتها منذ سنين عدة ، فهو يعلن وبصراحة ان هذه الفئة ، تحتاج إلى تسليط الضوء إعلاميا وسياسيا لفئة لا تعرف انتماءها ، ولو قرأنا هذه الرواية قراءة حقيقية ، لأدركنا سمو أهدافها ونبل غاياتها الأخلاقية والروحية التي هي تأكيد لقيم التسامح وتقبل الآخر، واحترام حقوق الإنسان ورفض مبدأ العنف)

ويوسف هدّاي حاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة البصرة سنة 2000 ، وله رواية منشورة سابقا هي (بين الأعور والشيطان) .